وآثرت بعض الفتيات في السودان الاحتفاء بيوم الرجل العالمي على طريقتهن الخاصة.
احتفاءُ تخلله نوع من السخرية بعدما استدعت بعض الفتيات مفردة “أبجيقة” لإطلاقها على الرجال في مثل هذا اليوم، وهو مصطلح قديم متجدد تستخدمه فئات نسوية خاصة “الجندريات” في توصيف الرجل السوداني لجمود شخصيته وشح مخزونه الرومانسي، بحسب تعبيرهن.
وعلى الدوام يثير مصطلح “أبجيقة” حفيظة الرجال في السودان ويعتبرونه مسيئا لشخصيتهم التقليدية المحافظة على الموروث الثقافي وعادات وتقاليد أهل السودان.
ووسط الجدل الواسع المحتدم على منصات التواصل الاجتماعي، كان الرجال يتباهون بمكانتهم الاجتماعية وأهميتهم في تشكيل حياة النساء، بينما كانت بعض الفتيات لا سيما التقدميات يوجهن سهام النقد لما اسمينهم بـ”أبجيقات” أنهم سوف يظلون على صفاتهم الرجعية حتى لو خُصصت أيام عالمية للاحتفاء بهم.
وبدأ الاحتفال باليوم العالمي للرجل في 19 نوفمبر 1999 تقديرا لمكانته أهميته الاجتماعية وفق لما أقره القانون الدولي الإنساني واسوة بالأعياد السنوية الخاصة بالنساء.
عكس المرارات
وتوضح عضو مبادرة “لا لقهر النساء” السودانية، تهاني عباس، أن مصطلح أبجيقة تم استخدامه لأول مرة خلال العام 2018 للتعبير عن الرجل الذكوري غير التقدمي في المسألة النسوية في نظر النساء.
وترى عباس في حديثها لموقع “سكاي نيوز عربية” أن الحملة الغاضبة التي قادتها النساء السودانيات بالتزامن مع اليوم العالمي للرجل هذا العام تأتي للتذكير بالمرارات التي عشنها مع الرجال من حولهن سواء ازواجهن او اخوانهن وكافة شركائهن في الحياة والتي تم ربطها بالسلوك غير المنضبط معهن.
وتضيف: “لقد كتبت تدوينة على حسابي في فيسبوك في اليوم العالمي للرجل عبرت من خلالها عما نواجهه مع الرجال في محيطنا، وهو أمر ينسحب على كافة النساء اللاتي قدن الحملة في ذلك اليوم”.
واستخدمت بعض السودانيات اشكال فنية مختلفة من صور ورسومات ساخرة ومتهكمة للتعبير عن ما اسمينهم بـ”أبجيقات” والتنديد ما يصفنه أيضا بالمجتمع الذكوري.
وليس ببعيد عن ذلك، تقول سمر سليمان وهي صحفية وناشطة نسوية في السودان إن “أبجيقة مصطلح تم اطلاقه على بعض الرجال في السودان، وهو توصيف حالة الخمول التي تصيب الرجل بعد الزواج وما يعتريه من تغيير كبير في شخصيته حيث يتخلى عن الاناقة والرومانسية التي كان يتميز به خلال فترة العزوبية”.
وتضيف سليمان في حديثها لموقع “سكاي نيوز عربية”: “ليس في حياتي أبجيقة فهو شخصية افتراضية تتشكل عندي حسب الحالة المزاجية التي نعيشها، فظللت على الدوام استخدم هذه المفردة ليس استهتارا بالرجال او استحقارهم، لكن تعبيرا عن صفات الكثير منهم وليس جميعهم بطبيعة الحال”.
وتشير سمر إلى أن “أبجيقة” لها عدة دلالات أخرى فكانت ترمز للرجال ثقيلي الوزن من ذوي البطون المنتفخة والذين يلتهمون الأكل بكثافة والخاملين والذين لا يهتمون بمظهرهم العام.
لكن تهاني عباس تنبه إلى أن مصطلح أبجيقة يستخدم للتعبير عن السلوك الذكوري أكثر من شكل الرجل وهو محل اختلاف حتى داخل المجتمع النسوي، فهناك نساء ذكوريات يطلق عليهن “ام جيقة”.
صراع حضاري
ويعكس ما يدور صراع قديم متجدد بين الرجال والنساء في السودان بعد مساع تقودها الفتيات للتحرر عن تقاليد المجتمع المحافظ وتحقيق قدر من الاستقلالية في الحياة والمساواة مع الرجل في كافة النواحي.
ويقول أحمد سليمان وهو خريجي جامعي لموقع “سكاي نيوز عربية” إن “مصطلع أبجيقة تعبير متعسف في حق الرجال السودانيين الذين يكنون تقدير كبير للمرأة ويقدرون وجودها في حياتهم ويعطونها كافة حقوقها بإستثناء قلة يسيئون معاملتهن”.
ويضيف: “نعمل على احداث توازن في تعاملنا مع النساء يحقق قدر من الحرية في حياة المرأة مع قليل من الحزم الذي يضمن الحفاظ على التقاليد الإجتماعية والدينية بمستوى لا يحط من كرامة النساء ومكانتهن الإجتماعية”.
ويرى أن المجموعات النسوية الجندرية متعجلة في تحقيق انقلاب كامل في المجتمع يتجاوز كل الاعراف والتقاليد الموروثة وهو أمر عصي تحقيقه دفعة واحدة، لكن من الممكن احداث تغيير ايجابي يسقط بعض العادات التي تحط من كرامة المرأة.
من جهته، يقول أباذر عبدالله لموقع “سكاي نيوز عربية” إن “أبجيقة ليس سبة كما تعتقد بعض الفتيات وإنما هو مثال للرجل القوي الصارم الذي يحافظ على عرضه من خلال شخصيته القوية الحازمة”.
ويضيف: “كثير من الفتيات أيضا شخصيتهن جامدة ولا يعرفن معنى للرومانسية خاصة مع ازواجهن وهو ما يجعل الرجل بعيدا عنها وتكثر المشكلات الاجتماعية التي يكون في أغلب الأحيان جمود المرأة سبب رئيسي فيها”.