بازل.. وجهة مثالية تمزج بين جمال النهر وروح المتاحف وسحر الشوارع القديمة

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

تتميز مدينة بازل السويسرية بمزجها بين ملامح الحداثة الصارخة والتاريخ، حيث تتماهى ناطحات السحاب مع صروح الفن الكلاسيكي والمعاصر. ولا تقتصر أهمية بازل على كونها مدينة صناعية، بل تتخطى ذلك لتمثّل عاصمة معمارية وثقافية تنبض بالحياة وتدهش السياح بمتاحفها المتنوعة ومعارضها المبتكرة.

قاعة “جوجيلي هاله”

وتبدأ الجولة السياحية من قاعة “جوجيلي هاله”، والتي يطلق عليها سكان بازل قاعة “سانت جاكوبس هاله”، وتمتاز هذه القاعة بالكثير من التركيبات الخرسانية المكشوفة والخطوط الواضحة والسقف المتدلي وسط المساحات الخضراء الواقعة على الحافة الجنوبية الشرقية لمدينة بازل، ويعتبر هذا المبنى مثالا بارزا على أسلوب “الوحشية المعمارية” في سويسرا خلال حقبة السبعينيات من القرن المنصرم.

وتعتبر بازل بمثابة العاصمة المعمارية لسويسرا أيضا؛ حيث تفتخر المدينة بوجود أعمال لـ13 مهندسا من الحائزين جائزة “بريتزكر” المعمارية المرموقة، وتنتشر هذه الأعمال في المدينة وفي المنطقة المحيطة بها، كما توفر المدينة السويسرية أيضا لعشاق الفنون والثقافة مجموعة كبيرة من المتاحف المختلفة، والتي تضم بالطبع متحف العمارة السويسري.

أعلى مبنى في سويسرا

حتى أن أعلى مبنى في سويسرا لا يوجد في زيورخ أو العاصمة الاتحادية بيرن، بل في مدينة بازل الواقعة على نهر الراين، وهو عبارة عن برج “روش 2″، وقد تم تشييد هذا البرج المزدوج عام 2022 لشركة الأدوية العالمية، ويصل ارتفاعه إلى 205 أمتار، وحل محل برج روش الأول، باعتباره حامل الرقم القياسي قبل 3 سنوات لأعلى المباني في سويسرا.

وقد صمم هذا البرج مكتب التصميم المعماري “هيرتزوغ آند دي مورون” الشهير، ويقع على مسافة أمتار قليلة من الكورنيش المطل على ضفاف نهر الراين، وبالقرب من أحياء العمال القديمة مباشرة.

وترتبط الصناعة والفن والعمارة في بازل ارتباطا وثيقا، وتعتبر هذه المدينة ثالث أكبر مدينة في سويسرا بعد زيورخ وجنيف، ويقطنها أكثر من 200 ألف نسمة وينحدرون من نحو 170 بلدا مختلفا. ويقع متحف “تينغويلي”، الذي صممه المهندس المعماري السويسري “ماريو بوتا” بجوار المقر الرئيسي لشركة الأدوية “روش” العملاقة، والتي تتولى أيضا إدارة المتحف.

ويحمل هذا المتحف اسم الفنان السويسري “جان تينغويلي” المنحدر من مدينة بازل، والذي اشتهر بابتكار منحوتات آلية ضخمة من الخردة ليس لها أي غرض على الإطلاق، ومن المؤكد أن هذا المتحف يستحق الزيارة.

ولا تقتصر المنافسة بين شركتي روش ونوفارتس على مجال الأدوية فحسب، بل إن مقر شركة نوفارتس يقع في مدينة بازل أيضا، وتشتهر بمكاتبها ومختبراتها الرائعة من الناحية المعمارية، وإلى جانب مكتب التصميم المعماري “هيرتزوغ آند دي مورون” يوجد في مدينة بازل العديد من الأسماء اللامعة الأخرى مثل “فرانك جيري” و”ريتشارد سيرا” و”سانا” وكذلك مكتب التصميم “دينر آند دينر”.

