طهران- أعلن الحرس الثوري الإيراني، اليوم الأربعاء، عن إطلاق قوة الجو-فضاء التابعة له، القمر الصناعي “نور-3” إلى الفضاء، ووضعه بنجاح في مدار يبعد 450 كيلومترا عن سطح الأرض، موضحا أن المهمة تمت بواسطة صاروخ “قاصد” الحامل للأقمار الصناعية محلي الصنع.
وكتب وزير الاتصالات الإيراني عيسى زارع بور، على حسابه في مواقع التواصل الاجتماعي، “بجهود المتخصصين في قوات الجوفضاء التابعة للحرس الثوري، تم قبل لحظات وضع القمر الصناعي المخصص للتصوير “نور 3” بواسطة حامل القمر الصناعي الإيراني “قاصد” في مدار على بعد 450 كيلومترا من الأرض”.
وهنّأ زارع بور الشعب الإيراني والعاملين في منظمة الفضاء الإيرانية وخبراء قوة الجوفضاء في الحرس الثوري على هذا النجاح، مؤكدا أن العام الجاري سيكون “مثمرا لصناعة الفضاء في الجمهورية الإسلامية”.
خارطة طريق
من جانبه، أعلن القائد العام للحرس الثوري اللواء حسين سلامي، أن بلاده ستستخدم المعلومات التي سيجمعها القمر الصناعي “نور 3” من سطح الأرض لاستكمال احتياجات الحرس الثوري من المعلومات.
وأوضح في تصريحات صحفية، أن إطلاق هذا القمر الصناعي يتماشى مع خارطة طريق إطلاق الأقمار الصناعية للحرس الثوري، وأن وزن القمر الصناعي الجديد يفوق 7 كيلوغرامات من قمر نور-2 ويمتلك معدات تصوير ذات دقة وجودة أفضل، “ويكمل بشكل طبيعي إحدى الحلقات في منظومتنا للأقمار الصناعية”.
وأفاد المتحدث باسم منظمة الفضاء الإيرانية حسين دليريان، أن “نور-3” هو قمر عسكري مخصص للاستطلاع والتصوير وجمع الإشارات والترددات، وكان يعرف قبل اليوم باسم “قمر نجم”.
وأضاف أن بلاده كانت قد خططت لإطلاق عدد من الأقمار الصناعية إلى الفضاء هذا العام وأن الأشهر المقبلة، حتى قبل 20 مارس/آذار المقبل، ستشهد تجارب مماثلة لأقمار أخرى مدرج إطلاقها على جدول الأعمال.
حرب التجسس
وفي حديث للجزيرة نت، اعتبر دليريان، قمر نور-3 نسخة متطورة لقمر نور-2 وأن تجربة اليوم تأتي استكمالا لعملية إطلاق الأخير في مارس/آذار 2021، حيث وضع في مداره بنجاح على مدى 500 كيلومتر حول الأرض على متن صاروخ قاصد.
وكانت منظمة الجوفضائية التابعة للحرس الثوري، أطلقت قمر نور-1 باعتباره أول قمر عسكري إيراني على متن صاروخ قاصد، ووضعته في أبريل/نيسان 2020 بنجاح في مدار 425 كيلومترا حول الأرض.
وأوضح المتحدث باسم منظمة الفضاء الإيرانية، أن ما يميز قمر نور-3 عن النسخة السابقة، أن الأجهزة والمنظومات المستخدمة فيه أكثر تطورا مقارنة مع القمر السابق، كما أنه يوفر صورا ذات جودة عالية.
من جهته، اعتبر الباحث في الشؤون الدفاعية والعسكرية محمد شلتوكي، أن الزيادة في وزن النسخة الحديثة من قمر “نور”، تدل على إضافة أجهزة ومنظومات جديدة إلى جسم قمر نور-2 ومنها أجهزة استشعار الترددات الفضائية، مما سيمكّن الحرس الثوري من تلبية احتياجاته الاستخبارية.
وخلال إشارته إلى التهديدات التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل أيام -أثناء كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة- وحديثه عن “ضرورة مواجهة إيران بتهديد نووي ذي مصداقية”، قرأ الباحث الإيراني إطلاق قمر نور-3 في سياق “الحرب الاستخبارية والتجسسية التي تخوضها جبهة الأعداء بحق طهران”، وفق تعبيره.
كسر المحظور
وأكد للجزيرة نت، أن الحرس الثوري قد كسر المحظور بجمع المعلومات عبر الفضاء من كيان الاحتلال، وأن أغلب الدول التي تمتلك صناعة فضائية على ولاء مع إسرائيل ولم تنشر صورة واحدة حتى الآن عن مراكزه الحساسة في فلسطين المحتلة.
وشدد على أن سلسلة أقمار “نور” شكّلت طفرة نوعية في جمع المعلومات المطلوبة “واختراق الحاجز الذي كان مبسوطا على سماء الكيان الإسرائيلي”.
“وعلى وقع الهجمة الأميركية ضد الصناعة العسكرية الإيرانية والعقوبات التي تواصل واشنطن فرضها على برامج طهران النووية والصاروخية والفضائية، يأتي إطلاق قمر “نور 3” ليؤكد فشل سياسة العقوبات وليرسل رسالة مفادها أن الجمهورية الإسلامية ماضية في تطوير التكنولوجيا وفق حاجات البلاد، بحسب شلتوكي.
وأوضح الباحث الإيراني، أن قمر نور-3 يعتبر ثالث قمر عسكري تطلقه بلاده إلى الفضاء بنجاح، لافتا إلى أن طهران لديها أقمار صناعية أخرى مثل “قمر خيام” لأغراض مدنية.
وأضاف أن مهمة قمر “نور1” قد انتهت وأنه خرج من مداره، وأن مهمة قمر “نور2” ستنتهي بعد نحو عام، فيما ستستمر مهمة قمر نور-3 قرابة 3 أعوام على المدار المنخفض من الأرض.
وقال إن صاروخ “قاصد” انطلق على 3 مراحل وبسرعة تبلغ 7.6 كيلومترات في الثانية، حيث تمكن من وضع قمر نور-3 بعد مرور 500 ثانية فقط من إطلاقه في المدار المخصص له، مؤكدا أن هذا الصاروخ أثبت جدارته في تنفيذ المهام الفضائية.
وأكد أن “وزارة الدفاع والجيش الإيرانيين لديهما مشاريع فضائية عسكرية قد نسمع عنها الكثير خلال الفترة القصيرة المقبلة، إلى جانب مشاريع الحرس الثوري المتقدمة التي تمضي على قدم وساق”.