يميل الناس إلى مقارنة وتشبيه بعضهم بالحيوانات في الكثير من المناسبات، سواء في معرض المديح أو الذم. فعلى سبيل المثال، يوصف الجبان عادةً بأنه “دجاجة”، ويوصف الخبيث بأنه “ثعلب”، والعنيد بـ”البغل”، في حين يشبّه الشجاع بـ”الأسد”.
لكن ما مدى دقة الأوصاف التي نربطها بالحيوانات؟ بحسب باحثين، فإن بعض الحيوانات لا تظهر الصفات نفسها التي نسندها إليها!
هل الثعالب ماكرة حقا؟
تُعرف الثعالب بقدراتها المعرفية وسلوكها الاجتماعي المتطور وقدرتها على التعلم من خبراتها السابقة، حسبما يقول خبير نظام الحياة البرية بالجامعة التقنية في درسدن الألمانية سفين هيرتسوغ.
ويضيف “إذا وقع فرد من مجموعة أسرية في فخ، فإن هذا الثعلب وأفراد أسرته سيتجنّبون هذا النوع من الفخاخ والهياكل المماثلة في المستقبل”.
وتتميز الثعالب بقدرتها على التكيف مع مجموعة متنوعة من البيئات، من الغابات إلى المناطق الحضرية. ويستطيع هذا الحيوان التنبؤ بالسلوك البشري من خلال مراقبتنا، مما يعني أنه يمكنه التفريق بين الصياد والشخص الذي يقوم بنزهة فقط. كما أن حاسة السمع لدى الثعالب قوية للغاية، حيث تمكنها من اكتشاف فريستها حتى تحت الثلوج الكثيفة.
وأوضح هيرتسوغ أن الثعالب يمكنها التكيف بسرعة، مما يتيح لها العيش في أماكن مختلفة. إضافة إلى ذلك، يُظهر سلوك الثعالب مستوى مرتفعًا من الذكاء الاجتماعي، حيث يقوم أفراد الأسرة بالصيد معاً في مجموعات صغيرة. هذه التفاعلات الاجتماعية تتطلب درجة معينة من التواصل والذكاء الاجتماعي، وهو ما يُظهر أن وصف الثعالب بالذكاء أكثر دقةً من وصفها بالمكر.
هل الكسلان بطيء فعلا؟
بحسب الصندوق العالمي للطبيعة، فإن الكسلان حيوان بطيء للغاية فعلاً، إذ لا يقطع إلا 8-10 أمتار في الدقيقة عندما يتحرك عبر الأشجار، مما يعني أنه يتحرك بسرعة أقل من كيلومتر في الساعة. يمكن أن يكون أبطأ عندما يتحرك على الأرض، حيث يصبح أكثر عرضة للخطر.
وعلاوة على ذلك، يحتاج الكسلان للنوم لمدة تصل إلى 18 ساعة يوميا. لكن ما يبدو لنا حياة هادئة وبطيئة للغاية هي في الحقيقة وسيلة ذكية لتوفير الطاقة. يتميز النظام الغذائي لحيوان الكسلان بقلة المواد الغذائية، ويتألف بصورة رئيسية من أوراق الأشجار وبعض الحيوانات الأصغر. هذا النظام الفقير بالطاقة يجبر الكسلان على الحفاظ على كل قدر ممكن من طاقته، ولذلك يكون تحركه بطيئا للغاية.
ومع ذلك، يمتلك الكسلان مهارة مدهشة في السباحة، حيث يستخدم هذه القدرة للتنقل عبر الأنهار والغابات الممطرة. كما أن جسمه مغطى بالطحالب التي تساعده على التمويه، مما يوفر له الحماية من الحيوانات المفترسة.
البغل عنيدٌ أم حذر؟
يُقال عادة إن البغل عنيد، لكن هذه الصفة ليست دقيقة تماما. إذ يقول خبراء الحيوانات إن البغال، التي تعيش عادة في المناطق الجبلية، تتسم بالحذر، إذ إن خطوة واحدة خاطئة قد تؤدي إلى نفوقها. لذلك، عندما يتوقف البغل فجأة، فهذا ليس بسبب عناده، بل لأنه لا يستطيع تقييم الموقف المحيط به بدقة، ويحتاج إلى وقت ليقرر.
والبغل هو مزيج بين الحصان والحمار، ويتميز بقوة تحمّل كبيرة تجعله مثاليا للعمل في المناطق الوعرة.
والحذر الذي يتسم به هذا الحيوان هو سمة تطورية لحمايته من المخاطر، ويظهر أن وصف البغل بالعناد غير عادل، بل يعكس حسا عاليًا بالبقاء والحذر من المخاطر البيئية.
وماذا عن النحل؟
يعد النحل من الحشرات المجتهدة، خاصة نحل العسل الذي تلعب فيه الأنثى الدور الأكبر. يقول خبراء في رابطة مربي النحل الألمانية إن النحلة الأنثى هي التي تقوم بمعظم العمل الشاق، خصوصا في البحث عن الطعام.
ويعتبر النحل كائنا اجتماعيا للغاية، إذ يتم توجيه أفراده باستخدام “رقصات الاهتزاز”، وهي لغة خاصة يستخدمها النحل لتوجيه بعضهم بعضا إلى مصادر الطعام. كما يعمل بصورة اقتصادية، حيث لا يعمل إلا عندما يعود العمل بالفائدة على المستعمرة بأكملها.
في المحصلة، تظهر الدراسات العلمية أن العديد من الأوصاف التي نطلقها على الحيوانات قد لا تكون دقيقة، على الرغم من رسوخها في الثقافة الشعبية. فحتى وإن كانت بعض السمات مستندة إلى ملاحظات حقيقية، فإن الكثير منها يحتاج إلى مراجعة علمية لفهم الواقع بشكل أفضل.