أداء صلاة الغائب بإسطنبول على “شهيد القدس التركي”

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

إسطنبول- أدى مواطنون أتراك ومقيمون أجانب اليوم صلاة الغائب في مناطق متفرقة بمدينة إسطنبول، على الشاب التركي حسن سكلانان (34 عاما) الملقب بـ”شهيد القدس التركي”، الذي استشهد -الثلاثاء الماضي- برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، بعد أن طعن جنديا إسرائيليا وأصابه بجروح عند “باب الساهرة” في مدينة القدس المحتلة.

وحضر الصلاة لفيف من رؤساء الجمعيات الخيرية ومؤسسات المجتمع المدني، ونددوا بالعدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، في ظل منع الاحتلال دخول المساعدات الإنسانية للقطاع، والصمت الدولي عن الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين هناك.

وكانت صلاة الغائب على سكلانان قد أقيمت الجمعة الماضية في مسقط رأسه “شانلي أورفا”، وتبعتها العديد من المدن التركية كالعاصمة أنقرة وبورصة، وتقدمت العديد من المؤسسات الخيرية والأحزاب السياسية وعلى رأسهم حزب “هدى بار”، المتحالف مع حزب العدالة والتنمية الحاكم، بالعزاء لأسرة سكلانان والشعب التركي باستشهاده، في حين لم يصدر أي تعليق رسمي على الحادثة حتى اللحظة.

عائلة الشهيد سكلانان تستقبل المعزّين (مواقع التواصل)

شهيد القدس التركي

ولد حسن سكلانان في 1 يناير/كانون الثاني 1990 في مدينة شانلي أورفا جنوب شرق تركيا، وقضى طفولته فيها، وبعد دراسته المرحلة الابتدائية والإعدادية، التحق بمدارس الأئمة والخطباء الدينية، ليبدأ بعدها عمله كإمام مسجد في مدينته وفي العاصمة أنقرة، وتزوج من فاطمة سكلانان، وأنجب منها 4 أبناء.

وصل سكلانان إلى القدس في رحلة سياحة دينية مع وفد من السياح الأتراك يوم السبت 27 أبريل/نيسان الماضي، لكن عائلته لم تكن  تعلم بنيته السفر للمدينة المحتلة، حيث أخبرهم أنه سيذهب إلى مدينة ديار بكر مع أصدقائه لبضعة أيام.

وبحسب وسائل إعلام تركية، حاول سكلانان الدخول إلى المسجد الأقصى يوم الثلاثاء 30 أبريل/نيسان، إلا إنه تلقى في طريقه معاملة قاسية من قوات الاحتلال الإسرائيلي المتواجدين عند باب الساهرة، مما أثار غضبه واضطره لطعن أحد الجنود، ليتدخل جندي إسرائيلي آخر ويرديه قتيلا على الفور.

وتطالب عائلة سكلانان السلطات التركية بالعمل على استرجاع جثمان ابنهم من فلسطين ليدفن في مقبرة العائلة، حيث تواصل وزارة الخارجية التركية جهودها بشكل مستمر لنقل الجثمان في أقرب وقت ممكن، حسب ما تقول العائلة.

“أرضي فلسطين”

تقول والدته فرحة سكلانان إنه ابتسم لها عند وداعها وقال “يا أمي، المفتي يدعونا، سنذهب إلى ديار بكر”، ثم عانقها من الخلف وهمس في أذنها “يا أمي، قولي بصوت عالٍ إنك تسامحينني، وادعي لي لتسمع هاتان الأذنان”، فردت عليه “لتكن بخير، اذهب بسلام مع أصدقائك وعودوا بسلام”.

وتروي فاطمة سكلانان حال زوجها أنه كان دائما مثقلا بالدموع، لا يقوى على الأكل أو الشرب، كان يصر على الذهاب قائلا إن “أرضي فلسطين، وأرغب في الموت هناك”، وقد توسلت زوجته إليه واحتضنت يديه وقدميه، وطلبت منه عدم الذهاب، لكنه كان حازما في قراره.

وعبّر شقيق حسن، رمضان سكلانان، عن صعوبة تقبل شقيقه للطعام أو الشراب منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، قائلًا “منذ بدأت الحرب، لم يعد يستستيغ طعاما أو شرابا”، مشيرا إلى تأثر شقيقه بمشاهد الألم، حيث كان يبكي دائمًا عند رؤية الأطفال المصابين والشهداء، وفق رمضان.

ويقول محمد علي برلاق مختار الحي الذي كان يقطن فيه حسن “أخبرني ذات مرة كم يتمنى لو كان الطريق إلى غزة مفتوحا، وأكد على ضرورة إيجاد طريقة للوصول إلى هناك”.

يحلم بزيارة الأقصى

يروي أحمد سكلانان -ابن عم الشهيد- في حديثه للجزيرة نت، أن حسن كان رجلا متدينا وهادئا، قليل الكلام والاختلاط بالناس، إلا في القضايا المتعلقة بالمسلمين، حيث كان يشعر بانزعاج شديد من الحملات العنصرية التي يتعرض لها اللاجئون السوريون، معتبرا إياهم إخوانا له، ولا يجوز التضييق عليهم.

وأكد أحمد أن حسن كان يتابع أخبار فلسطين بشغف، وكان يغضب لمشاهد الأطفال والنساء الشهداء، ويحلم بزيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه.

أما صديق طفولته عبيد جونيش فأوضح في حديثه للجزيرة نت أن التربية المتدينة التي نشأ عليها حسن كانت “عاملا مؤثرا في تشكيل شخصيته، وأسهمت في النهاية المشرفة التي اختتم بها حياته”.

وأشار جونيش إلى أن إتقان الشهيد للغة العربية، منحه فهما أعمق للأحداث في فلسطين، وجعلته يتجاوز الصورة التي يقدمها الإعلام العام، حيث كان يعتبر المقاومة في فلسطين حقا مشروعا، وأنه يجب على المسلمين دعمها ماليا وماديا.

وبيّن أن صديقه كان يقضي وقته بين الخدمة في المسجد، ولقاء أصدقائه المقربين، أو في منزله رفقة أبنائه، ووصفه بأنه كان مخلصا لوالديه، محبوبا من الجميع، ولا يخشى شيئا سوى ظلم الآخرين.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *