إعفاء الإسرائيليين من تأشيرة أميركا.. هدايا بايدن لنتنياهو بأي ثمن؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

القدس المحتلة- أجمع محللون على أن إعفاء الإسرائيليين من تأشيرة الدخول إلى الولايات المتحدة الأميركية يعكس لقاء المصالح المشتركة بين الحكومتين في الشرق الأوسط، وذلك رغم فتور العلاقات بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

واتفق المحللون على أن التوتر قد يتبدد للوهلة الأولى، لكنه سيلقي بظلاله على العلاقة بين نتنياهو وبايدن، مرجحين أن يبقى التوتر طي الكتمان ومن وراء الكواليس، حتى لو وصل إلى درجة الصدام.

ويفسَّر عدم خروج أي صدام وتوتر مستقبلي بين بايدن ونتنياهو بلقاء المصالح بشأن المشروع النووي الإيراني، وكذلك سعي إدارة بايدن إلى تعزيز الحلف الأميركي السعودي والتطبيع بين الرياض وتل أبيب، قبيل انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة العام المقبل.

وفي ظل لقاء المصالح، يعتقد محللون إسرائيليون أن الإعفاء من التأشيرة -الذي سيتم العمل به في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل- بمنزلة هدية من إدارة بايدن، وطوق نجاة لنتنياهو من الأزمات الداخلية التي تواجه حكومته، في ظل تصاعد الاحتجاجات المناهضة للتعديلات القضائية.

إعفاء الإسرائيليين من التأشيرة لأميركا سيتم العمل به في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 (غيتي)

فتور وتباين

في هذا السياق، قال إلداد شابيت، الباحث في معهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، إن العلاقات الأميركية الإسرائيلية كثيرا ما شهدت فتورا وتباينا في وجهات النظر بشأن ملفات إقليمية وشرق أوسطية.

بيد أن هذا الفتور، يقول شابيت للجزيرة نت، بقي من وراء الكواليس وتم تجاوزه، وليس كما في عهد حكومة نتنياهو الذي خرج للعلن وشكل صداما بين البيت الأبيض وديوان رئيس الوزراء، وهو الصدام الذي ترك تداعيات وحتى تهديدات على مصالح أميركا بالشرق الأوسط.

وأوضح شابيت -الذي شغل سابقا منصب ضابط كبير في وحدة الاستخبارات العسكرية “أمان”- أن الإعفاء من التأشيرة إجراء سعت إليه جميع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، مرجحا أن يكون الهدف منه في الأساس تبديد التوتر بين بايدن ونتنياهو الذي سيعلن ذلك إنجازا لحكومته، وقد يشكل رافعة مؤقتة لشعبيته.

ووفقا لتقديرات شابيت، فإن الإعفاء من التأشيرة لأميركا وسيلة لإنزال نتنياهو عن الشجرة، الذي بدا -مع حكومة اليمين المتطرف- صداميا مع البيت الأبيض، إلى الحد الذي صرح فيه بعض وزراء حكومته بأنه يمكن لإسرائيل أن تستمر بالشرق الأوسط من دون الحاجة للدعم الأميركي.

وبمعزل عن هذه التصريحات العلنية لبعض وزراء حكومة نتنياهو، ومن وراء الكواليس، يقول شابيت إن “علاقات العمل بين البلدين استمرت بتنسيق وشراكة، مع تأكيد أهمية الدعم الأميركي للأمن القومي الإسرائيلي، ومنح الأولوية للحفاظ على العلاقات بين البلدين كجزء من مجموعة الاعتبارات والمصالح المشتركة بالشرق الأوسط”.

ضغوطات وتنازلات

وفي سبيل تبرير الدفع بالمصالح المشتركة، يزعم مسؤولون سابقون وحاليون في الإدارة الأميركية أن المفاوضات مع حكومة نتنياهو بشأن برنامج الإعفاء من التأشيرة علمتهم أنه عندما يريد رئيس الوزراء شيئا حقا، فهو على استعداد لتقديم تنازلات كبيرة غير مسبوقة لتحقيق ذلك، حسبما أفاد به باراك رابيد مراسل الشؤون السياسية لموقع “والا” الإخباري.

