وبسبب سقوط قذائف في منازلهم، أو أماكن تواجدهم، أو لعدم حصولهم على العلاج والرعاية الصحية بسبب الظروف الأمنية الخطيرة في مدن العاصمة الثلاث، توفي خلال فترة الحرب الحالية 7 من كبار الشعراء والموسيقيين والفنانين في البلاد، آخرهم يوم الخميس، وهو الموسيقار والملحن عمر الشاعر الذي عرف بـ”عبقري اللحن والموسيقى”.
وكان عمر الشاعر ألف ولحن، خلال مسيرته الفنية التي امتدت نحو 50 عاما، أجمل المقطوعات الخالدة في ذاكرة الفن السوداني، والتي تغنى بها أشهر الفنانين مثل عبدالكريم الكابلي وزيدان إبراهيم وحمد الريح والنور الجيلاني وغيرهم.
وسبق وفاة عمر الشاعر، رحيل الشاعر الصادق الياس في إحدى ضواحي شرق الخرطوم بعد معاناة مع المرض فاقمها انعدام الدواء والعلاج بسبب الحرب لتتوقف مسيرته التي انطلقت في سبعينيات القرن الماضي، بعد أن رفد الساحة الغنائية بأعمال رسخت في وجدان الشعب السوداني وأسهمت في تشكيله.
وضمت قائمة الراحلين الشاعر عبد العزيز جمال الدين الذي توفي بعد الدخول في نوبة صحية حزنا على وفاة شقيقته بسبب القتال الدائر في الخرطوم.
كما غيب الموت الفنانة آسيا عبدالواجد، أرملة الشاعر الكبير محمد الفيتوري بعد أن أصيبت بشظية؛ وبحسب تقارير صحفية فقد تم دفنها داخل مبنى مؤسسة تعليمية تمتلكها في منطقة الخرطوم بحري بعد تعذر دفنها في أي مقبرة عامة بسبب شدة القتال.
وفجعت الحرب السودانيين أيضا برحيل عازف “الفلوت” حافظ عبد الرحمن الذي ظل لأكثر من 5 عقود يشكل وجدان عشاق الموسيقى الرصينة داخل السودان وخارجه عبر مقطوعات موسيقية خالدة في العديد من الإذاعات والمحافل العالمية؛ والذي عرف بتخصصه البحت في آلة “الفلوت”؛ مما أهله لاكتساب قاعدة جماهيرية عريضة على المستويين المحلي والعالمي؛ حيث أصدر عدد من ألبوماته في فرنسا؛ واعتبرته الصحافة الاوروبية كواحد من ابرز مواهب الموسيقى الأفريقية.
وحصد رصاص الحرب أيضا الفنانة المجددة شادن محمد حسين بعد أن سقطت قذيفة بمنزلها في مدينة أم درمان، لتنهي مسيرة من العطاء الفني الإبداعي الذي تخطت به حدود السودان وأحدث ردود فعل واسعة في الأوساط الفنية في أوروبا بسبب لونيته التراثية المتميزة.
كما راح ضحية الحرب أيضا عركي مختار عضو فرقة “عقد الجلاد” الغنائية ذات الرواج الواسع وسط الشباب.
وكانت وفاة الموسيقي خالد سنهوري من الأحداث التي اهتزت لها ضمائر المجتمع المحلي والدولي؛ حيث وجد ميتا في بيته في حي الملازمين بأم درمان نتيجة هبوط حاد في الدورة الدموية بعد أن عاش لأيام دون مأكل أو مشرب في ظل أوضاع صعبة وانقطاع للكهرباء بسبب القتال المحتدم في المنطقة؛ وتم دفنه أمام منزله.
وإضافة إلى الشعراء والفنانين، غيب الموت أثناء فترة الحرب 3 من نجوم الكرة السودانية وهم فوزي المرضي وحامد بريمة الذان يعتبرا من أبرز من مثلوا المنتخب الوطني السوداني خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي؛ إضافة إلى أحمد عبد السلام، لاعب فريق الفئات العمرية بنادي المريخ والمنتخب الأولمبي السوداني والذي توفي إثر اصابته بقذيفة.
وتوفي فوزي المرضي الذي عمل مدربا لنادي الهلال بعد أن اشتد عليه المرض حزنا على مقتل ابنته الطبيبة الشابة برصاصة سقطت بمنزلها أثناء اشتباك بين طرفي القتال.
وشهدت فترة الحرب رحيل ثلاثة صحفيين بينهم الصحفي والناقد الرياضي المخضرم ميرغني أبو شنب والصحفيتان عايدة قسيس والتي تميزت بنشاط كبير في نقابة الصحفيين الحالية، إضافة إلى الصحفية سماهر عبد الشافع التي توفيت إثر إصابتها بدانة سقطت على منزلها في مدينة زالنجي بإقليم دارفور في غرب السودان.
ومن بين نحو 32 كادرا طبيا قتلوا خلال الحرب؛ برز بشرى ابن عوف استشاري الباطنية والجهاز الهضمي الذي اشتهر في أوساط المجتمع السوداني من خلال نشاطه الإعلامي الواسع في مجال التوعية الصحية والطبية عبر برامج تلفزيونية كان لها أثر كبير على المرضى.
ومن نجوم المجتمع الراحلين أثناء الحرب الحاج عباس السيد صاحب أشهر سلسلة لمطاعم الفول في السودان والتي ظلت لأكثر من 60 عاما تشكل واحدة من أبرز معالم الخرطوم وتعدت شهرتها حدود البلاد بعد افتتاح فروع لها في عدد من مدن الخليج.
ووفقا للكاتب الصحفي عبد الله إسحق، فإن الحرب المستمرة في البلاد تسببت في وفاة العديد من النجوم والمبدعين وأهل الفن والثقافة ورموز المجتمع.
ويقول إسحق لموقع سكاي نيوز عربية “منذ اندلاع الحرب العبثية، لم يستثني الموت أحدا، وساد الحزن وأصوات أزيز قصف الطائرات والمدافع القنابل ومات بالجوع والمرض والرصاص الكثير من المبدعين ونجوم المجتمع”.