خلال الأسبوع الحالي، ألقت الشرطة في مصر القبض على سيدة بمنطقة البساتين في القاهرة، بعدما ظهرت في فيديو على منصة “إكس”، “تويتر” سابقا، تدعي فيه تعرضها لمحاولة خطف على يد لاجئين بالبلاد، لكن تبين زيف روايتها واعترفت بأنها فعلت ذلك من أجل الشهرة وتحقيق الأرباح.
وفي باكستان، تبحث الشرطة حاليا عن فتاة أطلقت النار على شقيقتها وقتلتها على الفور، خلال تشاجرهما أثناء تصوير مقطع فيديو على منصة “تيك توك”.
وخلال السنوات الماضية، ألقي القبض على العديد من الأشخاص بسبب ظهورهم في مشاهد أو قيامهم بأفعال على منصات التواصل الاجتماعي يصنفها القانون على أنها جرائم، ولا يزال الكثير منهم يقضي عقوبة السجن.
زوال الفوارق
أستاذة علم الاجتماع في جامعة الزقازيق المصرية هدى زكريا، قالت لموقع “سكاي نيوز عربية” إن “الأزمة بدأت أولا بأن الفوارق بين العام والخاص ذابت على منصات التواصل الاجتماعي، وأصبحت أسرار المنازل متاحة ومفضوحة على البث المباشر من أجل التربح المادي”.
وتابعت: “المسألة امتدت لذوبان الفروق بين الفعل الطبيعي والفعل الذي يصنف كجريمة، لذلك نجد الكثيرين يأتون بأفعال على أنها طبيعية ويصورونها وينشرونها على منصات التواصل، ثم يفاجأون بأنها جرائم تصل بهم للسجن”.
وحسب الأكاديمية المصرية، فقد “رأينا خلال السنوات الماضية الكثير من الشباب والفتيات الذين زجت بهم أفعالهم على منصات التواصل الاجتماعي إلى السجن”.
وأكدت أن “هناك عاملا مهما أيضا، هو أن كل من يفتقد البطولة في حياته الطبيعية يسعى لتحقيقها على منصات التواصل، كأن يلجأ لإشهار السلاح أو أي أفعال مجرّمة أخرى”.
ونوهت زكريا إلى أن “كل ذلك يمثل إنذارا بخطورة كبيرة على المجتمع ويجب الاستعداد له في الأسرة والمدرسة والإعلام وشتى الوسائل، عبر خلق مساحات ثقافية واجتماعية وتربوية تشغل حيزا كبيرا من حياة الشباب والمراهقين خصوصا، حتى لا يتم تركهم فريسة لمنصات التواصل وما يحدث فيها”.
وأشارت إلى أن ضرورة تشديد العقوبات على الجرائم التي ترتكب من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، إذ “يمثل ذلك سلاحا رادعا أيضا لمواجهة هذه الظاهرة المهددة للمجتمع”.
شهرة مزيفة
وقال خبير الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي محمد فتحي لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن التزييف واختلاق القصص والمعلومات المضللة على مواقع التواصل الاجتماعي يعد نشاطا غير قانوني وغير أخلاقي.
وأكد فتحي أن “التزييف يشمل إنشاء حسابات وهويات وهمية أو نشر معلومات زائفة بهدف إيهام الآخرين، أو تحقيق انتشار واسع وما يتبعه من أرباح مادية أو ما يعرف بـ(ركوب التريند). هذا عمل غير أخلاقي وغير قانوني، مما قد يتسبب عنه أضرار جسيمة للأفراد والمجتمع بشكل عام”.
وتابع: “لمواجهة ارتفاع نسق وموجة التضليل على منصات التواصل الاجتماعي، عملت عدة دول على إنشاء قوانين خاصة لمواجهة جرائم الإنترنت أو التي استخدمت فيها منصات التواصل الاجتماعي مسرحا للجريمة، كنشر معلومات مضللة أو اختلاق أكاذيب أو الابتزاز والتحرش أو تعمد نشر أخبار كاذبة عن جهات بعينها أو أفراد، وخلافه”.
وأوضح أن “الجرائم المختلفة مثل القتل يتم التعامل معها بنفس التشريعات والقوانين الجنائية، وهو ما دفع دول إلى إنشاء أجهزة رقابية خاصة لمتابعة منصات التواصل الاجتماعي والمنشورات التي تعتبر بلاغات ضد جرائم. وفي أغلب الأحيان كانت وسائل التواصل أداة مهمة للكشف عن عدد من الجرائم”.
سبل المواجهة
واستطرد فتحي مؤكدا: “من جهة أخرى تلعب منصات التواصل الاجتماعي دورا مهما في مواجهة المعلومات المضللة والأكاذيب، من خلال وضع سياسات صارمة لمنع نشر المعلومات المغلوطة على المنصة، بالإضافة إلى تحديث السياسات بشكل دوري لمواكبة الأمور الطارئة مثل الجرائم التي تتم في البث المباشر، مع استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات للكشف عن نماذج التضليل والأكاذيب، وتحسين الخوارزميات للتعرف على المحتوى الكاذب وتقييم جودة المعلومات”.
فتحي قال إن “من وسائل مواجهة المحتوى الزائف أيضا التعاون مع الخبراء ومنظمات الفحص الصحفي والخبراء لتحليل المعلومات والتحقق من صحتها، مع تشجيع المستخدمين على الاستفسار عن مصدر المعلومات والتحقق منها قبل مشاركتها، وإصدار تحذيرات وإشعارات للمستخدمين حيال المحتوى المشكوك فيه أو الذي يمكن أن يكون غير دقيق، مع العمل على توفير معلومات إضافية حول السياق والمصداقية للحد من انتشار المعلومات الكاذبة”.
وشدد على “ضرورة التعاون مع الحكومات ووسائل الإعلام والمجتمع الأكاديمي لمواجهة التحديات المتعلقة بالمعلومات الكاذبة أو التي تمثل جرائم، وتبادل المعلومات والخبرات لتعزيز استدامة جهود مكافحة المعلومات الكاذبة، ويجب أن يكون التركيز على الحفاظ على حقوق حرية التعبير وتجنب الرقابة المفرطة، مع موازنة ذلك مع الحاجة إلى حماية المستخدمين من المعلومات الخاطئة”.
وختم بالقول إن “نهم المستخدمين في تحقيق المشاهدات والتكسب من الأرباح ناتج عن فقر المحتوى والإبداع، إلا أن حالة أو عشرات الحالات لا يمكن اعتبارها ظاهرة، خاصة أن حوالي نصف سكان الكوكب يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي، وما يقارب من 70 بالمئة من البالغين يستخدمون على الأقل منصة واحدة”.