صوت المدائح والتواشيح لا تتوقف في محيط مسجد “السيدة زينب” بالحي القاهري الشهير الذي يحمل ذات الاسم، وتذوب عشقا بين حشود كبيرة تتمايل وتنطق بعبارات في حب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وآل بيته.
تلك الأجواء والطقوس الصوفية التراثية، تعرفها مصر في الثلاثاء الأخير من شهر “رجب” بالتقويم الهجري من كل عام، احتفاء بالليلة الختامية لـ”مولد السيدة زينب”، أحد أكبر وأشهر مساجد القاهرة، والذي ينسب إلى حفيدة النبي زينب بنت علي بن أبي طالب.
مريدو “مولد السيدة زينب” كانوا بالآلاف وفق مشاهدات، تابعت تلك الليلة الشعبية الكبرى في ختام احتفالات بدأت قبل أسبوع في محيط المسجد الذي يعد موقعه أحد أكبر أماكن تجمعات الطرق الصوفية بمصر.
وبين حلقات الذكر والمديح وقراءة التواشيح، تلهج ألسنة محبي “السيدة زينب”، والتي تقول وجوههم إنهم قدموا من نواحٍ عدة في مصر، أملا في حضور تلك الليلة الختامية التي يعتقد مصريون أن مقامها محل بركة.
وبخلاف تلك الطقوس الروحانية التي لا تخطئها أعين زوار الليلة الختامية، ضم محيط المسجد أيضا عشرات المظاهر من الأجواء الكرنفالية الشعبية التي تجمع بين شوادر بيع الحلوى والمشغولات المحلية ومناطق الألعاب والموالد الشعبية.
ويأتي التوافد الكبير على محيط مسجد “السيدة زينب” رغم أن المسجد مغلق مؤقتا منذ مطلع فبراير/شباط الجاري، لاستكمال عمليات تطوير فيه، تأمل وزارة الأوقاف المصرية أن تنتهي مع حلول شهر رمضان المرتقب أواسط مارس/آذار المقبل، وفق بيان سابق للوزارة.
وشهدت الليلة الختامية لـ”مولد السيدة زينب”، عودة الشيخ محمود التهامي نقيب المنشدين بمصر، ليحيي تلك الليلة بعد غياب طال أكثر من 5 سنوات، وفق ما نقلته تقارير إعلامية محلية.
سيدة التاريخ الكبير
وكانت السيدة زينب وصلت إلى مصر في عام 61 للهجرة، فخرج لاستقبالها جموع المصريين، وتوفيت مساء الأحد 15 رجب سنة 62 هـجرية، ويرجع الاحتفاء بها إلى يوم دخولها مصر، وفق المصادر التاريخية.
ووفق معلومات أوردتها الهيئة العامة للاستعلامات الرسمية بمصر، عبر موقعها الإلكتروني، فإن “مسجد السيدة زينب بالقاهرة هو أحد أكبر وأشهر مساجد القاهرة عاصمة مصر، وينسب إلى زينب بنت علي بن أبي طالب”.
ويقع المسجد في “حي السيدة زينب بالقاهرة حيث أخذ الحي اسمه من صاحبة المقام الموجود داخل المسجد، وهو يتوسط الحي ويعرف الميدان المقابل للمسجد أيضا بميدان السيدة زينب”.
والمشهور أن “المسجد مبني فوق قبر السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب، أخت الحسن والحسين”، وفق المصدر المصري ذاته.
وتنقل الهيئة رواية تنسبها إلى بعض المؤرخين، أن “السيدة زينب رحلت إلى مصر بعد معركة كربلاء (في العراق) ببضعة أشهر واستقرت بها 9 أشهر، ثم ماتت ودفنت فيها، ويعتبر الكثيرون مكان دفنها من أهم المزارات الإسلامية بمصر”، وفق المصدر ذاته.
ووفق الهيئة “يروى أن المسجد بني على قبر السيدة زينب من عام 85 هجريا، وورد ذكر المشهد ووصفه عند الكثير من الرحالة”.
وفي القرن العاشر الهجري “أعاد تعميره وتشييده الأمير عبد الرحمن كتخدا القازوغلي، وبنى مقام الشيخ العتريس الموجود الآن خارج المسجد ونقش على المقصورة: “يا سيدة زينب يا بنت فاطمة الزهراء مددك”، بحسب المصدر ذاته.
ووفق الهيئة، “اهتمت أسرة محمد علي باشا بالمسجد اهتماما بالغا وتم تجديده عدة مرات، وفي العصر الحالي تمت توسعة المسجد لتتضاعف مساحته تقريبا”.