يشكو العديد من الأشخاص من أعراض مزعجة مثل آلام البطن، الانتفاخ، وضبابية الدماغ، ويظنون أن هذه الأعراض ترتبط بتناول الغلوتين (أحد مكونات القمح). ولكن المفاجأة تأتي عندما تكون نتائج فحوصات مرض الاضطرابات الهضمية (أحد أمراض المناعة الذاتية المتزايدة الانتشار عالميًا) وحساسية الغلوتين لديهم سلبية.
تبيّن أن الغلوتين ليس هو السبب الرئيسي للمشكلة، بل يرتبط الأمر غالبًا بتناول أطعمة تحتوي على كربوهيدرات قابلة للتخمير تُعرف باسم “الفودماب”، وفقًا لما أوضحته الدكتورة تريشا باسريشا، الحاصلة على دكتوراه في الطب من جامعة هارفارد تي إتش تشان وكاتبة عمود “اسأل طبيبًا” في صحيفة “واشنطن بوست”.
في دراسة إيطالية أجريت عام 2015، وشملت نحو 400 مريض يعانون من أعراض مرتبطة بتناول الغلوتين، أظهرت النتائج أن الغالبية العظمى (86%) لم يلاحظوا أي تحسن في الأعراض بعد اتباع نظام غذائي خالٍ من الغلوتين.
لذلك، تنصح الدكتورة باسريشا بتجربة “نظام غذائي منخفض الفودماب” بدلا من تجنب الغلوتين تمامًا، خصوصًا لأولئك الذين يعانون من متلازمة القولون العصبي، لتقليل مشاكل الجهاز الهضمي.
لا تحصر مشاكل جهازك الهضمي في الغلوتين
توصي باسريشا من يتمتعون بصحة جيدة، بتناول الحبوب الكاملة مثل خبز القمح الكامل والمعكرونة، باعتبارها “غلوتينا جيدا”، بالإضافة إلى كونها غنية بالألياف ومفيدة للقلب وتساعد في تقليل خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم. فقد وجدت دراسة نُشرت عام 2013، أنه “من بين المرضى الذين يعتقدون أنهم يعانون من حساسية الغلوتين، لاحظ جميع المرضى تحسنا مستمرا في أعراض أمعائهم، عندما اتبعوا نظاما غذائيا منخفض الفودماب”.
وذلك باستثناء الأطفال الذين لديهم تاريخ عائلي قوي لمرض الاضطرابات الهضمية، وفقا لدراسة أجريت عام 2019، وشارك فيها 6605 أطفال لديهم استعداد وراثي للإصابة بمرض الاضطرابات الهضمية، وأظهرت “زيادة في خطر الإصابة بمرض الاضطرابات الهضمية بنسبة 7% لكل غرام زيادة من الغلوتين يتناوله الطفل يوميا (ما يعادل نصف شريحة من الخبز الأبيض)”.
أيضا، يعتقد معظم الناس أن اتباع نظام غذائي خال من الأطعمة الغنية بالغلوتين مثل الخبز الأبيض والكعك، قد يكون أكثر صحة؛ وينسون أن العديد من الأطعمة المعبأة “الخالية من الغلوتين” تخضع لمعالجة فائقة لاستبعاد الغلوتين، ليحل محله تعديلات أخرى غير مرغوب فيها، “مثل الإضافات والصوديوم، ينتج عنها أطعمة قليلة المُغذيات”؛ كما تقول باسريشا.
ماذا يعني الفودماب؟
بحسب “كليفلاند كلينك” فإن الفودماب (FODMAP)، مصطلح صيغ من الحروف الستة الأولى لمكونات الأطعمة التي تحتوي على “كربوهيدرات قابلة للتخمر”، وهي:
- السكريات القليلة السكاريد (الموجودة في البصل والثوم والقمح والفاصوليا وبعض البقوليات).
- السكريات الثنائية أو اللاكتوز (الموجود في منتجات الألبان).
- السكريات الأحادية أو الفركتوز (الموجود في بعض الفواكه والعسل وشراب الذرة عالي الفركتوز).
- كحولات السكر الطبيعية (الموجودة في الفواكه والخضروات، والتي يتم إنتاجها صناعيا كمُحلّيات).
وجميعها سكريات تسبب اضطرابا في الجهاز الهضمي لبعض الأشخاص، وخصوصا للمصابين بمتلازمة القولون العصبي، واضطرابات الجهاز الهضمي الأخرى.
حيث لا يتم امتصاصها بشكل جيد – لأنها من الألياف – حتى تصل إلى الأمعاء الغليظة (القولون)، فتتخمر بسرعة وتسحب الماء إلى الجهاز الهضمي، مُسببة الشعور بعدم الراحة وألم البطن والانتفاخ والإسهال؛ وهي أعراض قد تبدأ في غضون 30 دقيقة فقط من تناول الشخص لهذه الأطعمة.
روتين مثالي لراحة القولون العصبي
تقول الدكتورة باربرا بولين، وهي طبيبة نفسية صدر لها عدة كتب حول التعايش مع متلازمة القولون العصبي؛ “إن تحديد الأطعمة التي تحتوي على نسبة منخفضة أو عالية من الفودماب، يمكن أن يُحدث فرقا في التعامل مع الانزعاج الناتج عن الغازات وآلام البطن”.
موضحة أن “الأطعمة عالية الفودماب” تتسبب في مستويات أعلى من الاضطرابات الهضمية، وتنصح بتجنبها أو الحد منها، واتباع “نظام غذائي منخفض الفودماب، كروتين مثالي للحد من أعراض القولون العصبي”.
أطعمة عالية الفودماب
وهي أطعمة تحتوي على نسبة عالية من الكربوهيدرات القابلة للتخمير، ويجب على من يعانون من مشاكل في القولون تجنبها، وتشمل:
الفواكه، مثل التفاح والمشمش والتوت الأسود والكرز والمانجو والخوخ والكمثرى والرمان والبطيخ، والفواكه المجففة والمُعلبة.
الخضراوات، وفي مقدمتها الثوم والبصل، ثم الخرشوف والبنجر والبروكلي والكرنب والفطر والبامية والبازلاء.
الحبوب والبقوليات، مثل القمح والشعير والكسكس والسميد؛ الفاصوليا بأنواعها، والحمص والعدس وفول الصويا والبازلاء المجففة.
اللحوم المُصنّعة ومنتجات الألبان، مثل الحليب (البقري، والماعز، والأغنام)، واللبن الرائب والقشدة والكاسترد والآيس كريم، والجبن الطري مثل القريش والريكوتا، والزبادي العادي واليوناني.
المكسرات، وتقتصر على الكاجو والفستق.
أطعمة منخفضة الفودماب
وهي أطعمة بها نسبة منخفضة من الكربوهيدرات القابلة للتخمير، تجعلها أقل تسببا في أعراض مثل الانتفاخ وآلام البطن والإسهال، بشرط الاعتدال في تناولها؛ وتشمل:
الفواكه، مثل الموز والكنتالوب والتوت الأزرق والعنب والكيوي واليوسفي والبرتقال والأناناس والفراولة.
الخضراوات، مثل البطاطس والبطاطا الحلوة، والفلفل الحلو والجزر والبقدونس والكرفس والخس، والباذنجان والفاصوليا الخضراء، والسبانخ والطماطم والكوسة.
الحبوب، مثل الشوفان والذرة والأرز البني، والأطعمة الخالية من الغلوتين.
منتجات الألبان وبدائلها، بما فيها حليب اللوز، وحليب جوز الهند (بحد أقصى نصف كوب)، والجبن الصلب والزبدة، والحليب الخالي من اللاكتوز، والموزاريلا والزبادي.
المكسرات والبذور، وتشمل اللوز (بحد أقصى 10 حبات)، والبندق (بحد أقصى 10 حبات)، والجوز والمكاديميا، وبذور الشيا واليقطين وعباد الشمس.
المُحليات، وتشمل الجلوكوز والسكر البني وسكر المائدة والشوكولاتة الداكنة؛ بشرط الاعتدال.
اللحوم والبروتينات، مثل لحم البقر والضأن، والرومي والدجاج والمأكولات البحرية والبيض.
كيفية اكتشاف أطعمة الفودماب المسببة للاضطرابات
لأنه لا يكون من الواضح دائما، أي نوع منها يسبب اضطرابات الجهاز الهضمي المزعجة؛ ينصح الخبراء بالتخلص من جميع أطعمة الفودماب بالكامل لمدة أسبوعين على الأقل، ويُفضل أن تمتد إلى 3 أسابيع؛ قبل البدء في تناول طعام واحد من الفودماب في كل مرة.
فإذا كان هذا النوع من الطعام الذي تم تناوله يسبب اضطرابا، فسوف يظهر ذلك بسرعة، مما يُسهّل التعرف عليه واستبعاده؛ وهكذا، في غضون أسابيع قليلة، يمكن معرفة الأطعمة المسببة للأعراض، ومن ثم يجب تجنبها.
مع ملاحظة أنه “من الجيد لمن يعانون من متلازمة القولون العصبي، تجنب الأطعمة المصنعة، بسبب الفودماب المضافة إلى مكوناتها”.