قال سكان فلسطينيون إن دبابات وطائرات حربية إسرائيلية قصفت مناطق من رفح، الخميس، فيما لم تفض المفاوضات التي استضافتها مصر لأي اتفاق لوقف النار في غزة يوم الخميس.
وذكر مسؤول إسرائيلي كبير، في وقت متأخر الخميس، أن أحدث جولة من المفاوضات غير المباشرة في القاهرة لوقف الأعمال القتالية انتهت وأن إسرائيل ستمضي قدما في عمليتها في رفح وأجزاء أخرى من القطاع الفلسطيني وفقا للمخطط، بحسب ما نقلته رويترز.
وأضاف المسؤول أن إسرائيل قدمت للوسطاء تحفظاتها على مقترح حركة حماس لاتفاق إطلاق سراح الرهائن.
من جانبها أعلنت حركة حماس، فجر الجمعة، بعد مغادرة وفدها من مصر حيث تجري المحادثات أن “الكرة بالكامل في ملعب إسرائيل” للتوصل إلى اتفاق هدنة في قطاع غزة.
وقالت حماس في بيان وجهته إلى الفصائل الفلسطينية إن “الوفد التفاوضي غادر القاهرة متجها للدوحة” مضيفة “عمليا الاحتلال رفض المقترح المقدم من الوسطاء ووضع عليه اعتراضات في عدة قضايا مركزية. موقفنا هو التمسك بالموقف الوطني الذي وافق على مقترح الوسطاء الأخير. بناءً عليه فالكرة الآن لدى الاحتلال بشكل كامل”، وفق ما نقلته عنها فرانس برس.
وفي غزة، قالت حركتا حماس والجهاد الإسلامي إن مسلحيهما أطلقوا صواريخ مضادة للدبابات وقذائف هاون على دبابات إسرائيلية محتشدة عند المشارف الشرقية لرفح.
وقال سكان ومسعفون في رفح، وهي المدينة الرئيسية الوحيدة في غزة التي لم تجتحها القوات البرية الإسرائيلية بعد، إن ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص قتلوا وأصيب آخرون بنيران دبابة إسرائيلية قرب مسجد في حي البرازيل في شرق المدينة.
وأظهر مقطع مصور من الموقع منارة المسجد وسط الأنقاض وجثتين ملفوفتين في أغطية.
وتسببت غارة جوية إسرائيلية على منزلين في حي الصبرة برفح في مقتل ما لا يقل عن 12 شخصا منهم نساء وأطفال، وفق رويترز.
ونقلت الوكالة ذاتها عن مسعفين وأقارب وجماعة كتائب المجاهدين المسلحة قولهم إن من بين القتلى قائد كبير في الجماعة وأسرته وأسرة قائد آخر بالجماعة.
من جانبه، أعلن الجيش الإسرائيلي أن ثلاثة من جنوده أصيبوا بجروح طفيفة، الخميس، في “نفق مفخخ” في مدينة رفح بجنوب قطاع غزة حيث تشن قوات إسرائيلية عمليات توغل منذ الثلاثاء، وفق ما نقلته فرانس برس.
وقال الجيش في بيان إن “الجنود نُقلوا إلى المستشفى لتلقي العلاج”.
وكثف الجيش الإسرائيلي، الاثنين، قصفه على الأحياء الشرقية لمدينة رفح، بعدما أمر المتواجدين فيها بإخلائها. كما يشن عمليات توغل برية هناك.
وتقول إسرائيل إن مسلحي حماس يختبئون في رفح التي لجأ إليها مئات الآلاف من الفلسطينيين فرارا من القصف الذي حول معظم القطاع الساحلي إلى أنقاض.
وفي الولايات المتحدة، عبر البيت الأبيض مجددا عن أمله في ألا تنفذ إسرائيل عملية شاملة في رفح، قائلا إنه لا يعتقد أن العملية ستخدم هدف إسرائيل المتمثل في القضاء على حماس.
وقال المتحدث جون كيربي إن “اقتحام رفح، في رأي (بايدن)، لن يخدم ذلك الهدف”.
وأضاف كيربي أن إسرائيل تضغط بشكل كبير على حماس وأن هناك خيارات أفضل لملاحقة المتبقين من قيادة الحركة من عملية تنطوي على مخاطر جسيمة على المدنيين.
وقالت وزارة الصحة في قطاع غزة الذي تديره حماس إن الهجوم الإسرائيلي على غزة أسفر عن مقتل نحو 35 ألف فلسطيني وإصابة قرابة 80 ألفا معظمهم مدنيون.
وشنت إسرائيل هجومها عقب هجوم الحركة في السابع من أكتوبر على جنوب إسرائيل التي تقول إنه أدى إلى مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 252 رهينة. وتشير أحدث بيانات إسرائيلية إلى أن نحو 128 من الرهائن ما زالوا محتجزين في غزة وأن 36 أُعلنت وفاتهم.
وفي أكثر تصريحاته حدة حتى الآن بشأن تنفيذ غزو بري شامل لرفح، قال بايدن في مقابلة مع شبكة سي إن إن الأربعاء: “أوضحت أنهم إذا دخلوا رفح… فلن أزودهم بالأسلحة”. وذكر بايدن أن إسرائيل لم تقدم خطة مقنعة لتأمين المدنيين في رفح.
ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، تهديد الرئيس الأميركي، جو بايدن، بحجب أسلحة عن إسرائيل إذا ما هاجمت المدينة الواقعة جنوب قطاع غزة.
وقال نتانياهو في بيان مصور: “سنقاتل بأظافرنا إذا اضطررنا لذلك”. وأضاف “لكننا نملك ما هو أكثر بكثير من أظافرنا”.
وقال السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، مايكل هرتسوغ، إن قرار واشنطن حجب أسلحة عن إسرائيل بسبب عمليتها المزمعة في رفح يبعث “رسالة خاطئة” إلى حركة حماس وأعداء إسرائيل.
وأضاف في ندوة عبر الإنترنت لمؤسسة كارنيغي للسلام “هذا يضعنا في الزاوية (في موقف صعب) لأنه يتعين علينا التعامل مع رفح بطريقة أو بأخرى”.
وقال الأميرال دانيل هاغاري، كبير المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي، الخميس، إن الجيش لديه الذخائر اللازمة لعملية رفح وغيرها من العمليات المزمعة.
وأضاف هاغاري أن الجيش قتل بالفعل 50 مسلحا فلسطينيا في شرق رفح ووجد عدة أنفاق. ولم يصدر تعليق بعد من حماس.
انتهاء المحادثات
واجتمعت وفود من حماس وإسرائيل والولايات المتحدة وقطر في القاهرة منذ يوم الثلاثاء. وذكر مصدران أمنيان مصريان أن محادثات وقف إطلاق النار في القاهرة أحرزت نوعا من التقدم، لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق.
وقال عزت الرشق، عضو المكتب السياسي لحماس في قطر، إن وفد الحركة غادر القاهرة بعدما أعاد تأكيد موافقتها على مقترح الوسطاء لوقف إطلاق النار. ويتضمن الاقتراح أيضا إطلاق سراح بعض الرهائن الإسرائيليين الموجودين في غزة ونساء وأطفال فلسطينيين محتجزين في إسرائيل.
وتحمّل حماس إسرائيل المسؤولية عن عدم التوصل إلى اتفاق حتى الآن. وذكر حساب قناة الأقصى التابعة للحركة على تطبيق تيليغرام أن الحركة لن تقدم أي تنازلات تتجاوز تلك الواردة في الاقتراح الذي وافقت عليه.
وتقول إسرائيل إنها منفتحة على الهدنة، لكنها ترفض مطالب إنهاء الحرب.
وذكر ماثيو ميلر، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، أن واشنطن ما زالت تتواصل مع إسرائيل بشأن تعديلات في مقترح لوقف إطلاق النار، مضيفا أن العمل على وضع اللمسات النهائية على نص اتفاق “بالغ الصعوبة”.
انهيار القطاع الطبي
كتب فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” على منصة إكس أن إسرائيليين أضرموا النار مرتين في محيط مقر الوكالة بالقدس الشرقية، مما تسبب في أضرار جسيمة في المناطق الخارجية ولكن دون وقوع إصابات. ولم يصدر تعليق على الفور من الشرطة الإسرائيلية.
الأونروا تنشر فيديو لمحاولة إحراق مكاتبها بالقدس وتعلن إغلاقها
أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، الخميس، أنها أغلقت مؤقتا مجمع مكاتبها في القدس الشرقية المحتلة بعدما حاول “متطرفون إسرائيليون” إحراقه مرتين.
وقال لازاريني: “مرة أخرى، تعرضت حياة موظفي الأمم المتحدة لخطر داهم”، مضيفا أنه قرر إغلاق المجمع لحين استعادة الأمن.
وسيطرت الدبابات الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح مع مصر يوم الثلاثاء، مما أدى إلى قطع طريق المساعدات الحيوي إلى القطاع وأجبر 80 ألف شخص على النزوح من المدينة هذا الأسبوع، وفقا لما ذكرته الأمم المتحدة.
في غضون ذلك، واصلت إسرائيل غاراتها الجوية وقصفها بالدبابات على أنحاء قطاع غزة، الخميس. وقال سكان إن الدبابات توغلت في حي الزيتون في مدينة غزة في شمال القطاع، مما أجبر مئات الأسر على الفرار.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه يؤمن الحي، وبدأ بسلسلة من الضربات الجوية التي تستند إلى معلومات مخابراتية استهدفت نحو 25 هدفا للمسلحين.
وامتلأت مدينة دير البلح بوسط غزة بالنازحين الذي فروا من رفح في الأيام القليلة الماضية. وقال مسعفون فلسطينيون إن شخصين، منهما امرأة، قتلا عندما أطلقت طائرة مسيرة صاروخا على مجموعة من السكان هناك.
قالت وزارة الصحة الفلسطينية، الخميس، إن إغلاق معبر رفح مع مصر حال دون إجلاء المصابين والمرضى ودخول الإمدادات الطبية وشاحنات الغذاء والوقود الضروري لتشغيل المستشفيات.
وأضافت الوزارة أن مركز غسيل الكلى الوحيد في منطقة رفح توقف عن العمل بسبب القصف.
وقال الجراح الأردني، علي أبو خرمة، المتطوع في مستشفى الأقصى في دير البلح إن “القطاع الطبي كاملا منهار”، وفق ما نقلته رويترز.
وذكر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، أنه “لم يُسمح لأي شيء أو لأي أحد بالدخول إلى غزة أو الخروج منها” لثلاثة أيام متتالية.
وتابع غريفيث عبر منصة إكس “هذا يعني عدم دخول مساعدات. إمداداتنا عالقة. فرقنا عالقة. المدنيون في غزة يتضورون جوعا ويُقتلون، ونحن ممنوعون من مساعدتهم. هذه هي غزة اليوم، حتى بعد سبعة أشهر من الفظائع”.