عمان- مقارنة أنفسنا ببعضنا البعض سلوك بشري طبيعي، يساعدنا على العيش معا كمجموعة متماسكة، ويمنحنا فرصة التعلم من تجارب الآخرين.
وتساهم المقارنة الاجتماعية على التعرف على أنفسنا، وقياس ما نفعله في مجالات مختلفة من الحياة، ولكن في الوقت نفسه يمكن أن تسبب الإرهاق والتوتر لمن يلجأ للمقارنات الاجتماعية السلبية، والتي تخلف ضغوطا في العلاقات. فكيف تحرر نفسك من “فخ” المقارنة الاجتماعية؟
وجهان مختلفان
يقول المختص بالطب النفسي عامر الرواجفة “مقارنة النفس بالآخرين ليس بالأمر الجديد على البشر، فمنذ بداية الوجود كان الإنسان القديم يقارن نفسه بغيره من البشر، وحتى بالكائنات الحية الأخرى ليتعرف على مصادر القوة والضعف لديه، ويتمكن من تعزيز الوسائل التي تساعده على النجاة، وتحسين حياته ضمن البيئة التي يعيش بها”.
ومع تطور الحياة وتنوع الشعوب، أصبحت الفروقات أوسع على المستوى الفردي والجماعي -وفق الرواجفة- الذي يشير إلى أن ذلك يعني مستويات أعلى من المقارنة.
وتحدث الطبيب للجزيرة نت عن وجهين مختلفين للمقارنة، إما إيجابية أو سلبية، ونقصد بالإيجابية تلك التي تحفز على الوصول إلى النجاح وتعزيز القدرات والدافعية نحو الإنجاز، مثل التعلم من قصص نجاح الآخرين وألا يوجد شيء مستحيل. أما المقارنة السلبية، فهي التي تقود إلى الاحباط والتراخي وعدم الثقة بالنفس والتشاؤم، وقد تصل إلى الحقد على المستوى الفردي أو المجتمعي.
مع وسائل التواصل.. المقارنة أكثر تعقيدا
ويقول الرواجفة إنه مع انتشار وسائل التواصل أصبحت أوجه المقارنة أكثر تعددا وتعقيدا وأوسع انتشارا، وأيضا أقل واقعية، فما ينشر على وسائل التواصل من صور براقة ونجاحات قد تكون مبالغا بها، ولا تعبر بالضرورة عن الواقع.
وتؤدي منصات التواصل إلى مقارنات سلبية في أغلب الأحيان، حيث ينتاب المتابع شعور أن كل من حوله يحصدون النجاحات ويقضون أجمل الأوقات في الطبيعة الخلابة وأماكن الترفيه المختلفة، ويتمتعون بمستوى اجتماعي ومادي مرموق، وشكل جذاب كما يبدو من صورهم ومنشوراتهم.
ويوضح “لكن في الحقيقة قد لا يعبر ذلك عن الواقع، حيث إن وسائل التواصل تسمح للشخص بإظهار الجانب المشرق من حياته فقط، وبالوجه الذي يحب أن يظهر به للآخرين، وقد يخفي الكثير من الجوانب السلبية”.
وبحسب الرواجفة، قد تختلف أنماط المقارنة بين شخص وآخر اعتمادا على طبيعة شخصيته والظروف التي مر بها في حياته ونمط التربية التي اتبع معه في طفولته، حيث إن مستوى التوجيه والتحفيز وتعزيز الثقة بالنفس للطفل، وخصوصا في مراحل الطفولة الأولى، قد يلعب دورا كبيرا في طريقة نظرته ومقارنته لنفسه مع الأفراد والمجتمع.
المقارنات غير العادلة
من جانبه، يقول المتخصص في علم الاجتماع الدكتور حسين محادين إن المقارنات غير العادلة -من قبل البعض- تجعلهم يعيشون “وهم الصورة” لاعتقادهم الخاطئ أنهم الأحق بشغل مكانة الناجحين والمتقدمين عليهم.
ويكمل محادين -في حديث للجزيرة نت- أن هذا الإحساس المضخم يمثل جذرا لسلوكيات ناقمة أحيانا على الناجحين، من طرف أشخاص في الغالب غير متوازني التعبير عن طموحاتهم، مع سعيهم لانتقاص من هم أكفأ منهم.
كيف تحرر نفسك من المقارنة الاجتماعية؟
ونشر موقع “فري ويل مايند” بعض الطرق البسيطة التي يمكنك من خلالها تدريب عقلك على الخروج من فخ المقارنة الاجتماعية، ومنها:
- ابحث عن قدوة: إذا كنت تعمل على مواكبة القدوة، يمكنك الحصول على فوائد نجاحهم، مثل الدافع الشخصي، رؤية ما يصلح لهم، وما إلى ذلك.
- أسس دائرة دعم: للمساعدة في تجنب المقارنات الضارة، حاول بناء دائرة من الأشخاص الداعمين والتركيز عليهم. إذ يمكن أن يتشارك مجموعة من الأصدقاء هدفا ما، وعليه يمكنك التخطيط لممارسة تمارين مبنية على هدف.
- فكر بما لديك: عندما تجد نفسك تجري مقارنات، حاول “معادلة النتيجة” في رأسك، إذا كنت تشعر بالحسد من انتصار شخص آخر، فذكر نفسك بانتصاراتك ونقاط قوتك.
- تعلم العطاء: هناك عدة فوائد للعطاء، وتنمية هذه الصفة كسلوك ستساعدك، فكر في الذين سيستفيدون من لطفك، تعرف على الأشياء الصغيرة التي يمكنك تقديمها للأصدقاء وحتى الغرباء، ومارس التأمل المحب واللطيف، أظهر أفضل ما لديك، فلن تشعر بأنك عرضة للمقارنة بعد ذلك.