كشف “موقع إنترسبت” الإخباري الأميركي عن وثائق استخباراتية سرية مسربة تظهر انتشارا لفرق موت هندية على نطاق عالمي.
وأوضح التحقيق الذي أجراه الصحفيان بالموقع مرتضى حسين وريان غريم، أن وكالة الاستخبارات الخارجية الهندية، التي تعرف باسم جناح البحث والتحليل، ظلت تخطط لاغتيالات تستهدف ناشطين يقيمون في دول أجنبية من طائفة السيخ ومن إقليم كشمير المتنازع عليه بين الهند وباكستان.
شبكات محلية للتنفيذ
واستند الموقع في تحقيقه على وثائق سرية مسربة تتضمن تقييمات للمخابرات الباكستانية. وتحدد هذه الوثائق سلسلة تهديدات من قبل الاستخبارات الخارجية الهندية ضد أشخاص يعيشون في باكستان. ويعتقد مسؤولو الأمن الباكستانيون أن جناح البحث والتحليل الهندي (الاستخبارات الخارجية) يتعاون مع شبكات محلية إجرامية ومنشقة لتنفيذ اغتيالات وهجمات أخرى.
ووفقا للوثائق، تستهدف الاستخبارات الخارجية الهندية أفرادا ومؤسسات دينية تزعم أنهم يدعمون “تمردا مسلحا” في إقليم كشمير، فضلا عن ناشطين سيخ مطلوبين من قبل الحكومة الهندية ويعيشون في باكستان.
ويؤكد تحقيق إنترسبت أن الوثائق تقدم أدلة دامغة على الادعاء المثير بأن الهند تنفذ برنامج اغتيالات عابرا للحدود الوطنية ضد أعدائها السياسيين. وتصدرت الحكومة الكندية عناوين الأخبار لأول مرة في سبتمبر/أيلول عندما اتهمت عملاء المخابرات الهندية بتدبير اغتيال الناشط الكندي السيخي هارديب سينغ نيجار على أراضيها.
تهديدات وتسميم
وفي بريطانيا، دعت عائلة الناشط السيخي أفتار سينغ خاندا في أكتوبر/تشرين الأول إلى إجراء تحقيق في وفاته المفاجئة، زاعمة أنه قد تم تسميمه على يد عملاء المخابرات الهندية في أعقاب سلسلة من التهديدات العلنية لحياته.
وفي سبتمبر/أيلول، نشر موقع إنترسبت تقريرا عن تلقي نشطاء سيخ في الولايات المتحدة تهديدات عقب تحذير مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي لعدد من الأميركيين السيخ بأن حياتهم في خطر بعد مقتل الكندي نيجار.
وفي عام 2022، قُتل كندي سيخي يدعى ريبودامان سينغ ماليك (75 عاما)، الذي تمت تبرئته من التورط في تفجير مميت لطائرة تابعة لشركة طيران الهند في عام 1985، بالرصاص في كندا في ظروف ما تزال غامضة.
لم تخرج للعلن
ورغم هذه الاتهامات بالتورط في اغتيالات على أراضي دول أجنبية، والتي تسببت بتوتر في علاقات الهند الخارجية، فإن المعلومات الاستخباراتية بشأنها لم تخرج إلى العلن سواء من أجهزة المخابرات الكندية أو الباكستانية أو الأميركية أو غيرها، حسبما ورد بتحقيق إنترسبت.
وبحسب تقييم الاستخبارات الباكستانية، فقد استهدف جناح البحث والتحليل التابع للمخابرات الهندية هذا الصيف اثنين من الناشطين السيخ في باكستان بالاغتيال في مدينتي لاهور وإسلام آباد.
ولم يكشف النقاب عن اسم المستهدف في إسلام آباد، أما الآخر فيدعى لاكبير سينغ رود، وهو زعيم انفصالي سيخي بارز يعيش في باكستان منذ تسعينيات القرن الماضي، والذي اتهمته الحكومة الهندية منذ فترة طويلة بـ”الإرهاب”.
ويقول الموقع الأميركي إن رود كان منخرطا في حركة تهدف إلى إنشاء دولة مستقلة في منطقة البنجاب المعروفة باسم خالستان في الثمانينيات والتسعينيات.
يعيش تحت التهديد لسنوات
وقال بهغات سينغ نجل رود -وهو مواطن كندي- إن والده لطالما ظل يعيش تحت تهديد المخابرات الهندية، فقد كان مدرجا منذ سنوات في قائمة الحكومة الهندية للاغتيالات.
ويزعم الموقع الإخباري الأميركي أن وتيرة الهجمات المشتبه بها داخل باكستان ضد المطلوبين من السلطات الهندية، قد تسارعت في الآونة الأخيرة على ما يبدو، مضيفا أن عضوا مرتبطا بجماعة إسلامية في كراتشي قُتل في 13 أكتوبر/تشرين الأول.
وجاء هذا الاغتيال بعد مقتل اثنين من الإسلاميين المسلحين المطلوبين من الهند مؤخرا في مناطق القبائل الباكستانية وإقليم كشمير.
وتظهر الوثائق السرية، التي أصدرها مكتب الاستخبارات الباكستاني -وهو وكالة أمنية خاضعة لسيطرة مدنية وتشبه إلى حد ما مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي- مخاوف جدية من قيام المخابرات الهندية بتنفيذ المزيد من عمليات القتل على أراضيها في المستقبل.
حضور بجميع أنحاء المنطقة
وأصدر المكتب في مايو/أيار تحذيرا من أن عملاء الاستخبارات الهندية المتمركزين في دولة الإمارات وأفغانستان، ينشطون لتنفيذ عمليات في باكستان، مما يوحي بأن لهم حضورا في جميع أنحاء المنطقة.
وحذرت وثيقة باكستانية في سبتمبر/أيلول من أن المخابرات الهندية كانت تخطط لـ”هجمات إرهابية” واغتيالات ضد أهداف داخل باكستان، وأن عملاءها كانوا يعملون من معسكر تدريب في مدينة سبين بولداك الأفغانية “لاستهداف شخصيات سيخية بارزة في باكستان”.
وأفاد الموقع في تحقيقه الصحفي بأن الحكومة الباكستانية ألقت في أكتوبر/تشرين الأول القبض على أشخاص قالت إنهم متورطون في عمليات قتل لمسلحين مشتبه بهم داخل باكستان، نسبتها إلى “جهاز تجسس معادٍ”، وهي إشارة في الاتصالات الرسمية الباكستانية يقصد بها المخابرات الهندية.
ويسود في الغرب تصور عام بأن الهند لا يمكن أن ترتكب أي خطأ، وأنه عندما تتهم باكستان الهند بارتكاب مثل هذه الأشياء، فإنهم يكونون شديدي الارتياب.
ولفت تحقيق إنترسبت إلى أن المجلس الأطلسي الأميركي للدراسات سحب مقالا نشره في مارس/آذار يتهم المخابرات الهندية باغتيال العديد من الكشميريين في باكستان. وجاء السحب بذريعة أن المقال لم يخضع لمعايير التحرير القياسية للمجلس.