ينتقد الشركاء العرب “الديكتاتور السوري” عدم تعامله مع القضايا الحاسمة بالنسبة لهم: عودة اللاجئين، ومكافحة تهريب المخدرات، وجعل حد للتوسع الإيراني في سوريا.
بهذه الجملة لخصت صحيفة لوموند تقريرا لمراسلتها في بيروت هيلين سالون قالت فيه إن الرئيس السوري بشار الأسد بدا كما لو كان أحد المدعوين العاديين لقمة رؤساء الدول العربية التي انعقدت في البحرين يوم الخميس 16 مايو/أيار الجاري، بل ظهر في بعض الصور المعروضة في شوارع المنامة وهو يبتسم كما في صورة لقائه مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
لكن سالون لفتت إلى أن التطبيع العربي مع سوريا لا يزال يواجه منتقدين، ويثير الإحباط والانزعاج حتى بين مؤيديه على خلفية ما يمارسه “الدكتاتور السوري” منذ 12 سنة من قمع ضد شعبه.
ونقلت، في هذا الإطار، عن جهاد يازجي، مدير النشرة الاقتصادية سيريا ريبورت قوله إن الأسد، على الأقل، استفاد من عودته للحاضنة العربية وهو ما سيكون من الصعب التراجع عنه، لكنه لفت إلى أن “هذا لا يغير شيئا بالنسبة للحل السياسي في سوريا، ولا على صعيد الدعم المالي وإعادة الإعمار”.
وقالت إن عدم حديث الأسد أمام القمة ربما كان الهدف منه هو عدم الإضرار بصورة الوحدة العربية حول فلسطين، مذكرة بمغادرة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني قاعة الاجتماع في 2023 عندما بدأ الأسد حديثه.
واعتبرت سالون أن إدانة ملك الأردن عبد الله الثاني لتهريب الأسلحة والمخدرات الذي تقوم به الجماعات الإجرامية هو انتقاد ضمني للأسد.
كما أوضحت أن كشف الأردن، في اليوم الذي سبق القمة، عن إحباطه في نهاية شهر مارس/آذار الماضي لتهريب أسلحة من قبل مليشيات موالية لإيران من سوريا جاء في الوقت المناسب لإحراج الأسد.
وفي تعليقه على هذه القضية نقلت المراسلة عن المحلل السياسي الأردني عامر السبايلة قوله ‘لا أحد راض حقا عن التطبيع مع سوريا، ولكن لا يوجد انقطاع، ويحاول الجميع أن يظلوا واقعيين، لمنح الأمر فرصة”.
وأبرزت سالون أن الأولويات الإقليمية تغيرت مع الحرب في غزة، مشيرة إلى أن الدول العربية جددت دعوتها لإنهاء الأزمة السورية عبر حل سياسي. وحثت على تنفيذ “إعلان عمان” الذي يدعو إلى عودة اللاجئين السوريين ومكافحة تهريب المخدرات ووضع حد للتوسع الإيراني في سوريا.
بيد أن جهاد يازجي يرى أن السوريين ليسوا في وضع يسمح لهم بتقديم تنازلات بشأن القضايا التي تهم العرب، لافتا إلى أنه لا شيء متوقع في قضية اللاجئين السوريين المعقدة، رغم أنها أصبحت متفجرة في لبنان، وهناك تزايد في تهريب المخدرات والأسلحة على حدود الأردن مع سوريا مما يثير غضب المملكة الهاشمية، على حد تعبيره.
وبخصوص الكبتاغون، تقول سالون عن سوريا تنتجه بكميات صناعية ويتم تهريبه إلى الخليج وأوروبا، وهو يدر مليارات اليورو على خزائن عائلة الأسد، التي أفرغتها الحرب والعقوبات الدولية، وفقا للمراسلة.
أما إيران، فإن السياسة البراغماتية “للدكتاتور السوري” تجعله يحجم عن أي شيء يمكن أن يؤثر سلبا على علاقاته بطهران، أو على النفوذ الذي يمارسه حزب الله على أراضي سوريا.
وفي نهاية تقريرها أبرزت المراسلة أن المزايا الاقتصادية لسوريا من التطبيع مع الدول العربية لا تزال هزيلة، إذ لم تستقر في سوريا سوى 14 شركة خليجية فقط في عام 2023، كما ألغي مشروع محطة طاقة كهروضوئية كان قد تم توقيعه في نهاية عام 2021 مع الإمارات.
وما زاد الطين بلة، وفقا للمراسلة، هو العقوبات الأميركية المفروضة في إطار “قانون قيصر” منذ عام 2019، ناهيك -كما يؤكد جهاد يازجي- عن أنه “لا توجد فرص كبيرة مع نظام مافيوزي (يعمل بطريقة المافيا) لدرجة أنه لم يعد هناك أي حافز للاستثمار في سوريا”.