أوريان 21: الطلاب يهزون تواطؤ الجامعات الأميركية مع إسرائيل

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

يقوم الطلاب الأميركيون حتى داخل المجتمع اليهودي بالتعبئة بشكل جماعي لم يسمع أحد بمثله منذ السبعينيات رغم الاتهامات بمعاداة السامية والقمع، وهم يطالبون بوقف تمويل جامعاتهم من قبل تجار الأسلحة التي تستخدم في قتل الفلسطينيين، في احتجاجات ضخمة إلى درجة أن الرئيس الأمريكي جو بايدن اضطر لتهديد تل أبيب بتعليق بعض شحنات الأسلحة.

بهذه المقدمة افتتح موقع أوريان 21 -مقالا بقلم سيلفان سيبيل- انطلق فيه من تساؤل الصحفي الإسرائيلي شاني ليتمان القلق “أين الطلاب الإسرائيليون المحتجون ضد الحرب في غزة؟”، مشيرا إلى أن المظاهرة الوحيدة في الحرم الجامعي جاءت للمطالبة بطرد الأساتذة الذين لا يتفقون مع توجهات الحركة الاستيطانية التي نظمتها.

وفي الوقت الذي تشتعل النيران في الجامعات الأميركية، ويشعر الأساتذة الإسرائيليون بالقلق من خطر المقاطعة المتزايد، ويعتقد ليتمان أنه سيكون من الأفضل للإسرائيليين القلق بشأن ما يحدث في غزة والتعبئة “كما هو الحال في كولومبيا وييل”، وإلا “ستظل الأكاديمية مرتبطة بالحكومة الإسرائيلية وسياساتها التدميرية”.

الصناعات الأميركية الكبرى

وأوضح الكاتب أن التعبئة ضد إسرائيل في الجامعات الأميركية لم يسبق لها مثيل منذ تلك التي كانت ضد حرب فيتنام في السبعينيات، مع وجود فرق واضح، وهو أن التعبئة في ذلك الوقت كانت ضد خطر سقوط الشباب الأميركي في ساحة الحرب، أما اليوم فهي على خلفية سياسية بحتة، حيث تبدو إسرائيل للمتظاهرين الطلاب “مفارقة تاريخية”، دولة من زمن آخر تقوم على العرقية والاستعمار، فهم لذلك يتمردون على ما يحدث في غزة.

ويطالب المتظاهرون “بإدارة أخلاقية” لأصول الجامعة، وخاصة الجامعات الثرية مثل كولومبيا التي يصل الوقف المتاح لديها عام 2023 إلى 13.64 مليار دولار، ويتم استثمار جزء كبير من هذه الأموال في الشركات المصنعة للأسلحة وغيرها من الإمدادات التي تشارك في الاستيطان الإسرائيلي.

وتعد المجموعات الكبيرة في “القطاع الصناعي العسكري”، مثل بوينغ وأخواتها من بين الجهات المانحة الرئيسية للجامعات، وهي توفر الوظائف لمختبراتها، وبالتالي فإن المؤسسات الأكاديمية مهتمة بشكل مباشر باستمرار تسليم الأسلحة مجانا إلى إسرائيل، مقابل 4.2 مليارات دولار سنويا.

ولذلك ركزت إحدى المسيرات الطلابية الأولى الداعمة للقضية الفلسطينية في جامعة نيويورك، على مطلبين، قطع علاقة الجامعة المالية مع الشركات المصنعة للأسلحة التي تستخدمها إسرائيل في غزة، وإغلاق حرمها الجامعي المفتوح في تل أبيب، بسبب صلاتها باستعمار الأراضي الفلسطينية.

أميركيون يهود دون ارتباط بإسرائيل

ومن الشعارات المرجعية التي يستخدمها الطلاب في أغلب الأحيان موضوع التمييز العنصري في الولايات المتحدة الذي ألغي في عام 1965، وحرب فيتنام التي خسرتها أميركا عام 1975، والفصل العنصري في جنوب أفريقيا الذي ألغي في عام 1990، ومثل ذلك من المواقف التي هزم فيها التحالف الاستعماري والتفوق العنصري، وتبدو لهم دولة إسرائيل تجسيدا متخلفا وغير مقبول للتفوق العرقي المغروس في الاستعمار البدائي.

ويرى الكاتب أن هذه الاحتجاجات تأتي ضمن حراك يهدف لإبعاد الشباب عن هذا البلد، بدأت في العقد الأول من القرن الـ21، ولعب فيها الشباب اليهودي دورا مهما، حيث نما هذا التباعد في خطين، أولهما سياسي معادٍ بشكل جذري للطابع الاستعماري للدولة الإسرائيلية، أما الآخر الأكثر طائفية، فيؤكد على الرغبة في العيش “كأميركيين يهود”، دون تدخل من إسرائيل أو خضوع لها.

