القدس المحتلة- أطلق حراك “أنقذوا الحي الأرمني” في القدس المحتلة، نداء عاجلا الجمعة طالب فيه بحماية الحي الأرمني من “تهديد تاريخي حاسم يهدد وجوده”، وذلك بعد اقتحام شرطة الاحتلال قطعة أرض تسمى “حديقة البقر” في الثالث من الشهر الجاري برفقة مستوطنين تابعين لشركة (زانا) وإزالة الغرف المتنقلة المؤقتة التابعة لحراس البطريركية الأرمنية بالقدس.
ومع هذا الحدث الذي وصفه الأرمن بالاعتداء الخطير، يرتفع عدد الانتهاكات الجسدية والميدانية ضد الأرمن المعتصمين في حديقة البقر إلى 11 اعتداء منذ 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
ويواصل المئات من الأرمن الاعتصام منذ أكثر من 150 يوما، رفضا لعقد الإيجار الذي وقّعته البطريركية الأرمنية مع رجل أعمال إسرائيلي عام 2021، والتي سيؤدي إلى تسريب 11 ألفا و500 متر مربع من عقارات الحي الأرمني داخل سور القدس، إلى جمعيات استيطانية.
وقال الحراك في ندائه -الذي وصل الجزيرة نت نسخة منه- وتحدث باسم 6 جمعيات ممثلة للأرمن في القدس، إن شرطة الاحتلال تضاعف التهديدات الوجودية التي يواجهها الأرمن، وتنحاز إلى طرف المستوطنين رغم الإجراءات القانونية والقضايا المستمرة والقائمة في المحاكم الإسرائيلية، واصفا ذلك بالانتهاك الصارخ للمعايير القانونية، والدوس على حقوق الطائفة الأرمنية.
وأضاف البيان “ندعو جميع الأطراف المعنية بما فيها رؤساء الدول والبعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية والمدافعون عن حقوق الإنسان إلى رفع مستوى وعي العالم بهذه الأزمة الوجودية والاتحاد للتضامن معنا، وبذل أقصى ما بوسعهم للحفاظ على الوضع الراهن في الحي الأرمني، ومطالبة حكومة إسرائيل بإصدار أمر للشرطة بالتوقف عن مساعدة وتحريض وحتى قيادة الهجوم على الجالية الأرمنية والحي الأرمني”.
The 16-century old Armenian presence in Jerusalem is under threat by Israel. By confiscating Armenian Patriarchate’ land & continuing to harass Christians of Jerusalem, Israel is trying to alter identity of the Holy City. The Church is fighting back. Int’l Cmty must support it. https://t.co/95X2pZKtCi
— Ayman Safadi (@AymanHsafadi) April 4, 2024
إجراءات باطلة
وفي أحدث ردود الفعل على اعتداء الشرطة الأخير، أدانت وزارة الخارجية الأردنية في بيان الخميس محاولات إخلاء حديقة البقر، واصفة إياها “بالإجراءات الباطلة والمرفوضة وفقا للقانون الدولي، وبالخرق الواضح للوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس المحتلة”.
وقال الناطق الرسمي باسم الوزارة سفيان القضاة إن “الحي الأرمني جزء أصيل من البلدة القديمة وأسوارها”، مضيفا أن “جميع الإجراءات الإسرائيلية الرامية إلى تغيير طابع المدينة المقدسية ملغاة وباطلة”.
وفي اليوم ذاته، قالت القنصلية الفرنسية العامة بالقدس في تغريدة لها على منصة (إكس) إن “فرنسا تشعر بالقلق إزاء الأحداث التي وقعت (الأربعاء) في الحي الأرمني وندعو السلطات الإسرائيلية إلى الامتناع عن أي إجراء أحادي يتحدى الوضع الراهن في القدس”.
عُزل في المواجهة
وقال أبرز نشطاء حراك “أنقذوا الحي الأرمني” هاجوب جيرنازيان، للجزيرة نت إنهم كمعتصمين أرمن عُزّل في مواجهة مستوطنين مسلحين انضمت إليهم الشرطة لتصعيد التوتر وتغيير الحقائق على الأرض بالقوة، مضيفا أن ذلك “يُعرض وجود الأرمن في القدس والذي يتجاوز عمره 1600 عام للخطر، وأن أي صفقة تتعلق بحديقة البقر باطلة وتنتهك حقوق ملكيتهم”.
وأضاف جيرنازيان: “نناشد المجتمع الدولي أن يعترف بأهمية تراثنا الثقافي والتاريخي في القدس، وأن يقف معنا دفاعا عن حقوقنا في الوجود كأرمن في القدس، الحي الأرمني ليس مجرد موقع جغرافي، إنه رمز لوجودنا وهويتنا الدائمة، وأي تعد عليه لا يقوض مجتمعنا فحسب، بل يهدد أيضا بتدمير نسيج المدينة القديمة”.
وكان الحراك الأرمني المقدسي رفع في 18 فبراير/شباط الماضي دعوى قضائية لإبطال الصفقة وحماية حديقة البقر، بتوقيع أكثر من 400 أرمني مقدسي ومشاركة محامين أرمن من الولايات المتحدة الأميركية، كما يعمل حاليا على جمع تبرعات بقيمة 100 ألف دولار لتغطية النفقات القانونية.
اعتداء إسرائيلي
في أبرز الاعتداءات، قام أتباع شركة (زانا كابيتال) -وهي الطرف الثاني في صفقة التسريب- بالاعتداء على المعتصمين الأرمن بأرض حديقة البقر، في 28 ديسمبر/كانون الأول، و23 يناير/كانون الثاني الماضيين، بتأمين وحماية شرطة الاحتلال، التي اعتقلت بعض الأرمن آنذاك وأبعدتهم عن الأرض.
ومنذ أن علم المجتمع الأرمني المقدسي بالصفقة المذكورة، اعتصموا في أرض حديقة البقر رفضا للصفقة، ليحاول بعدها أتباع شركة زانا تطبيق الصفقة قسرا رغم بطلانها، حيث بدأت التعدي في 5 نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي، حين اقتحم 15 مستوطنا مسلحا برفقة كلابهم حديقة البقر، وهدموا جزءا من سور موقف المركبات، ثم أعادوا الكَرّة في 15 و16 من الشهر ذاته.
يذكر أن أرمن القدس يحتجون على صفقتين بارزتين تعرضان نحو 25% من حيّهم للاستيطان، الأولى وقّعتها البطريركية الأرمنية مع بلدية الاحتلال في القدس عام 2020 لتأجير جزء من الأرض.
والثانية عام 2021 بين البطريرك الأرمني نورهان مانوجيان ومستوطن يدعى (داني روتمان روبنشتاين) لاحتكار قطعة الأرض ذاتها واستثمارها بشكل مشترك بما في ذلك إقامة فندق، حيث حوّل المستوطن أسهم شركته (زانا) إلى شخص يدعى جورج ورور.
وبلغ عدد الأرمن في فلسطين قبل احتلال شرقي القدس عام 1967 نحو 25 ألف نسمة، لكن أعدادهم تراجعت إلى ألف نسمة واقتصرت على الحي الأرمني.
وتكمن أهمية الحي الأرمني في موقعه داخل سور القدس وقربه من الحي اليهودي حاليا، وامتداده بين بابي الخليل والنبي داود، ويأتي استهدافه تزامنا مع موجة الاستيلاء على العقارات الإسلامية والمسيحية، وأبرزها صفقة فندقي “البترا” و”إمبريال” التابعين للكنيسة الأرثوذكسية قرب باب الخليل.