ووفقا لتقديرات رابيد، فإن ملف الإعفاء من التأشيرة درس مهم للبيت الأبيض، الذي بدأ هذه الأيام في إجراء مفاوضات مع نتنياهو بشأن الملف الفلسطيني، وكذلك الصفقة السعودية والحلف الإستراتيجي الدفاعي مع واشنطن وإمكانية التطبيع مع الرياض.

وفي واشنطن، يقول رابيد، “يفهمون أن نتنياهو يريد السلام بشدة ومعني بالتطبيع، كما هي الحال مع مسألة التأشيرة، إذ كان متحمسا لذلك”، مضيفا أن “إدارة بايدن تعتزم الضغط عليه من أجل الحصول على أقصى قدر من التنازلات منه في المقابل”.

ورجح المتحدث أن تشهد العلاقات بين نتنياهو وبايدن تحسنا الفترة المقبلة، بسبب المصالح المشتركة بين تل أبيب وواشنطن، وكذلك المصالح الشخصية للزعيمين.

لكن، لا ينبع القلق مما تعتبره واشنطن محاولة من جانب الحكومة الإسرائيلية إضعاف “المؤسسات الديمقراطية”، فحسب، بل وينبع أيضا -حسب قول رابيد- “من النفوذ الهائل الذي يتمتع به وزراء اليمين المتطرف على سياستها في الضفة الغربية، وهو الامتحان الحقيقي للعلاقات المستقبلية بين نتنياهو وبايدن”.

مصالح وهدايا

ووسط لقاء مصالح الحكومتين في الشرق الأوسط، ورغم “التنازلات” المزعومة التي قدمها نتنياهو لبايدن، يعتقد الصحفي الإسرائيلي أمير تيفون أن بايدن تحول إلى طوق نجاة لنتنياهو، وذلك بعد أشهر من جمود العلاقات بينهما.

وفي حديثه للجزيرة نت، شكك تيفون في أن تنجح تصريحات إدارة بايدن في حجب حقيقة أن الإدارة الأميركية قدمت هديتين كبيرتين لحكومة نتنياهو، التي وصفها بايدن بأنها “الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل”.

وأوضح تيفون -الذي كان موفدا لصحيفة “هآرتس” إلى واشنطن- أنه تم تقديم الهديتين وهما إعفاء الإسرائيليين من تأشيرة دخول أميركا ودعوة نتنياهو لزيارة البيت الأبيض، وقلل من احتمال تأثير هذه الهدايا على سياسات حكومة نتنياهو في القضايا الداخلية، خاصة التعديلات القضائية والملف الفلسطيني، مشيرا إلى احتمال توطيد العلاقات الشخصية بين بايدن ونتنياهو، وهي مصلحة مشتركة لهما.

واعتبر الصحفي الإسرائيلي أن السؤال المهم هو إذا ما كانت الإدارة الأميركية حصلت على مقابل هذا السخاء والهدايا في بند الإعفاء من التأشيرة، مضيفا أنه “حصل الأميركيون على تغيير في العلاقة التي سيحصل عليها المواطنون الأميركيون الفلسطينيون عند المطار والمعابر إلى إسرائيل، وتأشيرات سياحية للإقامة لمدة 3 أشهر في إسرائيل”.

أما الدعوة إلى البيت الأبيض، فقد حملت في طياتها رسالة معاكسة، حسب تيفون الذي يعتقد أن “نتنياهو حصل على ما يريد من الإدارة، من دون أن يطلب منه حتى الآن سوى الكلمات والتصريحات، وفي الوقت نفسه، تواصل حكومته عملية ضم الضفة الغربية، وترعى عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *