وسائل إعلام سورية: مقتل عدد من الأشخاص في هجوم إسرائيلي في محيط حلب

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 12 دقيقة للقراءة

يحمل الحديث الذي أدلى به المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي خلال استقباله رئيس النظام السوري، بشار الأسد “رسائل وتوجيهات”، ويرسم حسبما يرى خبراء ومراقبون في حديثهم لموقع “الحرة” صورة واضحة عن شكل العلاقة الآنية والمستقبلية التي تجمع “الحليفين”.

ورغم أن الأسد هو “الحليف الأبرز” لإيران في المنطقة كان آخر من التحق بركب المعزين بمقتل الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، في حادث تحطم مروحيته يوم 19 مايو، مع 7 أشخاص آخرين، بينهم وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان.

ولم تنشر وسائل إعلامه الرسمية فحوى اللقاء الذي جمعه مع خامنئي على نحو دقيق يوم الخميس، على عكس ما أورده الموقع الرسمي للمرشد الإيراني الأعلى، وما انتشر لاحقا في سلسلة تغريدات لافتة على حساباته الرسمية في موقع التواصل “إكس”.

في إحدى تغريداته اتهم خامنئي “الغرب وأتباعه في المنطقة بالسعي لإسقاط النظام السياسي في سوريا وإخراجه من معادلات المنطقة عبر إشعال الحرب”، وبعدما استدرك بالقول إنهم “لم ينجحوا” في السابق عاد ليرسم ذات المشهد من جديد في الوقت الحالي.

وأضاف: “الآن أيضا يرومون إلى إخراج سوريا من المعادلات الإقليمية بأساليب أخرى، بما في ذلك الوعود التي لن يوفوا بها أبدا”.

وبينما لم يوضح حديث المرشد الأعلى الإيراني ماهية “الدور الإقليمي” الذي تلعبه سوريا وكذلك “الوعود”، أكد في سلسلة تغريدات لاحقة على “هوية المقاومة التي تتميز بها سوريا”، وأنه “ينبغي الحفاظ عليها”.

“بين حرب وتطبيع”

وتعود آخر زيارة قام بها الأسد لإيران إلى مايو 2022، وزارها قبل ذلك في 2019.

بعد 2022 طرأت الكثير من التغيّرات في المنطقة، بينها إعادة دول عربية علاقاتها مع نظام الأسد، في تحوّل كبير لما كانت عليه سياستها عندما تحول الحراك السلمي إلى مسلح في البلاد.

كما اندلعت حرب إسرائيل في غزة ردا على هجوم حماس في السابع من أكتوبر 2023، وتبعها اشتعال عدة جبهات، لم تكن من بينها سوريا رغم أنها تحسب كطرف أساسي ضمن “محور المقاومة”.

وكان النظام في سوريا اتبع سياسة “النأي بالنفس” حيال الحرب المتواصلة في غزة حتى الآن، وبدا سلوكه منذ يوم السابع من أكتوبر وكأنه “غير معني بالانخراط”، حسبما يوضح مراقبون.

وفي مقابل ذلك أبدى مرونة ولعب على الكثير من التفاصيل حيال مسار التطبيع العربي، الذي يذهب الآن باتجاهين، معلن: يقوم على مقاربة “الخطوة مقابل خطوة”، وغير معلن ويتعلق بماهية العلاقة بين دمشق وطهران ومدى القدرة على تحقيق أي خرق على صعيد “التوأمة المترسخة”.

ويعتقد الباحث في الشأن الإيراني، الدكتور محمود البازي أن “خامنئي كان صريحا للغاية” بعد لقائه الأسد.

ويقول لموقع “الحرة” إن خطابه كان موجها لرئيس النظام، بعد تصريحاته قبل فترة عن تواصل مع الولايات المتحدة الأميركية، “لكن دون جدوى أو نتائج”. 

وأراد خامنئي تذكير الأسد بأن “لدى إيران تجربة مشابهة مع التفاوض مع الأميركيين، ولكنهم نقضوا العهد والتوافقات بسرعة”، في إشارة إلى الاتفاق النووي مع إيران الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

ويضيف أن “تأكيد المرشد الإيراني الأعلى على هوية سوريا المقاومة بحسب وصفه حاول من خلالها تذكير الأسد بأن الاصطفاف السوري تاريخيا كان ضمن ما يسمى محور المقاومة”.

ومن جهة أخرى يعتقد البازي أن الأسد “فهم الرسائل الإيرانية حيث جاء تأكيده على أن العلاقات بين إيران وسوريا استراتيجية للتأكيد على أن نوع العلاقات لم يتغير بينهم”.

“نهج صقوري متشدد”

وخلال اللقاء الذي جمعه مع خامنئي الخميس وجه الأسد للمرشد الأعلى الإيراني كلمة جاء فيها بحسب الموقع الرسمي للأخير: “إن العلاقات الإيرانية السورية استراتيجية وتتقدم وتسير بتوجيهات فخامتكم وسيادتكم”.

ولم تتطرق وسائل إعلام النظام السوري إلى تلك العبارة.

واقتصرت التصريحات التي نشرتها وكالة “سانا” على تقديم التعازي والتأكيد على “ضرورة المضي في تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، لاسيما الاقتصادية منها”.

وبوجهة نظر الخبير في الشؤون السورية بمؤسسة القرن، آرون لوند تبدو تعليقات خامنئي حول الوعود التي لم يتم الوفاء بها “دقيقة إلى حد كبير”.

ويوضح حديثه لموقع “الحرة” أن المرشد الإيراني كان يقصد أنه “حتى لو التزم الأسد بالمصالح الخليجية والغربية بدرجة أكبر، فلن يكون هناك طوفان من المساعدات والاستثمارات في المقابل”.

ويتناقص تمويل المساعدات في جميع المجالات، وحتى المناطق المناهضة للأسد في سوريا تشهد انخفاضا في دعمها الإنساني الآن، حسب الباحث لوند.

ويعتقد عامر السبايلة، وهو أستاذ جامعي ومحلل جيوسياسي أردني، أن زيارة الأسد وحديث خامنئي يحمل رسالة مفادها: “إذا لم تنتج فكرة التطويع السياسي التي كانت سائدة على مدار العامين الماضيين فإن الإيراني سيظل ملتزما بالنهج الصقوري المتشدد في معاير التعامل مع الغرب”.

وينطبق ذات النهج على سوريا أيضا وعلاقاتها مع المحيط.

السبايلة يشير لموقع “الحرة” إلى أن إيران “لا يمكن أن تقدم فائدة للنظام السوري على المستوى العربي أو الدولي، لأنها بالأصل في عزلة”.

ورغم أن الجانب السوري حرّك مؤخرا فكرة “السلام العربي” من منطلق أنها “طريق للوصول إلى حل دولي”، لم يقدم أو يتخذ أي خطوات عملية واتضح ذلك لاحقا أيضا من مواقف بعض الدول العربية، حسب السبايلة.

“ضمن الدائرة الإيرانية”

وتعتبر طهران من أبرز حلفاء النظام السوري إلى جانب روسيا، وخلال السنوات الماضية قدمت له دعما عسكريا وسياسيا واقتصاديا.

وحتى الآن لا تعرف ماهية العلاقة التي ستكون بينهما في ضوء التطبيع العربي الحاصل، والذي تمثلت آخر محطاته بتعيين السعودية سفيرا لها في دمشق، وإعلان  استعدادها تسيير 3 رحلات جوية مباشرة مع حكومة النظام السوري.

ويرى الباحث في مركز “الحوار السوري”، أحمد القربي أن ما قاله خامنئي يأتي في إطار “الحديث عن خلافات ما بين نظام الأسد وإيران في ضوء الانفتاح العربي”.

ويرتبط من جانب آخر بموقف النظام السوري حيال ما يجري في غزة، والتقارير التي تتحدث عن عدم سماح الأخير لإيران و”حزب الله”، باستخدام أراضي سوريا لتنفيذ الهجمات ضد إسرائيل.

كما يعتقد الباحث في حديثه لموقع “الحرة” أن “حديث المرشد الإيراني (حول إخراج سوريا من المعادلة الإقليمية والوعود دون تنفيذ) يعطي تلميحيات باتجاه الدول العربية والنظام بأن مسار التطبيع لن تقبل به إيران في حال خرج عن الدائرة التي رسمتها بنفسها”.

وبالنظر إلى مسار التطبيع العربي مع الأسد يشير القربي إلى أنه شهد انتعاشة كبرى في أعقاب التطبيع السعودي مع إيران.

وعلى أساس ذلك، يضيف أنه لا يمكن فصل ما حصل بين السعودية ودمشق عن ما حصل بين الرياض وطهران.

ويتابع أنه وبناء على معطيات الواقع “لم يخرج التطبيع العربي مع نظام الأسد حتى الآن عن الخطوط الحمراء الإيرانية”. 

ومن بين تلك الخطوط: تحجيم إيران في جنوب سوريا، وقف تصنيع وتهريب حبوب “الكبتاغون”، تقليص النفوذ الإيراني في شرق البلاد.

“منظور إيراني مزدوج”

في غضون ذلك يوضح الباحث البازي أن إيران تراقب مسار التطبيع العربي مع سوريا بشكل مكثف وحذر وتتعامل معه “بمنظور مزدوج”.

ويقول إنها تتوخى الحذر وتخشى من أن يؤدي التطبيع إلى قيام سوريا بتغيير تحالفاتها أو تغيير مواقعها الاستراتيجية. 

وأن تتأثر جهود التطبيع، خاصة تلك التي تقودها بعض دول الخليج، بالأجندات الغربية التي تهدف إلى تقليص نفوذ إيران في المنطقة. 

ورغم ذلك “تبقى تلك الرقابة غير علنية أبدا”، وفق الباحث المختص بالشأن الإيراني.

ويضيف في المقابل أن إيران تنظر إلى التقارب العربي مع الأسد بإيجابية كونه يعمل على إعادة إعمار سوريا (بحسب رؤيتهم) وتوفير الاستقرار السياسي لها.

ويصب ما سبق في مصلحة طهران، “كون سوريا حلقة وصل مهمة واستراتيجية لطهران بين إيران والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين”، حسب حديث الباحث المقيم في طهران.

ولا يعتقد الخبير في الشؤون السورية بمؤسسة القرن، آرون لوند أن الأسد لديه أي نية للنأي بنفسه عن إيران، ويوضح أن الأخيرة “هي أقرب حليف له، إلى جانب روسيا، وهي أقرب حتى من روسيا، في بعض النواحي”.

ويبدو أن لدى الحكومة الإيرانية مشاعر متضاربة بشأن علاقات سوريا المتجددة مع الإمارات العربية المتحدة والدول العربية الأخرى، كما يرى لوند ويتوافق بذلك الرأي مع البازي.

ويشرح أنه عملية التطبيع تدعم إيران من ناحية “لأنها تريد أن تكون سوريا مستقرة وأن تتعافى اقتصاديا”.

ولكن من ناحية أخرى هناك حقيقة أن “هذه الدول (العربية) منافسة لإيران”، بالتالي قد تضغط على النظام السوري لحجب بعض أشكال الدعم لإيران وحلفائها.

ومع ذلك، يعتقد لوند أنه “في أي حساب عقلاني لمصالح طهران، فإن دعم نظام الأسد سيكون أكثر أهمية من أي دعم هامشي يمكن أن تقدمه سوريا لإيران في السياسة الإقليمية”.

ويشير إلى أن “إنقاذ الأسد كان مهمة ضخمة بالنسبة لإيران على مدى العقد الماضي أو نحو ذلك، والتنسيق مع سوريا وثيق للغاية بشأن العديد من القضايا”.

وبينما تختلف في بعض الأحيان مصالحهم إلى حد ما يعتقد الباحث لوند أن “هذا ليس شيئا من شأنه أن يقلق خامنئي كثيرا، ولاسيما أن بعض الاحتكاك العرضي أمر طبيعي في أي علاقة من هذا القبيل”.

“الثمن سيكون غاليا”

ومثّل اندلاع الحرب السورية في 2011، فرصة لإيران لزيادة نفوذها في سوريا.

وكان هذا مدفوعا بأهمية البلاد الاستراتيجية وموقعها، ودورها في ضمان استمرارية الممر البري من طهران إلى بيروت، ووصولها إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط، وفق ما تشير إليه عدة تقارير لوسائل إعلام ومراكز أبحاث غربية.

ونادرا ما تنشر إحصائيات توضح ما تكلفت به إيران في سوريا.

ومع ذلك قال النائب، حشمت الله فلاحت بيشه، من لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في تصريح لافت عام 2020 إن بلاده أنفقت ما بين 20 و30 مليار دولار في سوريا لدعم بشار الأسد.

ويعتبر الباحث البازي أن “الأسد يدرك أن المبادرات الغربية والعربية على أهميتها لها مقابل غال جدا وهو التنازل عن بعض الصلاحيات السيادية”.

ولذلك فإن “العلاقة المتجذرة تاريخيا مع إيران لها أهمية كبرى بالنسبة له”.

ويتابع الباحث أن “إيران لا تفرض على الأسد أي تغييرات سياسية أو تحولات جذرية لا يرغب بها.. ولهذا ليس من السهل التخلي عنها من جانبه وبهذه السهولة، خصوصا بأن العلاقة بينهما تندرج ضمن التحالف الاستراتيجي”.

ويقوم هذا التحالف “على التاريخ والتهديد المشترك والمنافع المشتركة وجميع هذه العوامل لم تتغير خلال هذه الفترة”، حسب الباحث.

وبالإضافة إلى ما سبق يوضح أن “إيران تمارس نفوذا ذو أبعاد متعددة لا تقتصر على الطابع الرسمي في سوريا.. فهي تمارس نفوذ بين العشائر في شرق سورية ونفوذا في مناطق حلب عبر تقديم الخدمات ونفوذ أيضا في منطقة الساحل السوري”.

وليس بالأمر السهل أن يبتعد الأسد عن إيران، وفق حديث الباحث الأردني، عامر السبايلة، ولذلك وبناء على التجذر الحاصل في البلاد “هو مضطر أن يطمئن طهران من جانب ويسير بالمسار العربي من جانب آخر”.

ويضيف السبايلة أن نظام الأسد “يعلم أن إيران لا يمكن أن تُخرج سوريا من العزلة”، وأنها “أزمة مستمرة بحد ذاتها”، ما يضطره “لإيجاد حالة من التوازن الدبلوماسي في الوقت الحالي”. 

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *