في ضوء ما يشهده العالم من أحداث واضطرابات، تزداد أهمية الصحة العقلية واللياقة النفسية كأدوات لإبقائنا في حالة توازن تُقلل من التوتر والقلق. لهذا رصد عدد من الأطباء وعلماء النفس، أكثر شكاوى الصحة النفسية شيوعا، وقدموا أهم 8 قواعد لبناء لياقة نفسية قوية.
1- “التجنب النفسي”.. العدو الأقوى
لا يعد القلق المحرك الأساسي للكثير من المشاكل في حياتنا، فهناك شيء أكثر خطورة يسمى “التجنب النفسي”، كما قالت لوانا ماركيز، أستاذ مساعد الطب النفسي في جامعة هارفارد، موضحة أن تجنبنا لمواقف وقرارات معينة، مخافة أن تسبب لنا الانزعاج “يمكن أن يؤدي إلى زيادة القلق، ومن ثم زيادة المشاكل”.
التجنب النفسي هو العدو الأقوى إذن، لكن ماركيز اقترحت 3 مهارات علمية لمحاربته:
- تحقق من أفكارك جيدا، وأقبل التحدي.
- ابحث عن الخطوة التي يمكنك الإقدام عليها لمواجهة المخاوف والقلق وهزيمة التجنب.
- دع قِيمك -وليس عواطفك- هي التي توجه أفعالك.
2- اكتشف التلاعب العقلي وأوقفه بحزم
التلاعب العقلي الذي يُرمز له بمصطلح “غاسلايتنغ” (Gaslighting)، “هو شكل من أشكال الإساءة النفسية، يحدث عندما يتلاعب بك أحدهم، ويبذل ما في وسعه ليجعلك تشك في واقعك، وتعتقد أنك مخطئ دائما”، كما تقول عالمة النفس الأميركية، الدكتورة شيفونا تشايلدز.
وتُحذر تشايلدز من أن التأخر في اكتشاف وإيقاف هذا النوع من الإساءة “قد يسبب ضررا شديدا، يصل إلى قيمة الشخص الذاتية واحترامه لذاته وقدراته العقلية”.
وتضيف أنه “للوهلة الأولى، قد يبدو التلاعب العقلي مجرد اختلاف في الرأي بين طرفين، لكنه في الحقيقة سلوك مثير للقلق وأداة تستخدم لجعل الضحية يفكر بالطريقة التي يريدها المعتدي”.
كما تؤكد المُحلّلة النفسية بجامعة ييل الأميركية، الدكتورة روبن ستيرن، على “أهمية تعلم كيفية التعرف على علامات هذا الشكل الخبيث من التلاعب”، ومن بينها:
- الإنكار المستمر.
- تلفيق الواقع.
- التشهير.
- التناقض.
- الكذب الصريح.
ومواجهتها بحزم، والانسحاب من العلاقة مع مصدرها “بالتزامن مع التحقق من مشاعرنا واحترام عواطفنا دائما، لحماية أنفسنا منه”.
3- لا تترك نفسك وحيدا
“لقد لاحظت أننا أصبحنا أكثر عزلة، وكأننا ننتظر حتى نصبح أنحف وأكثر رفاهية وسعادة وأقل توترا، قبل أن نفكر في لقاء أشخاص جدد، والتواصل مع المعارف، وإحياء الصداقات القديمة” هذا ما تقوله يلينا كيكمانوفيتش، خبيرة العلاج السلوكي المعرفي الحاصلة على الدكتوراه، من واقع خبرتها في الطب النفسي على مدى 25 سنة.
وتشدد كيكمانوفيتش على أهمية التواصل الاجتماعي “ولو بالبدء بالحديث مع أولياء الأمور الآخرين في مدارس الأبناء، أو الصرافين في المتاجر، أو موظفي الاستقبال في العيادات الطبية، أو حتى نادل المقهى”.
4- مهارات قد تغير دماغك
يشدد كريستوفر ميلر، الحاصل على دكتوراه في الطب النفسي والأستاذ المساعد في جامعة ميريلاند، على أهمية الدعم النفسي الذي نقدمه أو نتلقاه في حياتنا اليومية، من خلال مهارات:
- احترام الذات والتفاؤل.
- تقدير الشخص المميز وفهمه.
- تعزيز العلاقات القائمة على الأخذ والعطاء.
- تقديم اللين على العداء.
- الإنصات بدلا من التسرع في إصدار الأحكام.
كما يمكن أن يكون أحد أشكال العلاج النفسي، الذي يقلل من الالتهاب وأعراض التوتر، ويساعد على تحسين التعامل مع الآخرين، وفق ميلر.
5- تعلم كيف تقلق بشكل صحيح
تقول أستاذة علم النفس بجامعة نيويورك تريسي دينيس تيواري إن “منع القلق أو سحقه هو بالضبط ما يجب القيام به، أما قمع الأفكار والمشاعر فلا يجدي نفعا أبدا”.
وتضيف أنه “من المفارقة أن القلق يزداد بتزايد المخاوف الضاغطة، ويمنعنا من اكتشاف طرق أخرى للتعامل مع المخاوف والوصول إلى حلول بشأنها”. وهو ما يجعلنا بحاجة إلى معرفة كيف يمكننا أن نقلق بشكل صحيح، من خلال هذه الخطوات بالترتيب:
- حدد مكان القلق في جسدك.
- اجعل القلق ملموسا.
- قم بحل المشكلة المسببة له.
- اترك الهموم خلفك.
6- “يمكنك أن تنجح رغم متلازمة “المحتال”
من واقع خبراتها، تقول عالمة النفس الأميركية جيل ستودارد “أقابل العديد من الأفراد البارعين الذين يشككون في نجاحهم، رغم وجود أدلة تثبت عكس ذلك”. وتُفسر هذا الأمر بوقوع هؤلاء الأشخاص تحت وطأة الحالة المعروفة باسم “متلازمة المحتال”.
ووفقا للجمعية الطبية البريطانية، توصف متلازمة المحتال بأنها “إحساس مزمن بالشك في الذات، قد يصيب الشخص بالعزلة، بسبب شعوره بالنقص، رغم توافر الأدلة على النجاح”.
لذلك تحذر ستودارد من تسبب هذه الحالة في “تقويض الطموح، والإفراط في العمل إلى حد الإرهاق، في محاولة لإثبات الكفاءة”، وتنصح بتجاوز الخوف والشك، والتحلي بالمرونة النفسية.
7- لا تلهث خلف السعادة
بعد آلاف المحادثات مع مرضاه الذين يحلمون بالسعادة، يقول الدكتور غريغوري سكوت براون، الحاصل على دكتوراه في الطب النفسي “تعلمت أن اللهاث خلف السعادة، قد يُلهينا عما هو ضروري لحياة أفضل، وهو “الإشباع” والشعور بالرضا. وينصح بالبدء في تطوير الحياة بطريقة تحقق الإنجاز لا الأحلام، من خلال:
- عدم المبالغة في رد الفعل على المكسب أو الخسارة.
- تعلم التأقلم والتكيف.
- إنشاء وتطوير علاقات ذات معنى.
- التوقف عن الندم.
8- لا تتساهل مع مشكلة الاستيقاظ ليلا
“ما من أحد إلا ويمكن أن يستيقظ من نومه في الليل، فالاستيقاظ كل 90 دقيقة إلى ساعتين تقريبا، يُعد أمرا طبيعيا”، كما تقول ليزا شتراوس، اختصاصية اضطرابات النوم.
لكن الاستيقاظ يتحول إلى مشكلة عندما يتكرر لدرجة تجعلنا لا نحصل على حاجتنا من النوم العميق “مما يؤثر على أدائنا الجسدي والعقلي، ويسبب الالتهابات والإجهاد”، وفقا للأبحاث.
ولتقليل الاستيقاظ ليلا، والحصول على فترات نوم أعمق، تقترح شتراوس:
- التعرض لأشعة الشمس في الصباح.
- تجنب القيلولة الطويلة أو المتأخرة.
- الانتهاء من المشاكل المزعجة والمقلقة قبل النوم بوقت طويل.
- تجنب الأكل والتمرين في وقت متأخر من الليل.
- تفادي كل ما من شأنه زيادة مرات الذهاب إلى الحمام.