وكلا هذين الخطين -حسب الكاتب- بدا لقادة تل أبيب بمثابة تهديد للصهيونية التي تطمح دائما إلى أن تكون الممثل الوحيد لجميع يهود العالم، خاصة أن المنظمات المناهضة للصهيونية شهدت زيادة هائلة بين الشباب اليهود الأميركيين، ولا أدل على ذلك من حالة مجلة التيارات اليهودية التي يديرها بيتر بينارت، الأكاديمي ذو الخلفية الصهيونية الذي انفصل علنا عن هذه الأيديولوجية عام 2020، إذ كان لديها 34 ألف مشترك في الخريف الماضي، وفي 7 أشهر ارتفع عددهم إلى 300 ألف.

وكتب بينارت مقالا في 28 أبريل/نيسان الماضي دفاعا عن الطلاب الأميركيين، اختار له عنوان “الاحتجاجات في الحرم الجامعي ليست مثالية، ولكننا في حاجة ماسة إليها”، لأن جوهر الحركة المستمرة هو المطالبة بإنهاء تواطؤ الجامعة والحكومة الأميركية مع نظام القمع الإسرائيلي، الذي يبلغ ذروته اليوم في المذبحة المروعة لشعب غزة.

وسائل الإعلام تتطور

وأشار سيلفان سيبيل إلى تحول جميع وسائل الإعلام الأميركية الكبرى تقريبا إلى الخطاب المؤيد للحرب في المرحلة التي أعقبت هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، موضحا أنها تطورت على مدار الجرائم الأكثر فظاعة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي، وعندما انطلقت حركة الدفاع عن الفلسطينيين في الحرم الجامعي، كان رد فعل وسائل الإعلام مرة أخرى، عدائيا للغاية بشكل عام.

وكانت الفكرة التي روج لها أنصار تل أبيب بشكل منهجي لمواجهة احتجاجات الطلبة هي معاداة السامية، وقد تم تداولها على نطاق واسع، ولكنها مع مرور الوقت، تفككت ببطء، وقد نددت مؤخرا المجلة الموقرة “ذا نيو ريبابليك” “بالتغطية الإعلامية المخزية للاحتجاجات المناهضة للحرب في الجامعات”.

ونحن نشهد الآن -كما يقول الكاتب- تراجعا واضحا في قدرة أنصار إسرائيل على إسكات أي نقاش حول مصير غزة، لأن الحجة التي تساوي الدفاع عن القضية الفلسطينية بمعاداة السامية أصبحت غير فعالة على نحو متزايد، وينظر إليها على أنها ورقة توت بائسة تهدف إلى إخفاء الجرائم الإسرائيلية الهائلة الجارية.

نحن نشهد الآن تراجعا واضحا في قدرة أنصار إسرائيل على إسكات أي نقاش حول مصير غزة، لأن الحجة التي تساوي الدفاع عن القضية الفلسطينية بمعاداة السامية أصبحت غير فعالة على نحو متزايد، وينظر إليها على أنها ورقة توت بائسة تهدف إلى إخفاء الجرائم الإسرائيلية الهائلة الجارية

وذكر الكاتب بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنشأ وزارة للشؤون الإستراتيجية بموارد مالية كبيرة، هدفها الوحيد تقريبا هو مكافحة حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (بي دي إس) في الجامعات الأميركية، لتقود المعركة بمساعدة جمعيات محلية مرتبطة غالبا بدوائر الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، ولكن الأمر انتهى بكارثة، وبدلا من أن تختفي حركة المقاطعة، أصبحت اليوم أقوى.

واليوم تزايد ثقل ووزن عدد كبير من الجمعيات الطلابية المناهضة للاستيطان، بما فيها جمعيات الطلاب اليهود الذين يزعمون أنهم مناهضون للصهيونية بشكل مذهل، سواء من حيث عدد الأعضاء أو عدد الجامعات المتضررة، وزيادة في 10 سنوات من بضع عشرات إلى عدة مئات حاليا.

وتسهم الحرب على غزة في ابتعاد الأوساط الأكاديمية عن إسرائيل، وأحدث مثال على ذلك -حسب الكاتب- مطالبة معسكر العلماء ضد الإبادة الجماعية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بوضع حد لاستثمار وزارة الدفاع الإسرائيلية في “أبحاثهم المتعلقة بالحرب”، بحجة أن المعهد “لا يتلقى تمويلا من أي جيش أجنبي آخر”، وبحجة إنهائه تعاونه الأكاديمي مع معهد تكنولوجي روسي بعد الحرب الروسية على أوكرانيا.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *