اعتداء وترحيل.. إسرائيل تنتقم من عمال غزة بعد “طوفان الأقصى”

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

جنين- في حالة من الصدمة والغضب يجلس “مشهور أبو عرة” في منزل صغير في المنطقة الشرقية بمدينة جنين شمال الضفة الغربية، بعد وصوله من حاجز برطعة العسكري، وهو أحد الحواجز الإسرائيلية التي تربط جنين بمدن الداخل الفلسطيني، بعد اعتقاله من قبل شرطة الاحتلال قرب مكان عمله في مدينة صفد بالداخل المحتل وترحيله رفقة ابن عمه محمد إلى حدود مدينة جنين.

وأبو عرة (35 عاما) واحد من 36 عاملا فلسطينيا اعتقلتهم شرطة الاحتلال داخل أماكن عملهم في المدن الفلسطينية المحتلة عام 1948 واعتدت عليهم بالضرب والسحل، وسرقت من بعضهم أوراقهم الثبوتية ثم تركتهم على حاجزي الجلمة وبرطعة المحيطين بجنين.

أبو عرة: شرطة الاحتلال اعتقلت عمالا غزيين واعتدت عليهم ورحلتهم إلى المعابر (الجزيرة)

انتقام

يقول أبو عرة للجزيرة نت “أعمل في صفد، أغادر غزة لمدة أسبوع كامل وأحيانا أبقى 10 أيام في مكان العمل، يوم السبت كنت في العمل وسمعت الأخبار ككل العمال هنا، كنت أعلم أن هذا سيحدث، من الطبيعي أن يعتدوا علينا كنوع من الانتقام”.

ويضيف “لم أتعرض للضرب المبرح، سحبونا بقوة وتحققوا من هوياتنا الثبوتية ثم حملونا في سيارات الشرطة ورحلونا إلى برطعة، لكني شهدت حالات أخرى اعتدوا عليهم بالضرب المبرح، ومنهم من سرقوا أموالهم قبل تركهم على المعبر”.

وفي الشقة نفسها التي نُقل إليها أبو عرة وابن عمه وسط جنين، وصل عامل من غزة يعمل في حيفا وكان قد تعرض لكسر في ساقه اليمنى بسبب ضربة من المستوطنين قرب مكان عمله.

اعتداءات

ومنذ إطلاق حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عملية “طوفان الأقصى” ضد إسرائيل، اعتدت شرطة الاحتلال على أكثر من 127 عاملا فلسطينيا من غزة يعملون في مدن الداخل المحتل ونقلتهم في حافلات خاصة إلى عدد من المعابر التي تصل مدن طولكرم ورام الله وجنين والخليل.

ويوضح أبو عرة “وصلت مع ابن عمي محمد و10 عمال آخرين، وبعد استقبالنا في مركز محافظة جنين علمنا أن هناك عددا آخر من العمال وصلوا أمس وبالطريقة ذاتها، لكن بعضهم كان مصابا بعد ضربهم من شرطة الاحتلال”.

ويعمل في مدن الداخل الفلسطيني ما بين 10 آلاف و17 ألف عامل فلسطيني من قطاع غزة وفق إحصائيات نقابة العمال، ومنذ بداية عملية طوفان الأقصى فقد غالبية هؤلاء العمال طرق التواصل مع أهلهم جراء انقطاع الاتصالات مع القطاع، خاصة بعد مصادقة إسرائيل على قطع الكهرباء عن غزة وضرب مقر الاتصالات يوم أمس.

ودعت نقابة العمال الفلسطينية في بيان أصدرته أمس إلى “الإبلاغ عن أي عامل فُقد الاتصال به في الداخل المحتل حتى تتواصل مع الجهات المختصة والصليب الأحمر لتأمين عودتهم إلى منازلهم”.

صعوبة التواصل

ويقول أبو عرة “أحاول التواصل مع عائلتي لأطمئن عليهم لكن المكالمات مقطوعة، وأحاول التحدث معهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، آخر مرة تواصلت مع زوجتي قبل 5 ساعات عبر تطبيق ماسنجر، أخبرتني أنهم رحلوا للمرة الثانية لأني طلبت منهم صباح السبت الماضي إخلاء المنزل تحسبا لأي قصف قد يحدث على منطقتنا، واليوم جاءهم تحذير بنية طيران الاحتلال قصف المنطقة التي انتقلوا إليها”.

ويعيش العمال البعيدون عن أهلهم أوقاتا صعبة، وتمر ساعات انتظارهم بتوتر وخوف كبير خشية وصول أي خبر عن قصف بيوتهم أو إصابة أقاربهم في الغارات الجوية الإسرائيلية المتواصلة منذ ظهر السبت الماضي على القطاع.

واحد من العمال الموجودين مع أبو عرة وتسكن عائلته حي الشجاعية، تلقى اتصالا بقصف منازل الأسرة واستشهاد عدد كبير من أبناء عمومته. يقول أبو عرة “فجأة سمعنا بكاء شديدا، وحين خرجت من الغرفة كان محمد يبكي أولاد عمه وعمته الذين استشهدوا في قصف الشجاعية”.

والمعروف أن كل مكان في غزة معرض للقصف، كما لا تتوفر الملاجئ والمقرات التي تحمي السكان من القذائف وصواريخ طائرات الاحتلال.

تهديدات متواصلة

ويضيف أبو عرة “منذ ليلتين لم أستطع النوم بشكل جيد، عند سماح أي حركة في محيط الورشة التي أعمل بها كنت استيقظ خشية وجود أحد في المحيط أو تنفيذ المستوطنين تهديدهم بقتلنا، لا نعرف كم سيستمر هذا الوضع”.

ويقول “اليوم لا توجد معابر تصل الضفة بالقطاع، لذا إمكانية وصولنا إلى غزة مستحيلة ولا يمكن التنبؤ متى نستطيع العودة إلى أهلنا، صحيح أن القصف مستمر في غزة لكني بعيد عن عائلتي وهذا أصعب بالنسبة لي، لا أعرف أخبارهم ولا يمكن الاطمئنان عليهم إلا في فترات طويلة وبعيدة عن بعضها”.

ويؤكد أن العمال في الداخل ليسوا بأمان، لأن التهديدات تتواصل بحقهم وليس بالطرد والاعتداء فقط، بل بالقتل من قبل المستوطنين الإسرائيليين.

احتضان رسمي وشعبي

واستقبلت محافظة رام الله قرابة 100 عامل يوم أمس الاثنين، في حين انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي أخبار عدد من العمال الغزيين الذي طردوا من عملهم وتُركوا على المعابر الإسرائيلية، وعبر الناس في محافظة جنين عن استعدادهم لتوفير مساكن للعمال الواصلين إلى المدينة وفتح البيوت لاستضافتهم وتوفير ما يلزمهم من لباس وطعام وحاجيات أساسية إلى حين عودتهم إلى غزة.

كما أمّنت جنين شقتين كمسكن مؤقت لفائدة 36 عاملا وصلوا إليها منذ ليل الأحد الماضي، في حين تقرر نقلهم إلى المركز الكوري التابع لبلدية جنين.

وقال كمال أبو الرب نائب محافظ جنين “العمال الذين تم نقلهم من معبر الجلمة ليلة الأحد كانوا بوضع صعب جدا دون أوراق ثبوتية وبعضهم دون أحذية، لأن الشرطة الإسرائيلية طردتهم في الليل وهم نائمون، كما اعتدت على بعضهم مما استدعى نقلهم إلى مراكز الطوارئ والكشف عنهم للاطمئنان على صحتهم وتقديم العلاج اللازم لمن احتاجه منهم”.

وتابع “قررنا نقل العمال إلى مركز يتبع بلدية جنين حيث يتوفر فيه المسكن اللازم والمريح، واجتمعنا مع الهيئات المحلية ورؤساء البلديات في المحافظة لتوفير كل سبل الراحة والاحتياجات اللازمة للعمال خصوصا أننا نتوقع زيادة عددهم وبلوغه 1000 عامل”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *