كم مرة مددت يدك لالتقاط وعاء الزبادي من الثلاجة، ولاحظت مياها متجمعة تميل للاصفرار، فسارعت بسكبها في الحوض على اعتبارها سوائل زائدة تكونت بفعل التكثيف والتبريد؟!
بحسب الدكتور البريطاني كاران راجان، فإن هذا السائل العائم على سطح الزبادي ليس مجرد ماء، بل هو مليء بالعناصر الغذائية الأساسية الرائعة لصحتنا.
ويتكون “مصل اللبن” تلقائيا أثناء عملية صُنع الزبادي عن طريق إضافة البكتيريا إلى الحليب الساخن، ثم فصل خثارة الحليب الصلبة عن مصل اللبن السائل الذي يتبقى بعض منه ضمن كتلة الزبادي الصلب. لكنه يعود إلى الانفصال والتجمع مرة أخرى إذا تُرك الزبادي لفترة من الوقت؛ و”كلما تُرك الزبادي فترة أطول، كلما زاد احتمال أن يتراكم مصل اللبن ويرتفع إلى الأعلى مُشكلا تلك الطبقة المائية”، بحسب موقع “هافينغتون بوست” الأميركي.
ويُعد مصل اللبن أحد البروتينين الأساسيين الموجودين في الحليب، أما البروتين الآخر فهو الكازين الموجود في الجزء الصلب من الزبادي.
ويعد الكازين بروتينا مهما لحماية وبناء العضلات، والحصول على الأحماض الأمينية الأساسية والكالسيوم، ويشكل حوالي 80% من محتوى الحليب الحيواني من البروتين، أما الـ20% المتبقية فتأتي من بروتين مصل اللبن.
لا تُفرّط في مصل اللبن
وتوصي اختصاصية التغذية لوري زانيني، بعدم التخلص من مصل اللبن، “كي لا تفقد بعض العناصر الغذائية المهمة، وتُفسد نكهة وقوام ملمس الزبادي”.
فمصل اللبن معروف بخواصه الثمينة التي يستمدها من “محتواه الغني بالبروتين والفيتامينات والكالسيوم والمعادن، وبكتيريا البروبيوتيك المفيدة للأمعاء”، بحسب د. راجان، الذي يوصي أيضا “بتقليب الزبادي مرة أخرى والاستمتاع به، بدلا من التخلص من مصل اللبن”.
كما ينصح الخبراء بتخزين مصل اللبن في الثلاجة، أو في وعاء محكم الإغلاق في الفريزر، واستخدامه لصنع المخبوزات، أو طهي الشوفان أو الأرز أو المعكرونة أو البطاطس أو الفاصوليا.
وتقترح خبيرة التغذية أماندا سوسيدا “تجميد مصل اللبن على شكل مكعبات ثلج، وإضافة بعضها إلى العصائر، للحصول على بعض البروتين الإضافي”.
كذلك، تمكن الاستفادة منه في صنع الزبادي والجبن الطازج، مثل جبن الـ”فروماغ فريس” الفرنسي (جبن طري مصنوع من الحليب الكامل أو منزوع الدسم، يُشبه الجبن الكريمي؛ لكنه أقل دهونا وسعرات حرارية وكوليسترولا).
لا دهون ولا كوليسترول
ووفقا للخبراء، يتميز مصل اللبن الناتج من الزبادي بأنه خال تقريبا من الدهون، حيث يحتوي الكوب الواحد على 0.9 غرام فقط من إجمالي الدهون، و0.6 غرام من الدهون المشبعة.
كما أنه منخفض في نسبة الكوليسترول، فيحتوي الكوب على 5 ملليغرامات، وهي كمية لا تتعدى 1% من الحد اليومي الموصى به من الكوليسترول للبالغين الأصحاء، وهو 300 ملليغرام.
