تحقيق للوموند: هذه خطة إسرائيل لإعادة تشكيل قطاع غزة

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

خلال ما يقرب من 7 أشهر من الحرب، أعاد الجيش الإسرائيلي تشكيل قطاع غزة وفقا لاحتياجاته، وبينما يناقَش مستقبل الحكم في القطاع داخل الحكومة الإسرائيلية، دمرت القوات المسلحة بشكل منهجي، على عرض كيلومتر واحد على الأقل، كل المباني على طول الحدود، وهي تقوم بإنشاء ممر عسكري يعزل مدينة غزة.

بهذا الملخص افتتحت صحيفة لوموند الفرنسية تحقيقا صحفيا مدعوما بالرسوم البيانية التوضيحية، أوضحت في بدايته أن إسرائيل تقوم بهدم المباني في “المنطقة الأمنية” المتاخمة لحدودها مع القطاع، مما يحرم غزة بشكل دائم من 16% من أراضيها الزراعية، بعد أن أجبرت مئات الآلاف من السكان على مغادرة شمال القطاع وسيطرت على طريق يمنع عودتهم، ويحد في نفس الوقت من مرور المساعدات الإنسانية.

هياكل مؤقتة أم دائمة؟

ويشن الجيش -كما تقول الصحيفة- غارات من قاعدتين أماميتين أقيمتا على هذا الممر، ويقوم ببناء هياكل جديدة على الساحل، من المفترض أن تؤمن إيصال المساعدات عن طريق البحر، كما وعد بذلك الحليف الأميركي.

ولكن أحد الدبلوماسيين الغربيين يخشى من أن إسرائيل تقدم هذه الهياكل على أنها مؤقتة، لكنها تمثل أمرا واقعا يمكن أن يستمر لفترة طويلة.

ويهدف اليمين الإسرائيلي -حسب تحقيق لوموند- إلى جعل مدينة غزة المدمرة منطقة عازلة خالية من السكان في الشمال، أو إعادة احتلالها.

علما أن كافة مكونات الائتلاف الحاكم في إسرائيل تطالب “بترك حرية العمل” للجيش على المدى الطويل هناك، وهم متفقون على أن مرحلة “الاستقرار” يجب أن تستمر لسنوات عديدة بعد الحرب، مما يتطلب غارات منتظمة على حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وبقية الكتائب المسلحة في غزة.

منطقة عازلة

توضح لوموند أن إسرائيل دمرت بشكل منهجي المباني على شريط من الأرض يبلغ عرضه كيلومترا واحدا على طول حدود غزة، ويمتد عبر الأراضي الزراعية التي كانت تنتج قبل الحرب حوالي 20% من احتياجات القطاع الغذائية.

وتتجاوز هذه المساحة في نقاط منها كيلومترا، كما في قرية خزاعة المدمرة.

وقد تحدث القادة السياسيون اليمينيون في إسرائيل عن ضرورة معاقبة غزة من خلال بتر جزء من أراضيها.

أما رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو فقال “إن المنطقة الأمنية التي تم إنشاؤها في قطاع غزة، على محيط حدود إسرائيل، ستظل موجودة ما دامت الحاجة إلى الأمن تتطلب ذلك”، لتعلق الصحيفة الفرنسية بأن هذا التدمير الهائل للممتلكات المدنية يمكن أن يشكل جريمة حرب، وعلى المدى الطويل استيلاء على الأراضي.

وقدر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، في فبراير/شباط الماضي أن “إسرائيل لم تقدم أسبابا واضحة لمثل هذا التدمير الواسع النطاق للبنية التحتية المدنية”، وذكّر “السلطات بأن النقل القسري للمدنيين يشكل جريمة حرب”.

أما الولايات المتحدة فاعترفت بما اعتبرته الضرورات الأمنية لحليفتها، مع التأكيد على أنها يجب أن تظل مؤقتة.

شمال غزة

وزادت لوموند بأن القرار الإستراتيجي الرئيسي للجيش الإسرائيلي في هذه الحرب يبقى هو التهجير القسري لسكان شمال قطاع غزة، من أجل تفكيك كتائب حماس وتدمير جزء من بنيتها التحتية كما يقول.

إلا إن نحو 300 ألف فلسطيني لا يزالون هناك معزولين ومهددين بالمجاعة، بحسب الأمم المتحدة، برغم أن الجيش الإسرائيلي سمح -تحت ضغط دولي- “لشركاء من القطاع الخاص” بتقديم المساعدات لهم.

