رغم أن صراعا منخفض المستوى يدور على الحدود الإسرائيلية اللبنانية بشكل شبه يومي منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول، عندما أطلق حزب الله عملياته دعما لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الحرب على غزة، فإن التهديدات تصاعدت بشكل حاد مع مرور الوقت، إذ أعلن قادة عسكريون إسرائيليون كبار أنهم وقعوا على خطة بشن هجوم لطرد حزب الله من الحدود، ورد الحزب بالتهديد بحرب “بلا قواعد وبلا سقف”، وسط تحذيرات أميركية لإسرائيل من شن “حرب خاطفة” على لبنان.
بهذا الملخص، جمعت صحيفة “غارديان” أطراف موضوع الحرب على الحدود الإسرائيلية الشمالية، حيث يقوم الأطباء بإعداد مستشفيات تحت الأرض، ويفر الناس من منازلهم، ويخيم التوتر في المستوطنات.
وتابع الصحفيان بيتر بومونت وكيكي كيرزينباوم في نهاريا للصحيفة ما يدور في شمال إسرائيل، موضحين أن العلاج في مركز الجليل الطبي على بعد حوالي 7 كيلومترات من الحدود مع لبنان، يتم في مجمع تحت الأرض أسفل المستشفى، لأن الموقع عرضة للتهديد من صواريخ حزب الله وطائراته المسيرة.
وليست المستشفيات وحدها هي التي تستعد لاحتمال اتساع نطاق الصراع، فقد قال وزير الخدمات الدينية الإسرائيلي مايكل مالكيلي، المسؤول عن الدفن في إسرائيل، إن مكتبه يستعد “لأشياء أكبر في الشمال”، مضيفا “هناك بعض الأشياء التي لا تقولها على الهواء”.
شعور حاد بالتهديد
وأثار رئيس شبكة الكهرباء الإسرائيلية -حسب الصحيفة- جدلا في الأسبوع الماضي عندما تساءل بصوت عال عن الكيفية التي قد تتمكن بها البلاد من التعامل مع هجوم على محطات توليد الكهرباء لديها، وهو انعكاس آخر لكيفية الشعور بقوة التهديد بحرب أوسع نطاقا على حدودها الشمالية في الأسابيع الأخيرة.
وبالفعل هناك شعور كبير بالتهديدات في إسرائيل، حيث تم تهجير حوالي 60 ألف شخص، وتحولت المناطق المزدحمة مثل كريات شمونة، القريبة من الحدود إلى مدن أشباح، بعد أن أدى سقوط مسيرات حزب الله وصواريخه إلى إشعال حرائق واسعة النطاق في جميع أنحاء المناطق الجبلية.
وعلى الرغم من الجهود الدبلوماسية المحمومة التي تقودها الولايات المتحدة لتهدئة الصراع -كما تقول الصحيفة- فإن الرأي العام يدفع باتجاه رد عسكري، حيث يدعو 60% من الإسرائيليين إلى مهاجمة حزب الله بكامل القوة، حسب استطلاع رأي أجراه معهد سياسات الشعب اليهودي مؤخرا.
تحليق بسماء حيفا
ومع تزايد التهديد بالحرب، عرض حزب الله صورا مثيرة للقلق التقطتها طائرة استطلاع مسيرة تابعة لحزب الله وهي تحلق في سماء حيفا، حيث تهيمن أبراج الميناء الضخمة وأبراج مصفاة مجموعة بازان، في تهديد واضح للمدينة التي يبلغ عدد سكانها 300 ألف نسمة، حسب الصحيفة.
ويقول أندريه سويدان الذي يدير شركة خمور في حيفا إنه بقي في المدينة خلال الحرب الأخيرة مع حزب الله، وأضاف “اعتقدت أن أفضل طريقة للتعامل معها هي تجاهلها”، ولكنه أقل تفاؤلا الآن، “أشك في أنني سأتمكن من تجاهل ذلك هذه المرة”، ويضيف أن 8 أشهر من الحرب أدت إلى إرهاق الناس “لا يستطيع الناس التعامل مع المزيد من التوتر. إن ضغوط الحرب لا تتعلق بحادثة محددة. الأمر يتعلق برفع درجة الحرارة على أمة بأكملها”.
كل شيء متوتر
ولكن على مرأى من الحدود يبدو الصراع أكثر واقعية، فعلى شرفة أحد المنازل في مستوطنة كابري، تجمعت مجموعة من السكان لتناول طعام الغداء في الهواء الطلق والحديث عن الوضع، وهناك تصاعد الدخان في موقع قاعدة عسكرية على الحدود، وبدا رجل إطفاء يطفئ حريقا بالقرب من مستوطنة بالقرب من الحدود بعد هجوم بمسيرة.
على الطاولة -كما توضح الصحيفة- 3 أجيال من الرجال قاتلوا في لبنان، في أوائل الثمانينيات، وفي عام 1995، وفي الحرب الكبرى الأخيرة في عام 2006، يقول عدي سينان، رئيس المستوطنة، “لقد كنا جميعا في لبنان. نحن نعرف كيف يبدو الأمر على الجانب الآخر. نحن نعلم أن أحد الخيارات التي تواجهنا هو أن نكون على الجانب الآخر من الحدود”.
ويقول غوني حراش، الذي ينتظر بدء نوبة حراسته كمسعف أول، إن الحياة تغيرت بشكل عميق في الأشهر الثمانية الماضية، “كل شيء متوتر حقا. طوال اليوم يمكنك سماع القنابل وصفارات الإنذار وأجهزة الإنذار. كان أطفالي يذهبون سيرا على الأقدام إلى المدرسة. الآن لا يسيرون في أي مكان بمفردهم”.
ومع أن هناك بعض الخلافات بين سكان المستوطنة، فإن هناك أرضية مشتركة بالشعور بأن الحكومة الإسرائيلية تتخلى عنهم وتتركهم لمصيرهم، وهم في نزاع حول ما يجب القيام به، إذ يقبل البعض اتفاقا أقصر أجلا، إذا أدى إلى إعادة السلام ولو لفترة من الوقت، في حين يعتقد آخرون أن الهجوم العسكري فقط سوف يصحح التوازن.