عمّان- تتراجع ذاكرة الإنسان تدريجيا مع تقدمه في السن، لكن بعض الشباب والشابات يعانون من تراجع حاد ومفاجئ في قدرتهم على التذكر، فما هي الأسباب؟ وهل يمكن معالجته؟
قبل الخوض في التفاصيل لا بد من ذكر أن الإنسان ينسى بسرعة مدهشة، فقد توصلت الأبحاث إلى أن ما يقارب 56% من المعلومات يتم نسيانها خلال ساعة، و66% بعد يوم واحد، و75% بعد 6 أيام وفق تقرير نشره موقع “فري ويل مايند”.
وعلى الرغم من قدرة الدماغ على القيام بمآثر مثيرة للإعجاب فإن قدرته على تخزين واسترجاع التفاصيل محدودة لأسباب مختلفة تجعلنا ننسى الأشياء.
الذاكرة أنواع ومراحل
يقول اختصاصي الطب النفسي الدكتور علاء اللحام إن الذاكرة “تعد من الوظائف الإدراكية التي تتقاطع مع كثير من الوظائف الحياتية للإنسان وتؤثر فيها”.
ويبين الدكتور اللحام للجزيرة نت أن “الذاكرة أنواع ومراحل، وكل من هذه الأنواع والمراحل والمستويات يؤثر ويتأثر بعوامل وآليات مختلفة”.
ويضيف أن الذاكرة قد تضعف لأسباب عدة تختلف باختلاف العمر والبيئة والوضع الصحي والعضوي والنفسي.
ضعف ذاكرة دائم وآخر مؤقت
وتتأثر الذاكرة بألزهايمر والجلطات الدماغية والصدمات على الرأس ومرض الباركنسون وأمراض عصبية، ومثل هذه الأسباب يكون فيها الضعف دائما، وفق المختص اللحام.
ويضيف أن هناك أسبابا لضعف الذاكرة المؤقت والتي يمكن علاجها فتعود الذاكرة إلى وضعها الطبيعي، ومن هذه الأسباب:
- كسل الغدة الدرقية.
- نقص فيتامين “بي 12”.
-
الاكتئاب والقلق: وهو ما يهمنا هنا في هذا المقام، فالاكتئاب قد يسبب انخفاضا في الوظائف الإدراكية، ومنها الذاكرة، خاصة عند كبار السن، وهو ما يتضح عند أخذ السيرة المرضية المفصلة للمسن فيتبين أنه يعاني من الاكتئاب.
طرق تحافظ على الذاكرة
ويعتبر الدكتور اللحام أن التعامل مع الاكتئاب خطوة مهمة وذات أولوية علاجية لتصحيح مسار الذاكرة وإعادته إلى وضعه الطبيعي “إذ إن مراكز الذاكرة في الدماغ بحاجة للتمرين باستمرار كما العضلات، لتحافظ على لياقتها المعرفية”.
وينصح اختصاصي الطب النفسي بالمداومة على القراءة، وممارسة تمارين الحساب، والحفظ، والاستمرار بممارسة النشاطات الذهنية، والتي تبقي القدرات المعرفية على وضعها الوظيفي المناسب.
الإجهاد المستمر
بدوره، يتفق المستشار النفسي الأسري الدكتور أحمد سريوي مع الدكتور علاء اللحام على أن أسباب ضعف الذاكرة متعددة “منها ما يتعلق بقلة النوم أو التوتر والقلق، ومنها بسبب الإصابة ببعض الأمراض النفسية مثل الاكتئاب، وقد يكون الأمر سببه سوء التغذية الذي يؤدي إلى نقص فيتامين بي 12، وهو أحد أهم فيتامينات الأعصاب ويؤثر على الذاكرة بشكل مباشر”.
ويضيف سريوي أن تراجع الذاكرة “قد يعود إلى الصداع أو الإجهاد المستمر، بسبب عدم الالتفات للراحة في العمل، وإجمالا كلما تقدم العمر ضعفت الذاكرة عند كثير من الناس”.
مواقف محرجة
ويقول المستشار سريوي “من الطبيعي أن يتعرض الفرد من ذوي الذاكرة الضعيفة لمواقف محرجة مع نفسه ومع الناس، فقد ينسى أسماء الأشخاص أو الأشياء، أو يفقد بعض المصطلحات التعبيرية في الوقت الذي يود أن يشرح فيه فكرة معينة”.
“ولذلك على الإنسان معرفة السبب الذي أدى لضعف ذاكرته، ثم البدء في علاجه، وعلى شاكلة ذلك فإن علاج القلق والتوتر يتم من خلال جلسات الاسترخاء التنفسي والذهني وجلسات العلاج السلوكي المعرفي للأفكار السلبية والمخاوف التي أدت لهذه الحالة”، وفق سريوي.
ويضيف “الذاكرة السيئة قد تكون في بعض الأحيان نعمة لصاحبها في نسيانه تفاصيل أحداث سيئة حصلت معه، ولكن لا يعني ذلك أنه قد نسي الموضوع نفسه وبشكل كامل، وإنما يكفي نسيان التفاصيل التي تسبب زيادة في الألم عند التذكر وتجعل الذاكرة السلبية صعبة النسيان”.
كيف تقلل النسيان؟
على الرغم من أن بعض النسيان أمر لا مفر منه فإن بعض الخطوات كفيلة بمساعدتك على تثبيت المعلومات المهمة في ذاكرتك.
ويعدد موقع “فري ويل مايند” بعض الممارسات التي تساعد في تقليل النسيان، ومنها:
- ممارسة التمارين الرياضية: ممارسة التمارين يمكن أن تؤدي إلى تحسينات سريعة في وظيفة الذاكرة، ليست هناك حاجة لقضاء ساعات على جهاز المشي أو في صالة الألعاب الرياضية، فالتمارين القصيرة والخفيفة للغاية تؤدي إلى تحسينات سريعة في وظيفة الذاكرة كما أثبتت الأبحاث.
- الحصول على قسط وافر من النوم: النوم الكافي ضروري للصحة البدنية والعقلية، في حين أن احتياجات النوم يمكن أن تختلف من شخص إلى آخر، ولذلك فإن التوصية النموذجية للبالغين هي من 7 إلى 9 ساعات في الليلة.
- التدرب على حفظ المعلومات: في بعض الأحيان تكون أفضل طريقة لحفظ شيء ما في الذاكرة وتقليل فرص نسيانه هي استخدام “التدرب”، راجع المعلومات بشكل متكرر حتى تحفظها في الذاكرة.
- كتابة المعلومات: عندما تفشل كل الطرق الأخرى اكتب المعلومات المهمة حتى تتمكن من الرجوع إليها لاحقا، وفي بعض الحالات قد تساعدك عملية تدوينها على تذكرها لاحقا.