إدلب- مضت 3 أشهر على الحراك المناهض لهيئة تحرير الشام في إدلب، في ظل غياب مشهد واضح لنهاية هذا الحراك، بعد الدخول في المواجهة والتصعيد وإنزال العسكر إلى الشارع ومنع المظاهرات التي تتوجه من الأرياف إلى مركز المدينة بالقوة وتفريقها بالغازات المسيلة للدموع.
وتبرر حكومة الإنقاذ استعمال القوة في بعض المواقف بمنع إثارة الفوضى ودخول أحزاب وتيارات وفصائل سابقة على الحراك واعتلاء موجته، في الوقت الذي أطلقت حزمة من الإصلاحات. في حين يرى الحراك أن الإصلاحات لم تكن حقيقية ولم تلب المطالب التي خرجت المظاهرات من أجلها.
مطالب الحراك
رامي عبد الحق أحد منظمي الحراك في إدلب قال -في حديث خاص للجزيرة نت- إن الحراك أعلن منذ اليوم الأول ثوابت، تتمثل في:
- إسقاط الجولاني (زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني).
- حل جهاز الأمن العام.
- تشكيل مجلس شورى منتخب.
- وتبيض السجون من معتقلي الرأي.
هذه الثوابت الأربعة لم تتحقق حتى الآن، بحسب المتحدث ذاته، لذلك “هذا الحراك مستمر ولن يتوقف”.
ويرى عبد الحق أن الإصلاحات التي أعلن عنها الجولاني بعيدة كل البعد عن مطالب الحراك الثوري لأن المطلب الأول هو تنحي الجولاني بسبب الانقسامات الكبيرة الناتجة عن وجوده بقيادة المنطقة، موضحا أنه في غياب تحقق طلب التنحي لا يمكن الانتقال للمطالب الأخرى الاقتصادية والاجتماعية.
بدوره، قال الناشط السياسي علي العلوي إن الحراك، المستمر منذ 3 أشهر، تعبير عن مجموعة مطالب محقة بسبب سياسة هيئة تحرير الشام “الإقصائية” التي استأثرت بالسلطة لنفسها -حسب توصيفه- فمجلس الشورى معين من قبل السلطة التي ألغت المجالس المحلية وحصرتها بالبلديات ولم تطلع المواطنين على الموازنة العامة.
استغلال الحراك
لم ينكر عبد الحق وجود من استغل الحراك من قبل بعض الشخصيات التي تعبر عن نفسها من خلال راياتها واسمها، وتبقى منعزلة عن الحراك الذي تمثله راية الثورة وثوابتها الأساسية وللحراك حسب توضيحه.
ومن جانب آخر، أشار العلوي إلى أن الحراك بعد انطلاقه بما يقارب 15 يوما تم امتطاؤه من قبل أحزاب أيديولوجية وتنظيمات وفصائل سابقة، وحرف عن هدفه ومطالبه الحقيقية. ولكن مازال قسم من المظاهرات والحراك بالشارع يحمل مطالب محقة.
كل ذلك كان ذريعة للسلطة لإنزال العسكر إلى الشارع، لعدم جر المنطقة إلى الفوضى –حسب تفسير الناشط- الذي استدرك بالقول إن هذا لا يعني عدم وجود حراك يتظاهر بالشارع ومطالبه ثابتة.
ونوه الناشط ذاته إلى أن المطالب بالإصلاحات لا يمكن أن تتحقق بين ليلة وضحاها بمنطقة بها 4 ملايين نسمة “وكانت مطالبنا للسلطة أن تكون هناك إصلاحات مستعجلة مثل تخفيض بعض الأسعار، ولكن لم يكن هناك شيء ملموس، وسجلنا إبطاء كبيرا في عملية الإصلاح”.
السلطة تجيب
وفي لقاء خاص مع رئيس حكومة الإنقاذ المهندس محمد البشير، قال للجزيرة نت إن بعض المظاهرات خرجت نتيجة وجود بعض التقصير في بعض الملفات، “وبالفعل جلسنا مع الناس التي عبرت عن مطالبها واستمعنا إليها، ووجهنا المؤسسات للجلوس معهم وعقد ورشات عمل، ووجهنا أجهزة الشرطة لحماية هذه المظاهرات”.
وأضاف أنه في بداية المظاهرات كانت هناك مطالب مشروعة “وإلى الآن الناس تطالب ببعض الإصلاحات على المستوى الاقتصادي والمعيشي والتشاركي في العملية السياسية في المنطقة” ولكن الفترة الأخيرة “بدأت هذه المظاهرات تأخذ منحى آخر وظهر الخطاب الحزبي والفصائلي وبعض المخالفين السياسيين الموجودين ضمن المنطقة”.
وأشار المتحدث نفسه إلى أن الحكومة قامت بتصنيف المطالب وتنفيذ بعض الإصلاحات، منها اتباع جهاز الأمن العام لوزارة الداخلية بعد تحويله إلى “إدارة الأمن العام” وتنطبق عليه قوانين وإجراءات الداخلية، والعودة إلى العمل بالمجالس المحلية، وتمت صياغة قانون الانتخاب للمجالس المحلية التي ستنطلق بعد عيد الأضحى، بالإضافة إلى تفعيل دور النقابات.
أما مجلس الشورى -كما يوضح البشير- فقد انطلقت ورشات من النشطاء والقانونيين وتمت توسعة عدد أعضاء المجلس من 75 إلى 150 ليمثل أكبر شريحة من الناس “وستعطى صلاحيات أوسع من خلال مراقبة المؤسسات والنظر بالقوانين ومراقبة تطبيقها عند السلطات التنفيذية”.
كما أن ديوان المظالم سينطلق في المرحلة القادمة القريبة “وأصبح نظام العمل فيه باللمسات الأخيرة وسيتم العمل به خلال هذا الشهر”.
تنفيذ واستجابة
وعن إطلاق المعتقلين، يوضح البشير أن الكثير من المعتقلين من مرتكبي الجرائم ومنهم تكفيريون و”دواعش منتسبون لتنظيم الدولة” ومنهم من حرض على القتل، استباحوا أموال الناس والأنفس، معتبرا أن هؤلاء لا يمكن تسميتهم بمعتقلي رأي “وعدم إخراجهم لا يعني أننا لم نستجب لمطالب الناس”.
ولفت المسؤول الحكومي -في حديثه- إلى أن الناس الآن بالشوارع تنادي ولديها مطالب “وتخالفنا بالرأي وتطالب بالكثير من الإصلاحات” ولم يتم اعتقال أي شخص لمجرد الرأي، سواء في الشارع أو مواقع التواصل أو اللقاءات، إنما يعتقل من يحرض على القتل ويكون تحريضه مؤثرا لارتكاب جرائم بحق الأهالي في المناطق المحررة.
وأوضح المتحدث -في سياق تنفيذ المطالب- أن بعضها لا يظهر أثره بشكل سريع ومباشر مثل العمل على مجلس الشورى العام، وكذلك المجالس المحلية.
من جانبه يقول عضو لجنة الانتخابات العليا الدكتور علي السلطان إن المظاهرات والحراك كان من بين مطالبها مجلس شورى عام منتخب من قبل الشعب ليمثل تطلعاتهم، ومن ذلك تم الاتفاق على تشكيل ورشة عمل تشكلت نتيجة حوارات متعددة كان القسم الأكبر منها من نشطاء الثورة ومن الحراك أيضا بالإضافة إلى قانونيين.
وأضاف أن اللجنة بدأت عملها من خلال الجلوس مع الأهالي بشكل مباشر ومناقشة مطالبهم والرؤية التي لديهم ومناقشتها، وتمت بعد ذلك صياغة القانون الانتخابي وأصبحت مسودة القانون جاهزة حيث أصبح يعتمد على نسبة السكان فعن كل 35 ألف شخص يوجد مقعد واحد في مجلس الشورى، والنسبة التمثيلية 60% فئة مجتمعية و40% أكاديمية من حملة الشهادات الجامعية فما فوق، وكل المحافظات لها تمثيل بمجلس الشورى العام.