إسلام آباد- اتفقت الكتلتان السياسيتان الثانية والثالثة في باكستان على التعاون بعد الانتخابات التي جاء فيها أنصار رئيس الوزراء السابق عمران خان المسجون في المرتبة الأولى.
وأصدر حزب الرابطة الإسلامية الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق نواز شريف وحزب الشعب الباكستاني الذي يتزعمه آصف زرداري بيانا قالا فيه إنهما يعتزمان العمل معا لتشكيل الحكومة المقبلة وتحقيق الاستقرار السياسي في البلاد.
من جهتهم أعلن أنصار رئيس الوزراء السابق المعتقل عمران خان زعيم حزب حركة إنصاف بأنهم أكبر كلته في البرلمان ومن حقهم أن يشكلوا الحكومة الجديدة.
وكانت حركة إنصاف قد مُنعت من المشاركة في الانتخابات الأخيرة كما منع رمزها المضرب، لذلك ترشح معظم أتباع الحزب مستقلين.
نتائج الانتخابات
وبحسب النتائج شبه النهائية، فقد فاز المستقلون الذين يُعتقد أن معظمهم من حركة إنصاف بـ101 من مقاعد البرلمان التي يبلغ عددها الإجمالي 336.
وجاء حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية-جناح نواز بالمرتبة الثانية بفوزه بـ75 مقعدا، وحل حزب الشعب ثالثا بحصوله على 54 مقعدا. وحسب النتائج حقق حزب الحركة القومية المتحدة فوزا مفاجئا بـ 17 مقعدًا، ويمكن أن يلعب دورًا في أي ائتلاف.
ومع استمرار الجدل حول نتائج الانتخابات شهدت العديد من المناطق الباكستانية احتجاجات تتهم السلطات بالتزوير وتطالب بإعادة فرز الأصوات ومن أبرز المعترضين حركة إنصاف والجماعة الإسلامية.
وتأتي التطورات السياسية وسط احتجاجات على مستوى البلاد معتبرين أن تلاعبا حصل في فرز الأصوات وتزوير النتائج بعد أن أغلقت السلطات شبكات الهاتف المحمول في يوم الانتخابات وامتد فرز الأصوات لأكثر من يومين.
تشكيل الحكومة
وحسب المراقبين فإن نتائج الانتخابات كانت مفاجأة، حيث كان ينتظر إعلان فوز حزب نواز شريف الذي ينظر إليه على نطاق واسع أنه مدعوم من الجيش (صاحب السلطة العليا في البلاد) في حين أن عمران خان معتقل ويواجه عشرات القضايا، وتم منع حزبه من المشاركة في الاقتراع.
ولتشكيل الحكومة يتعين تكوين كتلة برلمانية تتمتع بأغلبية بسيطة تبلغ 169 مقعدا في الجمعية الوطنية.
ومن بين مقاعد الجمعية الوطنية البالغ عددها 366 مقعدا، يتم تحديد 266 مقعدا عن طريق التصويت المباشر 60 مقعدا مخصصة للنساء و10 للأقليات. وبموجب القانون لا يحق للمستقلين اختيار أعضاء لكوتتي النساء والأقليات.
السيناريوهات المتوقعة
وللوقوف على أبرز السيناريوهات المتوقعة لتشكيل الحكومة الباكستانية المقبلة، التقت الجزيرة نت بـمدير الشؤون الخارجية في الجماعة الإسلامية الباكستانية آصف لقمان قاضي، الذي اعتبر أن الانتخابات اعتمدت على الاستقطاب الشديد من قبل الأحزاب الناشطة ولعل أبرزها كان حزب إنصاف الذي يتسم معظم مناصريه بالشباب ومعرفتهم بوسائل التواصل الاجتماعي.
وعند سؤاله عن رأيه في وقوع تلاعب في نتائج الانتخابات، مال لقمان إلى صحة هذا القول، مشيرا إلى أن الجماعة الإسلامية التي ينتمي لها واجهت في عدة مناطق تلاعبات في عملية الفرز سواء بالنسبة للبرلمان الاتحادي أو برلمانات الأقاليم.
وأشار إلى العديد من الحالات التي كان فيها الفرز ليل الخميس (يوم الانتخابات) تشير إلى فوز مرشح ما وذلك وفقا للجان الرقابة، ليتفاجأ الجميع عند الصباح بإعلان فوز الخصم.
وعن السيناريوهات التي يتوقعها لتشكيل الحكومة المقبلة بعد الإعلان الأحد عن معظم نتائج التصويت، بين لقمان للجزيرة نت أن السيناريو الأول والمرجح هو تحالف الرابطة الإسلامية وحزب الشعب لتشكيل الحكومة والسعي لجمع أحزاب أصغر ولعل أبرزها الحركة القومية المتحدة التي فازت بـ17 مقعدا في البرلمان الفدرالي حتى تكتمل لهم أكثرية برلمانية تؤهلهم لتشكيل الحكومة.
أما السيناريو الآخر المتوقع ولكن بدرجة أقل، فهو أن يقوم أنصار عمران خان الذين يقدر عددهم في البرلمان بأكثر من 100 بتشكيل حزب جديد ويتحالفوا مع قوى أخرى بهدف تشكيل الحكومة، وهم في هذه الحالة يحتاجون دعم 68 عضوا آخرين في البرلمان.
وأشار إلى أن حركة إنصاف أعلنت أنها لن تذهب إلى خيار التحالف مع الرابطة الإسلامية أو حزب الشعب.
ولفت إلى أنه في جميع الأحوال ستكون الحكومة المشكلة ضعيفة ولن ينتظر منها تحقيق الكثير لباكستان التي تعاني من أزمة اقتصادية خانقة وتحديدا تسديد ديون صندوق النقد الدولي، إلى جانب أزمة أمنية مع انتشار أعمال عنف في بعض المناطق.
وختم لقمان حديثه، بالقول في حال تشكيل مثل هكذا حكومة فلن يزيد عمرها عن عامين.
الجيش لن يسمح لعمران
ولم يبتعد المحلل شكيل أحمد راماي عن ما ذهب إليه لقمان، فرجح أن يلجأ حزبا الشعب والرابطة الإسلامية لتشكيل حكومة ائتلافية، ولن يُمكن لحزب حركة إنصاف التي تحظى بشعبية واسعة -كما يقول- تشكيل الحكومة المقبلة.
ونبه راماي -وهو المدير التنفيذي للمعهد الآسيوي لأبحاث الحضارة البيئية والتنمية- إلى أن الحكم الرشيد والنظام الاقتصادي العادل شرطان أساسيان لبناء مجتمع مستقر وآمن ومزدهر. ويتم تحقيق ذلك من خلال عملية سياسية مفتوحة ونظام موثوق به.
من جهتها قالت فرزانا شيخ، المتخصصة في السياسة والاقتصاد الباكستاني، للجزيرة “إن عمران خان وقائد الجيش عاصم منير في حالة خصام واضح ولا يتقبل أحدهما الآخر، مستبعدة أن يُسمح لأنصار خان بتشكيل الحكومة المقبلة.
وفي الوقت نفسه، قالت فرزانا إن العديد من القضايا المرفوعة ضد خان بها ثغرات، وستُحال إلى محاكم أعلى حيث يمكن إخضاعها لمزيد من التدقيق، مما يجعل إطلاق سراحه من السجن أمرا محتملا.