خال من الألياف ويحتوي على اللاكتوز
ولا توجد أية ألياف في مصل اللبن، لكن كل كوب يحتوي على 12.6 غراما من إجمالي الكربوهيدرات، (يجب أن يكون مصدر ما يقرب من 45 إلى 65% من السعرات الحرارية اليومية من الكربوهيدرات). فإذا كنت تتبع نظاما غذائيا يحتوي على ألفي سعر حراري، فإن كوبا واحدا من مصل اللبن “سوف يوفر لك ما بين 1 إلى 1.2% من هذه النسب”، وفقا للخبراء، الذين ينبهون إلى أن “سكر الكربوهيدرات الأساسي الموجود في مصل اللبن هو اللاكتوز”؛ لأنه مشتق من منتجات الألبان.
لذلك “إذا كنت تعاني من حساسية اللاكتوز أو تتجنب اللاكتوز، فلا تقم بتضمين مصل اللبن المشتق من الزبادي في نظامك الغذائي”.
مصدر ممتاز لفيتامينات “بي”
أما إذا كان الجسم يحتاج إلى عائلة فيتامينات “بي” للمساعدة في عملية التمثيل الغذائي للدهون والكربوهيدرات والبروتين، وتخليق المركبات الأساسية، وصحة بعض الأجهزة العضوية، فإن الكوب الواحد من مصل اللبن يحتوي على حوالي 0.4 ملليغرام من الريبوفلافين، المعروف باسم فيتامين “بي2″؛ وهو ما يلبي حوالي 31% من الاحتياجات اليومية الموصى بها للرجال، و36% من الاحتياجات اليومية الموصى بها للنساء.
كما أن مصل اللبن غني أيضا بفيتامين “بي12″، حيث يوفر كل كوب 0.7 ميكروغرام من العناصر الغذائية، وهو ما يمثل 29% من الكمية الموصى بها يوميا للبالغين العاديين.
نسبة عالية من الكالسيوم والفوسفور
على صعيد آخر، يحتاج الرجال والنساء البالغون الأصحاء الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و50 عاما إلى ألف ملليغرام من الكالسيوم يوميا على الأقل، وكل كوب من مصل اللبن يحتوي على 116 ملليغراما من الكالسيوم، وهو ما يلبي أكثر من 11% من هذه الاحتياجات.
كما تحتاج النساء فوق 51 عاما، والرجال فوق 70 عاما إلى 1200 ملليغرام من الكالسيوم يوميا، وكل كوب من مصل اللبن يوفر حوالي 10% من هذه الاحتياجات.
كذلك، يُعتبر مصل اللبن مصدرا جيدا للفوسفور، حيث يحتوي كل كوب على 113 ملليغراما، أو 16% من الكمية اليومية الموصي بها للبالغين. كما يوفر معادن مثل “البوتاسيوم والنحاس والزنك، إلى جانب بكتيريا البروبيوتيك المفيدة للأمعاء”، وفقا لمراجعة نُشرت في مجلة علوم الألبان عام 2021.
الزبادي اليوناني والكالسيوم والسكر
يقول د. راجان “إذا كنت لا تستطيع أو لا تُفضل تناول مصل اللبن على الإطلاق -رغم فائدته بالنسبة لك- فيمكنك تناول الزبادي اليوناني، حيث تتم تصفيته من أكبر قدر من مصل اللبن، ليكون أعلى كثافة وأكثر دسما”.
ولكن، مع ملاحظة أن “بعض الكالسيوم تتم إزالته من الزبادي اليوناني أثناء عملية التصفية”، وهناك شركات تعيد إضافته مرة أخرى، وشركات لا تفعل.
فإذا كنت تُدرج الزبادي اليوناني في نظامك الغذائي كمصدر للكالسيوم، فتأكد من مراجعة ملصق المعلومات الغذائية”، وفقا لموقع “هارفارد تي. إتش. تشان، الذي ينبه أيضا، إلى أن “بعض أنواع الزبادي يمكن أن تحتوي على ما يصل من 20 إلى 25 غراما من السكر لكل 140 غرامَ زبادي”.
وعلى الرغم من أن بعض هذه الكمية قد يأتي من اللاكتوز الموجود بشكل طبيعي، فإن معظمها سيكون من المحليات المضافة. لهذا “إذا رأيت سكرا مضافا أو أي شكل من أشكال السكر بين مكونات الزبادي، فاختر الزبادي العادي، ثم أضف الفاكهة أو القليل من العسل حسب رغبتك”.