تعمل الولايات المتحدة على “إقناع” شركات الشحن بأن القوة متعددة الجنسيات التي دعت إليها واشنطن، تضمن أمن الملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس، وذلك في ظل الهجمات التي يشنها المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران، ضد سفن جنوبي البحر الأحمر.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا، لوكالة بلومبرغ، الخميس، إن البنتاغون يعمل “بشكل شبه يومي” مع صناعة الشحن البحري “لمعرفة الاحتياجات وتقديم الضمانات بأن المجتمع الدولي موجود للمساعدة في توفير ممر آمن”.
ويبدو أنه حتى الآن، بحسب بلومبرغ، “لا تعتبر محاولات البنتاغون كافية لمعظم خطوط الشحن، حتى تراهن على أن الطائرات بدون طيار أو الصواريخ (الحوثية) لن تتمكن من تجاوز الدفاعات وإصابة سفنها”.
وصرح ضابط البحرية المتقاعد وكبير الاستشاريين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، مارك كانسيان، للوكالة: “سيستغرق الأمر بعض الوقت حتى يتيقنوا (شركات الشحن) من الوضع الأمني. لو اتضح أن الولايات المتحدة والتحالف بإمكانهم الحفاظ على أمن الممر الملاحي، فستعود الشركات، لكن في الوقت الحالي لا يمكنهم التأكد حقًا”.
وأضاف أن “بعض سفن الشحن ستكون أكثر استعدادا للمخاطرة من الأخرى، وستكون المرتبطة منها بإسرائيل أكثر حذرًا”.
وكثفت حركة الحوثي المتحالفة مع إيران هجماتها على السفن في البحر الأحمر، في إطار دعمها لحركة “حماس” في قطاع غزة، التي تخوض حربا مع إسرائيل.
شركات شحن تستأنف المرور عبر البحر الأحمر
أعلنت “سي أم آ سي جي أم” الفرنسية أن بعض سفنها عاودت عبور البحر الأحمر، بينما تعتزم “ميرسك” الدنماركية القيام بالخطوة ذاتها، وفق ما أعلنت شركتا الشحن الأربعاء، بعد تعليق ذلك بسبب هجمات الحوثيين في اليمن على خلفية الحرب في غزة.
وتستهدف الهجمات ممرا مائيا (مضيق باب المندب) الذي يربط بين الشرق والغرب ويسمح للتجارة، لا سيما تجارة النفط، بالعبور من قناة السويس، بطريقة توفر الوقت والنفقات، بدلا من الدوران حول القارة الأفريقية.
ودفعت الهجمات الحوثية بعض شركات الشحن لتغيير مسار سفنها، في وقت سابق من ديسمبر، لتجنب المنطقة.
واتفقت عدة دول بقيادة الولايات المتحدة، في 19 ديسمبر، على تسيير دوريات في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، لحماية سفن الشحن التجارية من الهجمات التي تشنها حركة الحوثي، ضمن عملية تعرف باسم “حارس الازدهار”.
وتقول الولايات المتحدة إن “حارس الازدهار” هو “تحالف دفاعي يضم أكثر من 20 دولة، لضمان تدفق تجارة بمليارات الدولارات بحرية عبر نقطة شحن حيوية في مياه البحر الأحمر قبالة اليمن”.
والخميس، أسقطت البحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر مسيرة وصاروخا بالستيا مضادا للسفن، أطلقهما المتمردون الحوثيون في اليمن، حسبما أعلنت القيادة العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط “سنتكوم”.
ويقول الحوثيون إنهم سيواصلون ما يقومون به “حتى دخول ما يكفي من الغذاء والدواء إلى قطاع غزة”، الذي تقصفه إسرائيل وتحاصره بشكل كامل ردا على هجوم غير مسبوق شنته حركة حماس في السابع من أكتوبر على بلدات بغلاف غزة.
من جانبه، قال المحلل المختص في الشؤون الدفاعية، جيني موران، لبلومبرغ، إن الطريقة التي يتم التعامل بها “لا تعالج سبب التهديد”، مضيفًا: “يبدو أننا نتحرك بحذر شديد في وقت تتطلب فيه الظروف ردا أكثر قوة”.
لكنه أوضح أن طبيعة التهديد “المختلطة”، التي تشمل هجمات محتملة من طائرات مسيرة وصواريخ وزوارق صغيرة، يجعل الرد “أكثر صعوبة، لأن السفن المشاركة في التحالف لن تكون بنفس قوة السفن الأميركية”.
وتمتلك واشنطن ما لا يقل عن 3 مدمرات متمركزة في البحر الأحمر، بحسب تحليل نشرته مجلة “فورين بوليسي” الأميركية بوقت سابق هذا الشهر، فيما تشارك عدة دول بسفن حربية.
“حارس الازدهار”.. كيف تؤمن الولايات المتحدة البحر الأحمر؟
مع ازدياد التهديدات الحوثية في البحر الأحمر، تتحرك السفن الحربية الأميركية لمواجهة الهجمات المتتالية التي أربكت خطوطا حيوية للشحن البحري.
وتكرر الولايات المتحدة تصريحاتها بشأن عملها على عدم توسع نطاق الحرب الدائرة في غزة حاليا، والتي تسببت في قصف وهجمات متبادلة على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله اللبناني، بجانب استهداف قواعد أميركية في العراق بواسطة مجموعات موالية لإيران.
ويواصل كانسيان: “لو بدأت الولايات المتحدة استهداف معسكرات الحوثيين، ربما يزيد ذلك من المخاطر ولن يقللها. لا أعتقد أن شركات الشحن خصوصا، ترغب في حدوث ذلك”.
يذكر أنه في أعقاب الإعلان عن التحالف الجديد، قالت شركة “سي إم آ سي جي إم” الفرنسية، أن بعض سفنها عاودت عبور البحر الأحمر، في وقت تعتزم “ميرسك” الدنماركية القيام بالخطوة ذاتها، وذلك بعد تعليق رحلاتها بسبب هجمات الحوثيين.
ورأت شركة “ميرسك”، بحسب بيان الأربعاء، أن تشكيل هذا التحالف هو “نبأ جيد لكامل قطاع” النقل البحري، يتيح استئناف حركة الملاحة، إلا أنها شددت على أن “الخطر الإجمالي في هذه المنطقة لم يلغ بعد”.