ولقد أسهمت الصناعة في تشكيل صورة مدينة بازل، والتي لا تزال مهملة إلى حد ما، وتتمتع المدينة بتاريخ طويل باعتبارها مركزا لصناعات النسيج والأصباغ والكيميائيات، ولا تزال هذه الصناعات حاضرة إلى اليوم، ولا تزال الصورة الذهنية للمدينة مرتبطة بالطرق السريعة الرمادية ومداخن المصانع، مما يدفع الكثير من السياح إلى مواصلة رحلتهم إلى الجنوب للوصول إلى إيطاليا.

نهر الراين نظيف وآمن للسباحة

أصبحت مياه نهر الراين نظيفة جدا، لدرجة أنه يمكن السباحة بدون أي قلق. وأشار “إيف بارات” إلى أنه يتم فحص جودة المياه بصورة منتظمة خلال موسم السباحة في 3 مواقع مختلفة، وأضاف الكيميائي في إدارة الصحة في كانتون بازل شتات قائلا، “تشير القياسات إلى أنه يمكن الاستحمام في مياه نهر الراين بدون أي قلق عندما تكون المياه صافية”.

وهناك العديد من المواقع المخصصة للسباحة، وأحدها يقع بجانب متحف “تينغويلي” وحمامات الراين، ويمكن للسياح استعارة أكياس مقاومة للماء، تعرف باسم “فيكلفيش” مجانا من مكتب المعلومات السياحية في “بارفوسر بلاتس” عند الرغبة في الانجراف مع تيار النهر.

أجواء العصور الوسطى

ويتفاجأ السياح عند زيارة وسط المدينة لأول مرة من الأجواء الساحرة للعصور الوسطى حول ساحة السوق وساحة “بارفروسر بلاتس”، وتجتمع حكومة بازل وبرلمانها في مبنى البلدية المميز باللون الأحمر، والذي يلفت الأنظار إليها بلوحاته الخارجية.

ومن شرفة “بفالتس” بالكاتدرائية القريبة ينعم السياح بإطلالة رائعة على مدينة بازل الصغرى أو “كلاين بازل” الواقعة على الضفة اليمنى لنهر الراين، حيث ينعطف النهر شرقا نحو بحيرة “كونستانس”.

ويقع متحف بازل التاريخي على تلة الكاتدرائية أيضا في كنيسة “بارفوسر”، ويسلط هذا المتحف الضوء على هوية المدينة من المنظور الثقافي، وتقع المدينة عند نقطة التقاء حدود سويسرا وألمانيا وفرنسا.

ويقع متحف الفنون الرائع على مسافة بضع دقائق سيرا على الأقدام، ويتكون هذا المتحف من مبنى قديم ومبنى آخر جديد مرتبط به تحت الأرض، وقد تكلف هذا المتحف 100 مليون فرنك سويسري، ويعرض هذا المتحف لوحات الفنانين العالميين مثل “هولباين” و”رامبرانت” و”بروننز”، ومرورا برواد الحداثة مثل “جوجان” و”فان جوخ” و”بيكاسو”، ووصولا إلى فناني البوب آرت مثل “روي ليشتنشتاين” و”آندي وارهول”، وعادة ما يتم عرض هذه الأعمال بدعم من شركات الأدوية والبنوك.

الرومانسية الصناعية

كما تعتبر بازل مقصدا لعشاق “الرومانسية الصناعية”، حيث يمكنهم التوجه إلى منطقة “دراي شبيتز” الواقعة على أطراف المدينة، والتي كانت في السابق مستودعا جمركيا حرا للمنتجات الصناعية في بازل.

ولكنها اليوم تضم توليفة متنوعة من الأستوديوهات والجامعات ومكاتب التصميم المعمارية والمتاحف في مباني المصانع القديمة ومسارات السكك الحديدية المهجورة، ومنها على سبيل المثال “بيت الفنون الإلكترونية”، والذي يهتم بأشكال التأثير الاجتماعي لوسائل الميديا الجديدة وأشكال الفنون الرقمية، وقد تم افتتاح متحف “كونستهاوس بازل لاند” للفن المعاصر في عام 2024، وكثيرا ما تفوت هذه المعالم السياحية الزوار، الذين يمرون سريعا جانب بازل على الطرق السريعة.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *