لطالما شاع التخويف من الكربوهيدرات في خضم انتشار ثقافة الحميات الغذائية التي تدعم خفض استهلاك الكربوهيدرات أو تجنبها تماما، باعتبارها المصدر الرئيسي لزيادة الوزن، وذلك على الرغم من أنها تمثل “يجب أن تشكل 45 – 60% من السعرات الحرارية اليومية”، وفقا للإرشادات الغذائية الأميركية.
كما تؤكد اختصاصية التغذية إيمي كيمبرلين، أن الكربوهيدرات هي واحدة من 3 مغذيات أساسية – إلى جانب الدهون والبروتين- يحتاجها الجسم بكميات كبيرة، لدعم وظيفة العضلات، وتوفير الطاقة التي نحتاجها لإنجاز مهامنا اليومية العادية، وحذرت من أن “إهمال الكربوهيدرات وعدم تزويد الجسم بما يكفي منها، قد يؤدي إلى ضباب الدماغ والتعب والتهيج”.
كما ثبت ارتباط الأنظمة الغذائية التي تستبعد الكربوهيدرات، بأعراض من بينها “الانتفاخ، حُرقة واضطراب المعدة، عسر الهضم، والإسهال”. وأوضح الخبراء أن “الكربوهيدرات ليست ضارة، إلا أن بعضها قد يكون أكثر فائدة للصحة من غيره”، وأن ما يصلح منها لتحقيق هدف صحي، قد لا يناسب هدفا آخر، “فقد يُحب شخص الكعك، لكن نفس الكعك لا يكون مناسبا لشخص يحاول ضبط نسبة السكر في الدم”، بحسب اختصاصية التغذية، أماندا فرانكيني.
تصنيف الكربوهيدرات
بحسب موقع “هيلث لاين”، يمكن تصنيف الكربوهيدرات إلى:
- كربوهيدرات بسيطة، وهي غنية بالسكر، “يتم هضمها بسرعة، وتوفر طاقة فورية تمتصها خلايا الدم بسهولة، فترفع نسبة السكر بشكل أسرع”، وتوجد في السكر المكرر، والمشروبات الغازية السكرية، والحلويات المخبوزة، وحبوب الإفطار، ومركز عصير الفاكهة.
- كربوهيدرات معقدة، تحتوي على نسبة أعلى من النشا والفيتامينات والمعادن، والألياف التي “يتم هضمها ببطء”، مما يجعلها مهمة بشكل خاص “لتعزيز صحة الأمعاء، والتحكم في الوزن، كما أنها مثالية للأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الثاني” (توصي الجمعية الأميركية للسكري، بالحصول على 25 – 35 غراما من الألياف يوميا).
وتوجد في الخبز والمعكرونة المصنوعين من القمح الكامل، والمكسرات والحبوب الكاملة مثل الأرز والذرة والشوفان والفاصوليا والبازلاء، والفواكه الغنية والخضراوات.
أفضل كربوهيدرات لتحقيق 5 أهداف صحية رئيسية
توصي فرانكيني باختيار “أفضل أنواع الكربوهيدرات” التي يمكن إضافتها إلى وجباتنا، للمساعدة في تحقيق أهدافنا الصحية الرئيسية التالية:
لفقدان الوزن
وللمساعدة في تحقيق هذا الهدف، تنصح اختصاصية التغذية الرياضية ماكينا ويلشانز، باختيار الكربوهيدرات الغنية بالألياف، والمستمدة من الأطعمة الكاملة، “لمنع ارتفاع وانخفاض نسبة السكر في الدم”.
وذلك بدمج مكونات مثل الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة، مع البروتينات الخالية من الدهون، والأطعمة الغنية بالدهون الصحية، مثل عصير الفواكه مع التوت المجمد والموز والزبادي اليوناني، أو مزيج من المكسرات والفواكه المجففة، أو تفاحة مع زبدة الفول السوداني أو الجوز. محذرة من أن “نقص الكربوهيدرات يمكن أن يسبب تباطؤ التمثيل الغذائي، وزيادة انهيار العضلات، فيؤثر على فقدان الوزن المستدام”.
ومؤكدة على أنه “حتى وإن بدا تناول الكربوهيدرات غير منطقي، عندما يكون فقدان الوزن هو الهدف، ولكن التخلص منها تماما بحجة اتباع نظام للحمية، يمكن أن يكون له عواقب وخيمة على صحتنا”.
للأداء الرياضي
في حين أننا غالبا ما نسمع عن البروتين باعتباره مكونا رئيسيا للأداء الرياضي، لكن الكربوهيدرات – مثل تناول المعكرونة قبل الجري لمسافات طويلة- تُعد جزءا رئيسيا من النظام الغذائي للعديد من الرياضيين، “حيث تقوم بتغذية مخازن الغليكوجين التي تشكل المصدر الرئيسي للطاقة بالنسبة للتدريبات الطويلة وعالية الكثافة”، بحسب فرانكيني.
ووفقا للأكاديمية الوطنية للطب الرياضي، “لا يقلل الخبراء من شأن قوة الكربوهيدرات بعد التمرين أيضا”، حيث يحتاج الشخص الذي يزن 68 كيلوغراما، من 68 إلى 102 غرام إضافيا من الكربوهيدرات بعد التمرين “لتعزيز التعافي”.
وتضيف ويلشانز “إن الجلوكوز – الموجود بشكل أساسي في الأطعمة القائمة على الحبوب- يُعد أحد أفضل أشكال الكربوهيدرات التي يستخدمها الجسم أثناء التمرين، بل هو مصدر الوقود المفضل أثناء فترات النشاط المكثفة والتي تستغرق أكثر من ساعة”.
كما توصي فرانكيني باختيار الكربوهيدرات البسيطة ممثلة في الوجبات الخفيفة القائمة على الحبوب، كألواح الغرانولا والمقرمشات، والمشروبات الرياضية والحلوى، “للحفاظ على الطاقة أثناء التمارين عالية الكثافة، دون التسبب في مشاكل هضمية”.
لصحة القلب
تتوافر الألياف بشكل أساسي في كثير من الكربوهيدرات، مثل الفواكه والخضراوات الكاملة والحبوب الكاملة والبقوليات، وهي نوعان:
- ألياف قابلة للذوبان، تذوب في الماء لتكوين مادة تشبه الهلام، “تساعد على خفض الكوليسترول الضار (إل دي إل)، وتنظيم مستويات السكر في الدم”، وفقا لدراسة أجريت عام 2019.
- ألياف غير قابلة للذوبان، تُبطئ الهضم وتسهم في”زيادة الكوليسترول النافع” (إتش دي إل).
ورغم الانطباع السائد بأن فائدة الألياف قاصرة على صحة الأمعاء، تنصح اختصاصية التغذية المعتمدة ماري إلين فيبس، بتناول الكربوهيدرات المليئة “بالألياف القابلة للذوبان”، مثل الشوفان والفاصوليا والتفاح والكمثرى والعدس والبازلاء، “لفائدتها الصحية للقلب”.
لضبط السكر في الدم
المفارقة أن انخفاض نسبة السكر في الدم في منتصف النهار، من المرجح أن يكون بسبب تناول الكربوهيدرات البسيطة المكررة، في الوقت الذي نجد فيه نفس الكربوهيدرات المعقدة المليئة بالألياف المفيدة لصحة القلب، مثل المكسرات والفواكه، والخضراوات غير النشوية مثل السبانخ والخيار، والخضراوات النشوية مثل الذرة والأرز البني، والمعكرونة والخبز المصنوع من الحبوب الكاملة، تفيد أيضا في إبقاء نسبة السكر في الدم تحت السيطرة، “لأنها أبطأ في الهضم وتوفر إمدادا أطول من الطاقة، مما يقلل من البحث عن الوجبات الخفيفة في فترة بعد الظهر”، بحسب اختصاصية التغذية كيم روز فرانسيس.
لصحة الجهاز الهضمي
تظل الألياف هي “نجمة العرض فيما يتعلق بصحة الأمعاء”، بحسب تعبير ويلشانز التي توضح أن دور الألياف في صحة الأمعاء “متعدد الأوجه”، فهي تساعد على تليين الفضلات عن طريق امتصاص الماء وزيادة الحجم، مما يجعلها تتحرك بشكل أكثر انتظاما، “كما أنها تغذي البكتيريا المفيدة في الأمعاء، وتساعد في الحفاظ على بطانة الأمعاء سليمة”.
وتنصح ويلشانز باختيار كربوهيدرات مثل الحبوب الكاملة التي تحتوي على نخالة القمح، والألياف غير القابلة للذوبان، للمساعدة في تعزيز انتظام الإخراج، لكنها تحذر في الوقت نفسه من الإفراط في تناول الكثير من الألياف، “تفاديا للإصابة بالانتفاخ والإمساك والإسهال”.
علما بأن كمية الألياف الموصى بها للبالغين يوميا، إلى جانب البروتين والدهون الصحية، هي من 25 إلى 38 غراما، حسب أعمارهم وجنسهم.