سلط تقرير لصحيفة “تيليغراف” البريطانية الضوء على عمل اثنتين من أكثر وحدات الاستخبارات السرية التابعة للجيش الإسرائيلي أهمية وتضم في صفوفهما مجندين مراهقين مصابين بمرض التوحد.
الوحدتان هما “9900” المسؤولة عن تحليل وجمع المعلومات الاستخباراتية المرئية المأخوذة من الأقمار الصناعية وطائرات المراقبة وترسلها بعد ذلك إلى القوات في ساحة المعركة، والوحدة “8200” ومهمتها تقديم رؤية استخبارية متكاملة مع المعلومات التي توفرها المصادر البشرية القائمة على العملاء.
وفقا للصحيفة يبلغ عدد المجندين المصابين في التوحد الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي في مواقع غير قتالية نحو 400 شخص، جزء صغير منهم فقط يعمل في هاتين الوحدتين.
قبل هجوم حماس في السابع من أكتوبر كان المحللون يعتبرون هاتين الوحدتين من بين أقوى الوحدات من نوعها في العالم، حيث تحافظ على سلامة المدنيين من الهجمات الداخلية والتهديدات الخارجية.
تشير الصحيفة إلى أن الالتحاق بأي من الوحدتين كان منذ فترة طويلة مصدر فخر لأي إسرائيلي، لكن فقط أولئك الذين لديهم عقول حادة واهتمام جيد بالتفاصيل يتم الاستعانة بهم، ولهذا السبب غالبا ما يتأهل المراهقون المصابون بالتوحد.
يقول اللفتنانت كولونيل روتيم صباغ، رئيس دائرة “ميتاف” في الجيش الإسرائيلي، التي تتعامل مع المجندين الجدد إن “من الواضح أن لديهم (المصابون بالتوحد) تفوقا نوعيا على الجنود الآخرين، ولهذا السبب يجدون أنفسهم في وحدات الأمن الرقمي والاستخبارات”.
ويضيف أن “القدرات التي ترتبط غالبا بالتوحد، كالتركيز وتذكر تفاصيل محددة بشكل جيد للغاية، كلها تساهم في تفوقهم.”
من بين هؤلاء العريفة “إن” البالغة من العمر 19 عاما وفقدت شقيقتها في هجوم السابع من أكتوبر.
تقول الصحيفة إن العريفة “إن”، التي تخدم في وحدة استخبارات تابعة للقيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي، هي واحدة من العديد من الإسرائيليين الذين أثبتت “قدراتهم المعرفية أنها لا تقدر بثمن”.
تؤكد العريفة أن عبء العمل زاد عليها بشكل كبير منذ بداية الحرب. وتضيف “أنه عمل على مدار الساعة.. ولكي أقوم بعملي، يجب أن أكون أكثر انتباها، لأن الأشياء تحدث بسرعة”.
يخضع المتقدمون للعمل من المصابين بالتوحد لعدة اختبارات قبل قبولهم حيث يجري اختيار المراهقين المستقلين للغاية والأقل احتياجا ويخضعون لاستبيانات ومقابلات مع خبراء التوحد وعلماء النفس لتقييم مدى ملاءمتهم في البداية.
بمجرد الموافقة على تعيين جندي مصاب بالتوحد في فريق استخبارات، وهي عملية يمكن أن تستغرق وقتا طويلا، يتم استخدام ذاكرته الفوتوغرافية ومهاراته المعرفية في مجموعة من الوظائف ومنها تحليل الصور الجوية وجمع البيانات الجغرافية ورسم الخرائط ثلاثية الأبعاد وغير ذلك، وفقا للصحيفة.
وبالنظر لأهمية الدور الذي يلعبونه عمد الجيش الإسرائيلي لإنشاء فريق كامل ضمن الوحدة 9900 من المجندين المصابين بالتوحد أطلق عليه اسم “برنامج رويم راشوك” ويعني بالعبرية “ما وراء الآفاق البعيدة”.
يقول الجيش الإسرائيلي إن أعضاء الفريق يستخدمون صور الأقمار الصناعية والخرائط لفهم المشهد الجغرافي لإسرائيل والدفاع عن حدودها”.
وتشير الأبحاث إلى أن المصابين بالتوحد يمكن أن يكونوا مجهزين تجهيزا جيدا للتعامل مع متطلبات الخدمة في وحدة مثل 9900، وفقا للصحيفة.
وتنقل عن أستاذ الطب النفسي بجامعة مونتريال لوران موترون القول أن معظم الأشخاص المصابين بالتوحد “يتفوقون في المهام السمعية مثل تمييز درجات الصوت والكشف عن الهياكل البصرية والتلاعب العقلي بالأشكال المعقدة ثلاثية الأبعاد”.
وشهدت إسرائيل، مثل العديد من الدول المتقدمة، ارتفاعا في حالات التوحد في العقود الأخيرة. ووفقا للجمعية الإسرائيلية للأطفال والبالغين المصابين بالتوحد، فإن تشخيصات مرض التوحد تتزايد بمعدل 13 في المائة سنويا.