وهو ما يكشف استمرار أزمة ارتفاع معدلات هذه الآفة الاجتماعية في البلاد، والتي تشمل عشرات آلاف الحالات سنويا، حيث تم تسجيل أكثر من 73 ألف حالة طلاق في العراق خلال عام 2022، وفق البيانات الرسمية، التي تظهر حصول ارتفاع كبير في الأرقام مقارنة بالسنوات الماضية .
هذا وينشر مجلس القضاء الأعلى شهريا بيانات وإحصائيات مفصلة بعدد حالات الطلاق في العراق، ولا تشمل تلك الإحصائيات الحالات المسجلة في محاكم إقليم كردستان العراق، مما يعني أن الرقم سيكون أكبر عند احتساب مجمل الحالات على صعيد العراق عامة .
ورغم أنها ليست المرة الأولى التي تسجل فيها المحاكم العراقية مثل هذا الكم الكبير من حالات الطلاق بين الأزواج، لكن تواصل هذه الوتيرة التصاعدية على مدى سنوات، يدق ناقوس الخطر حسب الخبراء والاختصاصيين ما يهدد وفقهم بزعزعة الاستقرار المجتمعي، ويعرض مستقبل آلاف الأسر العراقية والشباب والأطفال للضياع والتفكك.
عوامل معقدة
تقول الباحثة الاجتماعية نوال الإبراهيم، في حديث لموقع سكاي نيوز عربية :
- آلاف مؤلفة من حالات الطلاق سنويا هي تعني ولا شك أن آلاف الأسر العراقية تتفكك وتنهار، وأن أطفالا ونساء كثر يدفعون ضريبة مضاعفة جراء ذلك، وهو ما بات بمثابة نزيف مجتمعي خطير بحاجة لكبحه .
- العوامل وراء هذا التفشي لظاهرة الطلاق متراكمة ومتداخلة، أبرزها تضافر الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والبيئية، فمثلا سوء الوضع المادي يدفع كثيرين من الأزواج للإقامة في منزل أهل الزوج، وهو ما ينتج عنه خلافات مزمنة تحت سقف البيت الواحد تقود غالبا للطلاق.
- كما وأن التوظيف السيء للتكنولوجيا الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي تنتج عنه حالات طلاق كثيرة، ترتبط بخيانات زوجية وابتزازات إلكترونية وتحرشات، ولا ننسى طبعا العامل الأخطر وهو الزيجات المبكرة لأطفال بكل معنى الكلمة، علاوة على البطالة والفقر وارتفاع الزواج المبكر بين الفئات الأقل تعليما .
- ولهذا فالحلول تتطلب تشريعات تقنن انتشار الزواج المبكر وتمنعه، نظرا لما ينجم عنه من مشكلات اجتماعية وإنسانية، تنعكس سلبا على المجتمع برمته .
العنف الأسري
بدورها تقول الناشطة النسوية والحقوقية العراقية سارة جاسم، في حديث لموقع سكاي نيوز عربية :
- أحد أبرز عوامل هذا التصاعد في حالات الطلاق في العراق هو العنف الأسري المنفلت من عقاله، ولهذا فالمطلوب هو الغاء المادة 41 من قانون العقوبات العراقي، التي تبيح ما تسميه بتأديب الزوجة، وتشريع قوانين لحماية المرأة ومناهضة العنف الأسري، ما سيكفل كتحصيل حاصل الحد من تصاعد ظاهرتي العنف والطلاق
الزواج المبكر
- وزواج القصر بموافقة أولياء الأمور، هما كذلك من أسباب تفاقم الظاهرة، فالقصر ليسوا واعين ولا مدركين لمتطلبات الحياة الزوجية وشروطها، وغير مؤهلين عاطفيا وجنسيا وجسديا للزواج، والذي هو ليس فقط علاقة جنس وإنجاب، ذلك أن انتقاء الشريك أمر يتطلب وعيا ورشدا ومواجهة ليتمكن المرء من الاختيار الصحيح في النهاية، وهذا ما هو غير متوفر لمن هم في عمر الطفولة ودون سن الرشد.