هذه المبادرة أطلقها لأول مرة، سكان دواوير بجماعة المرس بإقليم بولمان (شمالي المغرب، جنوبي مدينة فاس) للإقرار بإسقاط عادة أكل طعام المآتم، وإلزام رجال ونساء المنطقة المُعزين بذلك.
“قدم العزاء وانصرف”
جاء هذا القرار خلال اجتماع عقده سكان المنطقة المذكورة، تم توثيقه من خلال محضر نشر على إحدى الصفحات الإلكترونية المحلية لجماعة المرس.
وجاء في الوثيقة التي اطلعت عليها موقع “سكاي نيوز عربية” أن “تحمّل أو تحميل أهل الميت إطعام من يقدمون العزاء فيه تكاليف لهم -في الغالب- بما لا يطيقون في سياق ظروفهم تلك، وقد تعتريه شبهة أكل أموال اليتامى بالباطل، واعتداء على حقوقهم، رغم ما قد يكتنفه من فوائد من بعض الجوانب”.
كما التزم المجتمعون أيضا بـ”عدم تناول الطعام أثناء العزاء، وإسقاط هذه العادة من مراسم العزاء، رجالا ونساء، تجسيدا لاحترام حقوق المتوفى وأهله، وتقديم واجب العزاء عند الدفن دون العودة إلى منزل المتوفى إلا للضرورة القصوى”.
تجارة مربحة
طرحت مبادرة إسقاط عادة أكل طعام المآتم، نقاشا عميقا على مواقع التواصل الاجتماعي، لافتةً إلى ما يترتب عنها من إنهاك للأسر، حيث أصبحت في بعض المناطق طقساً باذخاً، يتم الترتيب له بزخم يكاد يضاهي ذلك الذي يواكب حفلات الزفاف، إذ تلتجئ بعض العائلات إلى متعهدي حفلات مرموقين لتنظيم وليمة كبرى.
في هذا الصدد، علق جمال حدادي، الباحث في الظواهر الاجتماعية، قائلا: “بعض الجنائز صارت بطقوس مكلفة، تصل أحيانا إلى التهام مدخرات الأسرة؛ إذ يتم بناء الخيمات، ونصبها وتأثيثها، إلى جانب إطعامٍ يبلغ أياما، من 3 إلى 7 إلى 10 حسب التقاليد، بل أصبحت أكلات معينة توضع لمن يأتي ليؤدي واجب العزاء، ناهيك عن الإنشاد والتأبين بما جرت به العادة، بفرق إنشاد ذكورية وأخرى للإناث، مع خدمة التصوير والتوثيق، كي تصير في الأخير تجارة رابحة”.
نقاش واسع
ولقيت المبادرة التي أطلقها سكان دواوير بإقليم بولمان صدى واسعا في مدن المغرب، وانتشر وسم “عزي وانصرف” في كافة المدن المغربية، مطالبا بوضع حد لهذا التقليد الذي يعتبره البعض استخفافا بمشاعر أهل الموتى.
هذا الوسم تخطى حدود المغرب لينتشر في مصر والأردن، حيث طالب مغردون بالقطع مع طعام الجنائز والاكتفاء بتقديم العزاء والانصراف دون إحراج أهل المتوفى.