أحدثها لم شمل أطفال أوكرانيين.. لماذا تميزت الوساطة القطرية عالميا؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

الدوحة – يوما وراء الآخر، يبرز دور قطر كقوة دبلوماسية رائدة في فض النزاعات وتسوية الخلافات على المستويين الدولي والإقليمي، عبر الوساطة الفاعلة في تسوية العديد من الأزمات، وآخرها مهمة إقناع روسيا بالموافقة على إطلاق سراح أطفال أوكرانيين والسماح لهم بالعودة إلى أسرهم في أوكرانيا.

وقال وزارة الخارجية القطرية -في بيان لها اليوم الاثنين- إنها سهلت استضافة هؤلاء الأطفال وعائلاتهم في مقر سفارة قطر في موسكو هذا الأسبوع، ومن ثم نقلهم إلى وجهتهم النهائية، لضمان سلامتهم وراحتهم والتأكد من احتياجاتهم.

وأبدت وزيرة الدولة القطرية لشؤون التعاون الدولي لولوة الخاطر، امتنان بلادها لروسيا وأوكرانيا لالتزامهما بلم الشمل الناجح للأطفال الأوكرانيين مع أسرهم، مشيرة إلى أن قطر ستواصل جهود الوساطة في هذا السياق وغيره، بما يتماشى مع مبادئها تجاه حل النزاعات وصنع السلام.

ويعزز نجاح منظومة الدبلوماسية القطرية سياسة الدولة الخارجية القائمة على تقوية تحالفاتها الإستراتيجية على المستويين الدولي والإقليمي، فضلا عن الوقوف على مسافة واحدة من الجميع، بالإضافة إلى الحوار والحيادية وتطبيق الوساطة الفاعلة.

الدور القطري

في هذا السياق، وصفت المفوضة الرئاسية لحقوق الطفل في روسيا ماريا فوفا بيلوفا، الدور القطري بأنه لا يقدر بثمن في عملية تسليم الأطفال الأوكرانيين، مشيرة إلى أهمية وجود طرف ثالث محايد، خاصة أن المجتمع الغربي ووسائل الإعلام، لا تعترف بأن روسيا تقوم بتسليم الأطفال، ولا تضع أي عقبات أمام هذه العملية.

وفي حديثها للجزيرة نت، قالت بيلوفا إن قطر في هذه العملية كانت بمثابة الشاهد والمراقب لعملية إعداد الوثائق، واستقبال ذوي الأطفال وأقربائهم والكيفية التي قامت بها روسيا من أجل نقلهم عبر الممر الإنساني، مثمنة دور السفارة القطرية التي تقوم بمراقبة هذه العملية من البداية وحتى الحدود، في ظل مرافقتهم للأطفال والمشاركة بشكل كامل في هذه العملية للتأكد بأنفسهم مما يجري.

وأشارت إلى الجانب الإنساني من هذه العملية الذي أخذته قطر على عاتقها، من خلال بحث إمكانية إعادة التأهيل الطبي والنفسي لهذه العائلات التي فُرقت لظروف مختلفة، وتم لم شملها.

وساطات ناجحة

وتولت قطر دور الوساطة في نزاعات وقضايا مهمة  خلال العقدين الأخيرين، كان أبرزها الوساطة بين الفصائل اللبنانية عام 2008، والتوصل لاتفاق الدوحة الذي أنهى أزمة سياسية استمرت 18 شهرا.

وقدمت قطر أيضا الدعم والوساطة خلال النزاع في دارفور بالسودان، والنزاع في جمهورية أفريقيا الوسطى، إضافة إلى نجاح الدوحة في إبرام اتفاقية سلام بين حكومتي جيبوتي وإريتريا لتسوية النزاع الحدودي بينهما، وذلك في مارس/آذار 2011، كما نجحت المساعي القطرية في الإفراج عن أسرى جيبوتيين لدى إريتريا. ونجحت الدوحة في الوساطة بين قبائل التبو والطوارق في ليبيا عام 2015.

وشهد العالم نجاح الوساطة القطرية في التوصل إلى اتفاق التسوية التاريخي بين الولايات المتحدة وطالبان في أفغانستان في فبراير/شباط 2020، كما توسطت الدوحة في المفاوضات المباشرة بين الحكومة الأفغانية وطالبان، وعملت على تيسير التوصل إلى السلام في أفغانستان، فضلا عن نجاحها في التوسط لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين جمهوريتي الصومال وكينيا عام 2021 بهدف تحقيق السلم والاستقرار الدوليين.

وسيط موثوق

يقول المحلل السياسي والاقتصادي عبد الله الخاطر إن دولة قطر بذلت جهدا كبيرا من أجل أن تؤدي دور الوساطة في مختلف القضايا والأزمات الدولية والإقليمية، وحرصت على هذا الدور معتمدة على أسس ومبادئ الأخلاق في تحالفاتها الإستراتيجية.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال الخاطر إن نجاحات الوساطة القطرية، وآخرها إطلاق لم شمل الأطفال الأوكرانيين بعائلاتهم، يرجع إلى أن قطر وسيط موثوق لدى جميع دول العالم والأمم المتحدة.

وأضاف أن الوساطة القطرية على مدار السنوات الأخيرة، أسهمت في حل العديد من الأزمات والقضايا العالقة، منها التسوية بين الولايات المتحدة وطالبان في أفغانستان، الأمر الذي أدى إلى تجنب كثير من الدمار والدماء والحروب.

وأوضح أن قطر باتت قاعدة الأساس بالنسبة للوساطة بين مختلف دول العالم، عبر علاقتها الإستراتيجية المميزة مع مختلف دول العالم، فعلاقتها مع إيران التي شكلت لها أزمات كبيرة، بات الكل يسعى إلى استثمارها الآن.

الدبلوماسية الناعمة

بدوره، أكد الكاتب والإعلامي القطري فهد العمادي أن دبلوماسية الوساطة التي تقوم بها دولة قطر، لها دور فعال في المجتمع الدولي في حل كثير من النزاعات الإقليمية والدولية خلال السنوات الأخيرة.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال العمادي إن أهم الأسباب التي تجعل الوساطة القطرية تؤتي ثمارها، هو التعامل بأسلوب جدي مع الأزمات، والحيادية في الوساطة، ووضع جميع الأطراف على مسافة واحدة، الأمر الذي يجعل كثيرا من الدول وخاصة الكبرى تلجأ إليها في الوساطة كونها شريكا موثوقا في الوسط الدولي، وتتميز بعلاقات متميزة مع مختلف دول المنطقة أو خارج المنطقة.

وأضاف أن قطر تؤدي دورا مهما في الوساطة بمختلف مناطق العالم، ووساطة قطر لإرجاع أطفال أوكرانيا تدخل ضمن الوساطات الخيرة التي لها نهايات سعيدة، وهو ما يؤكد علاقات قطر القوية مع مختلف دول العالم.

وأوضح أن قطر بقوتها الدبلوماسية الناعمة سبق أن نجحت في كثير من الوساطات خلال الفترة السابقة، سواء في جيبوتي أو إريتريا أو اتفاقية سلام درافور، ومؤخرا الإفراج عن الأسرى الأميركيين في إيران، لافتا إلى أن نهاية الوساطات القطرية سعيدة دائما، ومن النادر عدم نجاحها في أي ملف.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *