كثيرة هي الصور الضاحكة للأصدقاء عبر مواقع التواصل، كما تحتل منشورات دعم الأصدقاء هي الأخرى مساحة هائلة في المنشورات اليومية لأغلب المتابعين، لكن الغريب أن الوجوه تتغير كل فترة، وأن أصدقاء صورة اليوم ليسوا هم الأشخاص في الصورة المنشورة بعد فترة، تتشابه الصفات والكلمات بينما يختلف الأشخاص.
ولكن هل تعتقد في وجود صداقة أبدية؟ تجيب التجارب بالنفي، لا ديمومة في العلاقات، ولا صداقة تستمر كما بدأت للأبد، ليس ضروريا أن يكون أحد طرفي الصداقة مخطئا حتى تنتهي العلاقة، في بعض الأحيان تكون النهاية حتمية وأفضل للطرفين، لكن سوء الفهم والحدود غير المعروفة دائما ما يؤديان إلى مشكلات ينتج عنها تآكل تلك الصداقة بالتدريج بديلا عن نهاية سريعة بحدث واحد ومحدد.
6 أسئلة تساعدك على الحفاظ على الصداقة
تجيب المعالجة النفسية جينفر جيرلاخ، في مقال أوردته بموقع سيكولوجي توداي، أنها من خلال عملها التقت بالكثير من الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الصداقات، يشعرون دائما بالوحدة بسبب انتهاء صداقتهم التي طالما اعتبروها أبدية، تقول جينفر “إن الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و21 عاما، معرضون بشكل خاص للتحول في الصداقات”.
بالطبع هذا أمر مرهق عندما يتعلق الأمر بالصديق المقرب، وفي محاولة منها لمساعدة هؤلاء الشباب وضعت المعالجة النفسية 6 أسئلة من شأنها أن تحافظ على الصداقة:
سؤال من كلمتين، بسيط وسهل، لكن هذا السؤال العرضي يحمل الكثير من الأهمية، خاصة حين يكون هذا التواصل في الأوقات المهمة للطرف الآخر، مثل الذكرى السنوية لوفاة مقرب له، أو بعد شهور من ولادة طفل جديد مع مراعاة كيف تكون الظروف النفسية حينها.
هذا الاهتمام يوطد من قوة الصداقة، فلا معنى لسؤال “كيف حالك” وجميع الأحوال جيدة، لكن القيمة الحقيقية للسؤال تبدأ عند الأوقات الصعبة.
-
“هل أنت مستعد للحديث حول ..”
يفضل البعض الصمت في الأوقات الصعبة، ومع ذلك فإن جزءا من الصداقة هو مشاركة الصعوبات التي نتعرض لها في الحياة، والمفتاح الذي يسهل الولوج لهذا الباب هو السؤال عن الاستعداد للتحدث معك حاليا عن شيء تمر به دون أن يشعر الطرف المأزوم أنه يطلب دعما أو ينتظر تعاطفا أو يلقي بمشاكله على الآخرين.
-
ما الوقت المناسب للاتصال؟
فرضية أننا أصدقاء مقربون وبالتالي متاح لنا الاتصال في أي وقت، قد تشكل ضغطا متواصلا على طرفي الصداقة، بوجود حدود وخطوط فاصلة بسؤال مباشر من الممكن أن يوفر الكثير من المضايقات ليس من السهل التعبير عنها.
-
ماذا يمكنني أن أفعل لأكون بجانبك؟
في بعض الأحيان نعلم أن شخصا ما يعاني، لكن لا نعرف كيف نساعده. إن مطالبة شخص إخبارنا إذا كان هناك طريقة يفضلها للمساعدة.
-
هناك شيء أعتقد أننا نحتاج للحديث عنه
لا وجود لعلاقة بالعالم تخلو من الصراع، المشاكل جزء مهم من دورة حياة العلاقة، والتعامل مع الصراع بالحديث عنه والتعامل معه دون أن يتحول الأمر لمشكلة أو قطيعة، من الأشياء التي تنجو بالعلاقة من الهاوية الحتمية إذا استمر الصمت والتجاهل هو مستوى التعامل في الصراعات.
-
كيف تسير الأمور معك؟
لا تدع علاقة الصداقة تسقط في فخ الطاقة السلبية طيلة الوقت، ليصبح محور لقاءكما هو الحديث عن السلبيات والأزمات التي تمر بكل منكما، لكن امنحا أيضا بعض الوقت للطاقة الإيجابية والحديث عن الأمور الجيدة التي تمر بكما، سواء في العلاقات الخاصة أو العمل أو أي إنجاز يحققه أحدكما.
الأسئلة السابقة وضعتها جينفر جيرلاخ للحفاظ على الصداقة، لكن ماذا عن هدمها والتصرفات التي تسيء إليها ولا يعترف بها صديقك قبل انفصالك عنه؟
كيف يؤدي انهيار الصداقة لفقدان ثقتك بالآخرين؟
تحكي منال حسين (38 عاما) عن الصداقة التي استمرت أكثر من 50 عام، بين أمها وصديقتها، “في وقت سابق سقطت أمي على الأرض، وتسبب سقوطها في خضوعها لعملية جراحية دقيقة لعلاج كسر في الفخذ، في تلك اللحظات كانت صديقة أمي ذات الـ70 عاما تجلس على كرسي في المشفى لا تغادره حتى تطمئن على صديقة عمرها”، بينما تتذكر منال، التي تعمل معلمة بإحدى المدارس، الوقت الذي انقطعت فيه علاقتها بصديقتها المقربة بعد أن وصفتها بأبشع الصفات على موقع التواصل الاجتماعي عقب خلاف بينهما.
انتهاء الصداقة بين منال وصديقتها المقربة بعد علاقة طويلة استمرت قرابة 8 سنوات، جعلها تفقد الثقة في نفسها، وبدأت رحلة من العلاج النفسي لتوقف شعورها السلبي تجاه نفسها وفقدان ثقتها في الآخرين.
توضح الطبيبة النفسية سارة حبيب، أخصائية الطب النفسي، للجزيرة نت، الأسباب الأكثر شيوعا لانهيار الصداقات حاليا، وهي الأسباب التي قد لا يراها البعض تستحق، مثل مشاركة أحاديث خاصة ومعلومات لآخرين، ربما يقدم الصديق تبريرا منطقيا على تلك الفعلة، لكنه يبقى في نظر صديقه غير جدير بالثقة وبالتالي يزداد الشعور بعدم الارتياح.
وتضيف حبيب “الغياب في الأحداث الهامة، والصديق الذي لا يدعمك بوجوده في ترقيتك أو زفافك أو المواقف المؤلمة، تعد من أهم الأسباب التي يشعر الطرف الآخر فيها أنه بلا أهمية وهذا يؤدي إلى نوع من التباعد العاطفي”.
تضيف حبيب أيضا أن عدم الاعتراف بالخطأ والاعتذار عن فعل مؤذ هو من أكثر الأسباب التي تتكرر عند الحديث عن فقدان الصداقات، والشعور بالتجاهل ورفض الاعتراف يؤدي بالضرورة إلى التشكيك في العلاقة من أساسها.
لماذا أنا؟
الأسوأ دائما ما يحدث عندما يبدأ طرف في سؤال نفسه “لماذا أنا؟” ويمكن لصدمة مثل صدمة انتهاء الصداقة أن تتسبب في معتقدات سلبية حول الذات، وتدفع شعورنا بالأمان والثقة نحو هاوية لا مستقر لها.
تقول سارة حبيب “يجب عدم رفع التوقعات في الصداقة، والحفاظ على نسبة من الاحتمالات التي تجعلنا قادرين على التأقلم مع المواقف السلبية التي ربما تأتي وتؤثر على الصداقة، كما أن الصداقات من المفضل أن تكون بين أشخاص متكافئي التجارب والظروف وبينهم الكثير من المبادئ المشتركة، بالطبع ليس هناك شخص يشبه الآخر تماما، لكن الوقوف على قاعدة واحدة من المبادئ العامة قد يضمن أن تستمر الصداقة لفترة أطول مهما مرت بها العواصف”.