بعد 13 عاما عادت كاميرا الجزيرة لشوارع العاصمة السورية دمشق، بعد أن غيبت قسرا، وأغلق مكتبها من قبل نظام بشار الأسد المخلوع بسبب تغطيتها لمجريات الثورة السورية وتكبدت في سبيل ذلك ثمنا باهظا حيث فقدت عددا من صحفييها.
وخلال سنوات الثورة، تحولت سوريا إلى واحدة من أخطر البقاع على العاملين في المجال الصحفي، حيث واجهوا مخاطر القتل والتصفية والخطف والتعذيب في سبيل توثيق ما يجري على الأرض.
وكانت شبكة الجزيرة من أكثر المؤسسات الإعلامية تضررا، حيث فقدت عددا من صحفييها ومراسليها الشجعان الذين واصلوا عملهم رغم المخاطر المحدقة.
مسلسل الفقد
وبدأت سلسلة الفقد في يناير/كانون الثاني 2013 باستشهاد المراسل محمد المسالمة الحوراني برصاص قناص من جيش النظام السوري أثناء تغطيته للأحداث في بلدة بصرى الحرير بريف درعا.
وشهد عام 2014 خسائر فادحة في صفوف الصحفيين، حيث فقدت الجزيرة 3 من كوادرها المميزين، ففي مايو/أيار، قُتل المنتج حسين عباس، أحد أهم أركان تغطية الشبكة في ريف دمشق، إثر سقوط قذيفة على سيارته في منطقة القلمون الشرقي.
وفي سبتمبر/أيلول، فقدت الشبكة مراسلها محمد القاسم في كمين نصبه مسلحون في ريف إدلب، واختُتم العام بفقدان مراسل درعا مهران الديري أثناء تغطيته للمعارك في مدينة الشيخ مسكين.
واستمر مسلسل الفقد في عام 2015، حيث استشهد المصور الشاب محمد الأصفر، الذي لم يتجاوز الـ20 من عمره، أثناء تغطيته للمعارك في حي المنشية بدرعا في يونيو/حزيران.
وفي ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، سقط مصور القناة زكريا إبراهيم برصاص قناص في ريف حمص الشمالي، بعد أن وثق بكاميرته معاناة السوريين من القتل والقصف والحصار.
وفي يوليو/تموز 2016، فقدت الشبكة مراسل الجزيرة مباشر إبراهيم العمر، الذي تعرض لإصابة قاتلة أثناء تغطيته للقصف الجوي على مدينة حلب وتوثيقه لانتهاكات النظام.
ورغم هذه الخسائر المؤلمة، واصلت الجزيرة عملها بعزيمة لا تلين، مؤكدة التزامها بنقل معاناة الشعب السوري إلى العالم.
وبعد 13 عاما من إغلاق مكتبها في دمشق، ها هي الجزيرة تعود لتبث من قلب العاصمة السورية، من ساحة الأمويين، كأول قناة عربية وعالمية تصل إلى هناك بعد سقوط نظام الأسد، لتكتب بذلك فصلا جديدا في تاريخ التغطية الإعلامية للثورة السورية.