وفي هذا السياق، يشن وزراء الوسط في حكومة الحرب الإسرائيلية حملة من أجل إنشاء “كيان فلسطيني محلي” مسؤول عن الشؤون المدنية، من دون الإشارة صراحة إلى حركة فتح أو السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس، وهم يحاولون إقناع دول عربية بالإشراف على هذه السلطة المحلية مع إسرائيل ونشر قوات في غزة.

وبحسب لوموند، فإن دولا عربية مقترحة تعارض هذه الخطة.

جيش الاحتلال يقول إن “طريق نتساريم” وجد ليبقى وسيقسم قطاع غزة إلى نصفين (الجزيرة)

تقسيم غزة

ويقسم “ممر نتساريم” قطاع غزة في المنتصف، وتؤكد الصحيفة الفرنسية أنه طريق عسكري وسعه الجيش منذ منتصف شهر فبراير/شباط، على مسار طريق قديم كان مخصصا للمستوطنين اليهود من مستوطنة نتساريم، قبل الانسحاب الإسرائيلي في عام 2005، ويبلغ طوله 7 كيلومترات، وهو يعزل مدينة غزة التي يمنع سكانها من العودة إليها.

وتظهر صور الأقمار الصناعية استمرار بناء قواعد أمامية ونقاط تفتيش على الطرق الساحلية وفي صلاح الدين وسط القطاع، وقد نفذ الجيش غارات من هذه القواعد، لا سيما على مستشفى الشفاء في شهر مارس/آذار الماضي.

كما تُظهر صور الأقمار الصناعية التي التقطت في بداية شهر مارس/آذار الرصيف الجديد الذي بنته منظمة المطبخ المركزي العالمي غير الحكومية من أنقاض المباني. وعلى بعد 6 أميال بحرية، تقوم السفن العسكرية الأميركية ببناء “جسر عائم” مؤقت، من المقرر أن يبدأ تشغيله في الفترة قبل سبتمبر/أيلول.

وتقيم إسرائيل منطقة عسكرية على الساحل، وتزعم أنها لأجل “تأمين تفريغ المساعدات الإنسانية الدولية المنقولة بحرا”.

نازحون

وتذكر لوموند أن الشريط الرملي الذي تبلغ مساحته 6.5 كيلومترات مربعة حيث كانت تقع مستعمرات غوش قطيف الإسرائيلية قبل الانسحاب الإسرائيلي عام 2005، يستضيف اليوم مئات الآلاف من النازحين، وقد حددت إسرائيل هذا الموقع بأنه “منطقة آمنة” في أوائل ديسمبر/كانون الأول 2023، وأعلنت توسيعه في 28 أبريل/نيسان.

و”المواصي” هي منطقة ساحلية فلسطينية تقع جنوبي غرب غزة اشتهرت بأراضيها الزراعية ومياهها الجوفية العذبة، وقد تحولت بفعل سياسات الاحتلال الإسرائيلي من “سلّة غذاء قطاع غزة” إلى أراض قاحلة، وبؤرة للنزوح في القطاع.

كما يتجمع أكثر من مليون نازح في خيام حول مدينة رفح في الجنوب، حيث أعلنت إسرائيل عن هجوم بري كبير لاستعادة السيطرة على “ممر فيلادلفيا” على الحدود مع مصر، وذلك لمكافحة تهريب الأسلحة عبر الأنفاق، وملاحقة كتائب حماس والإدارة المدنية التابعة لها، حسب رواية إسرائيل.

وتظهر صور الأقمار الصناعية التي حللتها صحيفة لوموند أن إسرائيل بدأت -في منتصف شهر فبراير/شباط- في تطوير الممر العسكري الذي يعزل مدينة غزة عن بقية القطاع، عبر مسار طريق المستوطنين من مستوطنة نتساريم، ويتمركز هناك لواءان في موقعين متقدمين، مجهزين بهوائيات ورادارات وقدرات مراقبة، تصل أضواؤها إلى مسافة بعيدة في ليل القطاع الحالك السواد بسبب انقطاع الكهرباء.

ويثير تعزيز هذه الهياكل مخاوف من أن الجيش “يستعد للبقاء لفترة أطول” في المنطقة، كما يقول القاضي سكوت أندرسون، نائب مدير العمليات في وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في غزة.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *