بين البروتوكول و”المماطلة”.. متى تفتح “أونروا” مدارسها في عين الحلوة؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

جنوب لبنان- ما تزال الأوضاع الأمنية المتوترة تلقي بظلالها على الأوضاع التعليمية في مخيم عين الحلوة بمنطقة صيدا، الذي يُعتبر عاصمة الشتات الفلسطيني في لبنان.

ورغم بداية العام الدارسي الجديد، لم تتمكن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من فتح مدارسها الثمانية في المخيم، التي تضررت نتيجة اشتباكات مسلحة مؤخرا.

ودفع هذا الحال الوكالة لنقل طلابها، وعددهم نحو 600 طالب، مؤقتا إلى مدارسها المجاورة للمخيم وفي قلب مدينة صيدا، حيث يتلقون التعليم بنظام الفترتين، مما أثار نوعا من الاعتراض السياسي والشعبي بسبب مشقة الانتقال والأعباء المالية.

وتضررت المدارس إثر الاشتباكات المسلحة بين حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” و”تجمع الشباب المسلم”، على خلفية اغتيال قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا اللواء أبو أشرف العرموشي ومرافقيه، في نهاية يولو/تموز الماضي.

ومع تصاعد عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة بعد عملية “طوفان الأقصى”، بادرت حركة “فتح” إلى تخفيف التوتر وإزالة الحواجز والسواتر من الشوارع، وأعادت فتح الطرقات باستثناء منطقة “الطوارىء” التي تفرض عليها حصارا عسكريا، حتى يتم تسليم المشتبه بهم.

وبعد توقف الاشتباكات وتخفيف التوتر، بدأت وكالة “أونروا” أولى إجراءاتها لترميم وإعادة فتح بعض مرافقها، حيث باشرت بالتعاون مع المنظمة الدانماركية لنزع الألغام “دي سي إيه” (DCA)، عملية مسح المدارس الأربعة في منطقة بستان القدس (قبية، الفلوجة، مرج بن عامر، حطين)، بالإضافة إلى مكتب خدمات الصحة البيئية ومكتب الإغاثة والخدمات الاجتماعية، للتأكد من خلوها من أي مواد غير منفجرة، والتنسيق مع الجيش اللبناني لإبطال مفعولها.

الأضرار تطال مباني المدارس والصفوف الدراسية في مدارس “أونروا” جنوب لبنان (الجزيرة)

بروتوكول الوكالة

في هذا السياق، قال رئيس دائرة التربية والتعليم بوكالة “أونروا” في صيدا محمود زيدان، إن الوكالة تلتزم ببروتوكول لا يمكن تجاوزه أو القفز فوقه، في الكشف الأمني على أي مركز أو مكتب أو مدرسة دخل إليها مسلحون.

وأوضح زيدان للجزيرة نت، أن الوكالة باشرت عبر فريق تخصصي عملية المسح في مكاتب مدير المخيم والشؤون الاجتماعية وإحدى المدارس، وستواصل عملها الأسبوع المقبل على بقية المدارس.

وأضاف زيدان “بعد ذلك، يأتي فريق الهندسة التابع لأونروا لمعاينة الأضرار وتقدير التكلفة، على أن تجري عملية الترميم في أسرع وقت ممكن، تمهيدا لعودة الطلاب”. مشيرا إلى أن “فريق الكشف الأمني عثر على قنابل لم تنفجر، وعلى قذيفة عالقة بين جدار وشبك حديدي، ويتم إبطال مفعولها بالتعاون والتنسيق مع الجيش اللبناني”.

وفي حين نفى زيدان وجود أي مهلة لإنجاز هذه المراحل، أكد أن “الأونروا” حريصة على عودة آمنة لطلابها”، موضحا أن الأضرار لا تقتصر فقط على المباني، بل تشمل أيضا التجهيزات، حيث تعرضت أجهزة الحاسوب للتلف في بعض المدارس، وتضررت وفقدت الكتب والأدوات المكتبية. كما أن البنية التحتية من الكهرباء والمياه تحتاج إلى صيانة.

حجم الأضرار داخل مدارس الأونروا بعد الاشتباكات
أضرار واسعة داخل مدارس “أونروا” في مخيم عين الحلوة جنوب لبنان تعوق عودة الحياة التعليمية (الجزيرة)

مماطلة مقصودة

في المقابل، ترى القوى الفلسطينية أن هناك “مماطلة مقصودة من قبل أونروا” في إطالة أمد الأزمة، حيث يظهر كأنها لا ترغب في تحمل المسؤولية في المخيم، أو تنوي نقل مؤسساتها منه، وفقا لما صرح به مسؤول العلاقات السياسية لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” في صيدا، الدكتور أيمن شناعة، الذي اعتبر أن عودة العملية التربوية إلى نمطها الطبيعي في عين الحلوة تعني المزيد من الأمان والاستقرار، وليس العكس.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال شناعة “ليس لدينا مخاوف من تدهور الوضع الأمني في المخيم، ولكن لدينا شعور سيئ تجاه إدارة أونروا بسبب المماطلة والتسويف في إعادة الطلاب الى صفوفهم، خاصة في المدارس الأربعة البعيدة نسبيا عن مسرح الاشتباكات السابقة”.

وبرأيه، لم يكن هناك حاجة لاتخاذ كل هذه الإجراءات وتأخير بدء تنفيذها، داعيا إلى الإسراع في إنجاز عمليات المسح والترميم والصيانة، “وعدم التذرع بالعجز المالي في المدى المقبل”.

وإذ تتوقع مصادر فلسطينية للجزيرة نت، الانتهاء من عملية المسح في غضون أسبوع، وأن يتم الكشف الهندسي والترميم خلال 3 أسابيع، أعربت عن أملها في أن يعود الطلاب إلى مدارسهم الأربعة مطلع العام الجديد 2024، أي بعد عطلتي الميلاد ورأس السنة في لبنان.

وقال مسؤول العلاقات السياسية لحركة “الجهاد” الإسلامي في صيدا عمار حوران، إن الوضع الأمني مستقر، مما يسهم في الإسراع باتخاذ هذه الخطوة التي تنتظرها القوى السياسية والشعبية والأهالي الذين يتحملون العبء المالي الإضافي في ظل الأزمة المعيشية والاقتصادية الصعبة.

وفي حديثه للجزيرة نت، أبدى حوران خشيته من تحرك “أونروا” لنقل مؤسساتها خارج المخيم كجزء من خطة تقليص الخدمات، مؤكدا أن هناك رفضا قاطعا لهذه الفكرة ولنقل الطلاب إلى صيدا طوال العام الدراسي الجديد.

وقال إنه تم التوصل إلى اتفاق مؤقت في هذا الصدد بانتظار إجراء الكشف الأمني والصيانة والترميم، معربا عن أمله في “أن تلتزم الإدارة بوعودها وتتجنب سياسة التماطل التي اعتادت عليها في كل موضوع يتعلق بحقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *