الجزيرة نت في ضيافة أسرة نازحة شمال سوريا على إفطار رمضان

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 4 دقيقة للقراءة

شمال سوريا- مع اقتراب أذان المغرب في مخيم “أهل التح” للنازحين السوريين بريف إدلب شمال غربي سوريا يصل النازح الخمسيني يوسف الجدوع إلى خيمته حاملا القليل من الخضار التي اشتراها من السوق القريب من المخيم من أجل أن تحضّر زوجته أم محمد إفطار رمضان.

وعلى عجل، تقطع أم محمد حبات الخضار لطهي الطعام على موقد بدائي كون الأسرة تفتقر -كما جميع النازحين في المخيم- إلى مواقد الغاز الحديثة وتجهيزات الطبخ ومعداته.

في الأثناء، يروي الجدوع للجزيرة نت -التي تحل ضيفا على أسرته- كيف نزح من بلدته قبل 5 سنوات على وقع المعارك وانتهى به المطاف في خيمة وسط العراء.

يوسف الجدوع نزح وأسرته قبل 5 سنوات من بلدته إلى شمال سوريا بسبب الحرب (الجزيرة)

ذكريات رمضان

ويقول يوسف إن أيام رمضان تمر صعبة عليه وعلى أسرته، بسبب تغير الوضع المعيشي من الوفرة والخيرات إلى الفقر وسوء الحال، مستذكرا كيف كانت لديه أملاك وأراض زراعية في البلدة كانت تدر عليه المال والمحاصيل.

ويؤكد أنهم لم يتذوقوا طعم اللحم منذ عامين بسبب غلاء الأسعار الفاحش، وبات تأمين القليل من وجبات الطعام لإفطار رمضان مكلفا للغاية نتيجة انعدام مصدر دخل مالي ثابت واعتماد الأسرة على معونات المحسنين.

مغالبا البكاء، يشير النازح السوري إلى أن مشاعر السعادة كانت تنتابه خلال أيام رمضان السابقة عند إقامة الولائم واجتماع الأهل والأقارب لديه على سفرة الإفطار، قبل أن تتفرق الأسر جراء الحرب ويصبح اللقاء صعب المنال.

ويتحرج الجدوع في طلب مشاركته إفطار رمضان بسبب عدم قدرته على تحمل مصاريف وتكاليف تحضير الطعام لعدد من الأشخاص، لافتا إلى أن حالته هي الوضع العام السائد لدى معظم النازحين في شمال غربي سوريا.

سوريا - إدلب - اختلفت ظرف تحضير إفطار رمضان على النساء السوريات بين المخيم والمنزل
أم محمد تقول إن أشهر رمضان السابقة كانت تتميز بالولائم واجتماع الأهالي (الجزيرة)

حلم العودة

وأقصى ما يتمناه يوسف هو العودة إلى الديار واجتماع الأهل مجددا على مائدة إفطار رمضان بعد أن تضع الحرب أوزارها ويعود جميع النازحين إلى مدنهم وبلداتهم بعد طي صفحة الماضي إلى الأبد.

بدورها، تعود زوجته أم محمد إلى ذكريات الأيام الماضية في أشهر رمضان ما قبل الحرب، وكيف كانت تزين المائدة بأصناف الطعام المتنوعة، فيما يقتصر الطعام -اليوم- على القليل من الخضار.

وتتحدث أم محمد عن الفرق الكبير بين أيام رمضان داخل خيمة لا تقي من برد الشتاء ولا حر الصيف وبين تلك التي قضتها في منزلها تحت سقف يحميها ومطبخ مستقل، فيما تكون الخيمة بمثابة غرفة جلوس ونوم ومطبخ وحمام.

وتضيف أن أشهر رمضان السابقة كانت تتميز بإقامة الولائم واجتماع الأهالي -على كثرة عددهم- حول مائدة واحدة، في حين تفطر اليوم كل أسرة داخل خيمتها بشكل منعزل، ولا أحد يشارك الآخر إفطاره بسبب غلاء المعيشة والفقر.

سوريا - إدلب - يحلم النازح السوري يوسف الجدوع بالعودة إلى دياره وقضاء رمضان في المنزل
النازح السوري يوسف الجدوع يحلم بالعودة إلى دياره وقضاء رمضان في المنزل (الجزيرة)

قصص نزوح

وقبل دقائق من حلول أذان المغرب طلبنا من أسرة الجدوع عدم الانشغال بوجودنا، واستكمال تحضيرات الطعام، لكنها أصرت على مشاركتنا إياها مائدتها المتواضعة، ورفضت رحيلنا من المخيم دون تناول طعام الإفطار.

ومع أذان المغرب سادت حالة من السكينة والصمت داخل المخيم الذي يغط في العتمة نتيجة انعدام الكهرباء، في حين ينعم الصائمون بالراحة بعد يوم صيام صعب.

وقريبا من خيمة الجدوع هناك العشرات من الأسر التي تختلف قصص نزوحها خلال الحرب السورية، لكن ما يوحدها اليوم هو أمل العودة إلى الديار وقضاء رمضان بين الأهل والأحبة.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *