رغم أن حليب الأبقار ما يزال الأوسع انتشارا في جميع أنحاء العالم، فإن السنوات الأخيرة شهدت اعتماد المزيد من الناس على حليب النباتات، وخصوصا المصنوع من اللوز والشوفان وجوز الهند وفول الصويا.
حيث تُظهر الأبحاث أن سوق الحليب النباتي العالمي الذي بلغت قيمته 35 مليار دولار في عام 2021، من المتوقع أن يصل إلى حوالي 123 مليار دولار بحلول عام 2030.
وهو ما يُعتبر “انفجارا في هذا السوق”، كما يقول كريستوفر غاردنر، خبير التغذية والأستاذ في مركز ستانفورد لأبحاث الوقاية بكاليفورنيا؛ الذي أشار في أحد كتبه، إلى أن مصادر الحليب النباتي أصبحت تشمل:
- جميع أنواع المكسرات تقريبا (اللوز وجوز الهند والبندق والفستق والجوز والمكاديميا والكاجو).
- البقوليات (فول الصويا، والبازلاء، والفول السوداني، والترمس، واللوبيا).
- البذور (السمسم والكتان والقنب وعباد الشمس).
- الحبوب (الشوفان والأرز والذرة والقمح والكينوا). ثم حليب البطاطس؛ وحليب الموز، “الذي يُعد الأحدث”.
لهذا، وضع الخبراء حليب الأبقار في مواجهة حليب النباتات، للمقارنة بينهما من حيث:
الفيتامينات والمعادن
يحتوي حليب الأبقار على جميع العناصر الغذائية اللازمة لتعزيز النمو، بما فيها فيتامين”بي 12″ (B12) والكالسيوم والبوتاسيوم والفوسفور؛ كما أن معظمه مدعم بفيتامينات إضافية كفيتامين”دي” (D)، الذي يضاف إلى حليب الأبقار منذ ثلاثينيات القرن الـ20، لحماية الأطفال من الكُساح.
أما بالنسبة للحليب النباتي، ففي دراسة أجريت عام 2023 على 233 نوعا منه؛ وجد الباحثون أن “70% من حليب النباتات يكون مدعما بالكالسيوم وفيتامين (دي)”.
الألياف
لا توجد أية ألياف في حليب الأبقار، لكنها موجودة بكميات متواضعة في العديد من حليب النباتات، حيث تحتوي بعض ماركات حليب الشوفان على 2-3 غرامات من الألياف لكل وجبة، بينما يحتوي حليب الصويا واللوز وبعض الأنواع الأخرى على كميات أقل.
ومع أنها كميات -رغم قلتها- قد تساعد في الوصول إلى الاحتياجات اليومية من الألياف، لكن اختصاصية التغذية المعتمدة، أبيجيل جونسون، توضح أننا “يجب أن نتناول 3 أكواب من الحليب النباتي على مدار اليوم، لكي نصل إلى نصف احتياجاتنا من الألياف، والأفضل أن نحصل عليها من البقوليات والحبوب الكاملة والفواكه والخضروات، مباشرة”.
البروتين
حليب الأبقار هو أحد رموز البروتين، حيث يحتوي الكوب الواحد من الحليب كامل الدسم أو قليل الدسم على 8 غرامات بروتين، وهو ما يجعله مصدرا غنيا لبناء العضلات؛ وترتفع هذه الكمية إلى 13 غراما لكل كوب من الحليب “فائق التصفية”، (يتم تصنيعه عن طريق تصفية بعض الماء واللاكتوز من الحليب العادي، وهذا ما يخلق تركيزا أعلى من البروتين).
في المقابل، وجد الباحثون أن الحليب النباتي يحتوي على نسبة بروتين أقل من حليب الأبقار؛ فهي أعلى ما تكون في حليب البازلاء، (7.5 غرامات من البروتين لكل كوب)، يليه حليب الصويا (6.1 غرامات من البروتين لكل كوب في المتوسط)، بينما يحتوي حليب اللوز على غرام واحد.
صحة العظام
حددت منظمة الصحة العالمية الاحتياجات اليومية من الكالسيوم بـ500 ملليغرام، ويحتوي كوب من حليب جوز الهند على حوالي 460 ملليغراما من الكالسيوم، يليه حليب اللوز بحوالي 450 ملليغراما، ثم يأت حليب الأبقار الثالث في الترتيب بحوالي 310 ملليغرامات.
ورغم أن شركات صناعة الألبان -ومعها وزارة الزراعة الأميركية- قد أكدت لعقود، على أن حليب الأبقار ضروري لبناء عظام الأطفال؛ فإن الدراسات نبهت إلى أن “الإفراط في تناول كميات إضافية من ألبان الأبقار والكالسيوم، لا يُضاعف من قوة عظام الأطفال”.
وأوصى والتر ويليت، أستاذ التغذية في جامعة “هارفارد تي. إتش”، بالحصول على الكالسيوم “من خلال اتباع نظام غذائي صحي ومتنوع، لا يعتمد على حليب الأبقار فقط، ولكن يتضمن الحليب النباتي والخضروات والحبوب الكاملة والأسماك والمكسرات والبذور”.
الدهون والكوليسترول
باستثناء حليب جوز الهند، الذي يحتوي على نسبة عالية من الدهون المشبعة (الدهون التي ترفع نسبة الكوليسترول الضار المرتبط بأمراض القلب)؛ فإن معظم أنواع الحليب النباتي “تحتوي على القليل من الدهون المشبعة، أو لا تحتوي على أية دهون”.
فحليب الصويا -على سبيل المثال- يحتوي على كمية من الأحماض الدهنية، ذات التأثير الإيجابي على مستويات الكوليسترول في الدم، وهو ما يجعله مفضلا لخفض خطر الإصابة بأمراض القلب”؛ بحسب والتر ويليت.
في المقابل نجد معظم الدهون الموجودة في حليب الأبقار، هي دهون مشبعة؛ حيث تبلغ نسبة الدهون في كوب من حليب الأبقار الخالي من الدسم حوالي 0.2 غراما (1.4 غرام منها دهون مشبعة)؛ وتصل إلى 8 غرامات (4.5 غرامات منها دهون مشبعة) في كوب الحليب كامل الدسم.
ومع ذلك، لم يجد العلماء ارتباطا “بين استهلاك الألبان كاملة الدسم أو قليلة الدسم، وأمراض القلب”؛ ووجدوا أن منتجات اللبن الرائب والزبادي “قد تقي من أمراض القلب والأوعية الدموية”.
الحليب النباتي ليس بديلا
وفي معظم الحالات، “لا ينبغي اعتبار حليب النباتات بديلا لمنتجات الألبان الحيوانية”، وفقا لما قالته ميليسا ماجومدار، المتحدثة باسم أكاديمية التغذية، لصحيفة “نيويورك تايمز”.
موضحة أن الاستفادة من حليب النباتات، تعتمد على النوع الذي تشربه، ومحتواه من العناصر الغذائية والفيتامينات، والسكريات المضافة؛ “حيث يمكن أن تحتوي بعض الأنواع على سكر مضاف أكثر من حلوى الدونات”. وهو ما تؤكده أبيجيل جونسون قائلة: “إن أكثر من ثلث منتجات الألبان النباتية تحتوي على سكر بكميات تشبه الحليب ذا النكهات، كالحليب بالفراولة أو بالشوكولاتة”.
ورغم محاولات تطوير الألبان النباتية لتتناسب مع العناصر الغذائية الموجودة في حليب الأبقار، توضح جاكي هافن، من مركز سياسات التغذية بوزارة الزراعة الأميركية؛ أن “العديد منها لا يوفر عناصر أساسية تجعله يحل محل حليب الأبقار، الغني بشكل طبيعي بالبروتين والزنك والكالسيوم والبوتاسيوم وفيتامينات “بي”.
الحساسية
مع أن بعض منتجات الحليب النباتي يمكن أن تشكل “بدائل مهمة” لمن لديهم حساسية من تناول الحليب الطبيعي، تشير الدراسات إلى أن 68% من سكان العالم قد يكونون حساسين تجاه الحليب، بسبب عدم تحمل اللاكتوز الذي يؤدي إلى انتفاخ البطن والتشنج والتقلصات.
لكن الحساسية لا تقتصر على حليب الأبقار فقط، فقد وجد العلماء أن بعض أنواع الحليب النباتية، مثل حليب اللوز وحليب الصويا وحليب جوز الهند؛ “قد تثير ردود فعل تحسسية لدى بعض الناس أيضا”.