في 2020، أفاد مكتب الإحصاء الأميركي أن ما يقرب من 28% من البالغين بالولايات المتحدة يعيشون بمفردهم، بما يزيد من مخاطر الوحدة، وبالأخص إذا كان ذلك بعد وفاة شريك الحياة أو الطلاق.
وترتبط الوحدة بزيادة القلق والاكتئاب وصعوبة العثور على الكلمات أو فهم الآخرين، وهي علامات مبكرة للخرف كما تشير الأبحاث العلمية.
تعزيز القدرة العقلية
وفي سبيل ردع وباء الوحدة، يشير الخبراء إلى أهمية امتلاك حيوان أليف، سواء كان كلبا أو قطة أو حيوانا آخر، وربطت دراسة حديثة نشرتها دورية الجمعية الطبية الأميركية “غاما” -في ديسمبر/كانون الأول 2023- بين امتلاك الحيوانات الأليفة وتعزيز صحة الدماغ والحد من الإصابة بالخرف لدى البالغين الذين شملتهم الدراسة ويعيشون بمفردهم.
واستند الباحثون -من كلية الصحة العامة جامعة سون يات سين بالصين- إلى بيانات أكثر من 7900 شخص لا تقل أعمارهم عن 50 عاما، وتتبعوا أنماط حياتهم وصحتهم العقلية بين عامي 2010 و2019، وخضع المشاركون لاختبارات الذاكرة اللفظية التي تقيس مدى تذكر الكلمات واسترجاع ما قيل لهم في وقت لاحق، وكذلك تقييم الطلاقة اللفظية والعمليات العقلية التي تنطوي على استخدام اللغة.
وكشفت التحليلات المعرفية أن امتلاك الحيوانات الأليفة يترافق مع معدلات أبطأ في التدهور المعرفي والنتيجة الإجمالية للإدراك اللفظي والذاكرة اللفظية والطلاقة اللفظية بين الأفراد الذين يعيشون بمفردهم، ولكنها لم تحدث فرقا بين أولئك الذين يعيشون مع آخرين.
ووفق الدراسة، فإن مشكلة الوحدة آخذة في الارتفاع وتعد أحد مسببات الاكتئاب الذي يعد عامل خطر للإصابة بالخرف والتدهور المعرفي. وتوقع الباحثون ارتفاع عدد المصابين بالخرف على مستوى العالم من 57 مليونا عام 2019 إلى 153 مليونا بحلول عام 2050، ولاسيما مع عدم وجود علاج فعال لمشاكل التدهور المعرفي أو الخرف حتى الآن.
تخفيف مشاعر الوحدة
حاولت أبحاث أخرى فهم العلاقة بين اقتناء حيوان أليف وتقليل مشاعر الوحدة، فوجدت دراسة أسترالية أجرتها جامعة سيدني في 2019 أدلة تشير إلى الفوائد الصحية لامتلاك كلب، وأنه يعزز الحالة المزاجية ويقلل من الشعور بالوحدة والارتباك والقلق.
وفي دراسة أميركية أجراها باحثون من جامعة روتشستر عام 2013، كان أصحاب الحيوانات الأليفة أقل عرضة بنسبة 36% للإبلاغ عن مشاعر الوحدة مقارنة بأولئك الذين لا يملكون واحدا. وأوضح الباحثون أن هذه العلاقة في حاجة إلى مزيد من الدراسات المستقبلية للتوصل إلى استنتاجات أكثر تحديدا، إذ اكتفت هذه الدراسات بتقديم ارتباطات دون أن توضح أي علاقة سببية.
كيف يمكن للحيوانات الأليفة تحسين نمط الحياة؟
ينقل موقع “كليفلاند كلينك” عن مولي غروس، التي تعمل مدربة للحيوانات، أن الحيوانات الأليفة على استعداد دائم لتوفير الحب والدعم دون قيد أو شرط، وتؤكد أن تجربة رعاية حيوان أليف تساعد على إجراء تعديلات صحية في نمط حياة أصحابها من خلال:
- تعزيز الصحة البدنية: ترتبط التمارين الرياضية بعقل أكثر صحة، وتشير دراسة لشركة “مارس بت كير” لتغذية الحيوانات أن أصحاب الحيوانات الأليفة يمشون أكثر مما كانوا عليه قبل امتلاك حيوانهم الأليف بفارق 20 دقيقة يوميا، وهي مدة كافية للوفاء بإرشادات منظمة الصحة العالمية التي توصي بممارسة 150 دقيقة على الأقل من النشاط البدني أسبوعيا.
- توفير الرفقة وزيادة الرفاهية: خلصت دراسة استقصائية لمجلة الشيخوخة والصحة العقلية 2019 إلى أن تربية حيوان أليف تعطي شعورا بالمعنى والهدف من خلال رعايته وتحمل مسؤوليته، كذلك تحد من الشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعية، وهي أمور مهمة للصحة العقلية وصحة الدماغ.
- التعرف على أشخاص جدد: تساعد الحيوانات الأليفة أصحابها على بدء صداقات جديدة، فكثيرا ما يجدون أنفسهم في محادثات مع غيرهم من عشاق الحيوانات، وكشف استطلاع قام به باحثون من كلية هارفارد “تي إتش تشان” للصحة العامة أن امتلاك الحيوانات الأليفة هي الطريقة الثالثة الأكثر شيوعا للتعرف على أشخاص آخرين، وأن أصحاب الحيوانات الأليفة يتمتعون بفرصة أكبر بنسبة 60% لمقابلة أشخاص جدد والتعرف عليهم أثناء المشي لنزهة الحيوانات الأليفة، وفي أحيان كثيرة تتطور هذه العلاقات من مجرد المعرفة إلى صداقات حقيقية.
- إضافة روتين يومي منظم وفعال: تتطلب العديد من الحيوانات الأليفة جدولا منتظما للتغذية والرياضة، وبغض النظر عن الحالة المزاجية لأصحابها، فإن نظرة واحدة من حيوانهم الأليف ستضطرهم إلى النهوض لإطعامه ورعايته.
- تخفيف التوتر وتحسين الحالة المزاجية: أظهرت الأبحاث أن مجرد الربت على الحيوانات الأليفة يعزز مشاعر الاسترخاء ويخفف من حدة التوتر، وأظهر بحث منشور في مجلة “ساينس” عام 2015 أن التفاعل مع الحيوانات يعزز إطلاق هرمون الأوكسيتوسين (هرمون الحب) الموجود في الدماغ، ويساعد على تخفيف حدة التوتر وتعزيز العلاقة بين الحيوان ومالكه.
نصائح مهمة قبل التفكير في امتلاك حيوان أليف:
- على الرغم من الفوائد النفسية والعقلية لامتلاك حيوان أليف، فإنه يعد التزاما كبيرا برعاية هذا الحيوان طيلة حياته.
- أعد التفكير في الأمر إذا كان لديك دخل ثابت ومحدود، قد يكون من الصعب تحمل تكاليف طعامه ورعايته البيطرية.
- ينبغي أن يكون أصحاب الحيوانات الأليفة على قدر من المسؤولية، وفي حالة تأهب لأي خطر أو أذى قد يلحقه الحيوان بالآخرين كالعض أو الخدش.
- يمكن أن تنتقل بعض الأمراض من القطط والكلاب إلى أصحابها وبالأخص الحساسية، إذا تم تشخيصك بحساسية الحيوانات الأليفة، فكر إذا كان بإمكانك التعايش مع الأعراض أم لا؟ وضع في اعتبارك أن بعض الأصدقاء والأقارب الذين يعانون من الحساسية قد لا يتمكنون من زيارة منزلك.