أعاد حادث تحطم المروحية التي كان يستقلها الرئيس الإيراني الراحل، إبراهيم رئيسي، إلى الأذهان العديد من كوارث المروحيات خلال السنوات الماضية.
ويتبادر إلى الأذهان مصرع نجم كرة السلة الأميركي المعتزل، كوبي براينت، وابنته البالغة من العمر 13 عاما و7 آخرين في حادث تحطم طائرة هليكوبتر بولاية كاليفورنيا قبل 4 سنوات.
وفي عام 2018، توفي رجل الأعمال التايلاندي، فيشاي سريفادهانابرابا، الذي كان يملك نادي ليستر سيتي الإنكليزي لكرة القدم، مع 4 آخرين في حادث تحطم طائرة مروحية أيضا.
وفي العام الذي سبقه، لقي تروي جينتري، الذي كان آنذاك عضوا بفرقة موسيقى الريف “مونتغمري جينتري”، حتفه في حادث تحطم طائرة مروحية أيضا في نيوجيرزي.
وخلص التحقيق في الحادث الذي أودى بحياة براينت على متن طائرة “سيكورسكي S-76B” إلى أن الطيار أصبح مشوشا عندما طارت المروحية إلى سحب كثيفة، معتقدا أنه كان يرتفع بينما كان في الواقع يقترب من الارتطام بتلة.
كما تم إلقاء اللوم على خطأ الطيار في الحادث الذي أدى إلى مقتل جينتري، في حين خلص التحقيق في حادث سريفادهانابرابا إلى أن مروحية “ليوناردو AW169” سقطت بسبب فشل آلية الدوار الخلفي الخاصة بها.
الطقس أم أن المروحية قديمة؟
وبالنسبة للحادث في إيران التي ذهب ضحيته رئيس البلاد ووزير الخارجية، أمير حسين عبداللهيان، وعدد آخر من المرافقين، يستحيل حتى الآن على وجه اليقين تحديد سبب ما جرى، حسبما ذكر تقرير لموقع الإذاعة الوطنية الأميركية (إن بي آر).
ويشير تقرير موقع “إن بي آر” إلى أن الحادث الإيراني قد يكون وراءه سبب واحد أو عوامل عدة أدت لسقوط الطائرة، وهي مروحية من طراز “بيل 212”.
وأفادت التقارير الأولية بتحطم الطائرة عندما كانت تحلق في “منطقة جبلية ضبابية في شمال غرب إيران”، وفقا لوكالة أسوشيتد برس.
وتعد الظروف الجوية السيئة السبب الرئيسي لحوادث طائرات الهليكوبتر أو الطائرات العمودية.
ووفقا لتحليل تم تقديمه بمنتدى عام 2021 للمعهد الأميركي للملاحة الجوية والفضائية، كان الطقس عاملا في 28 بالمئة من جميع حوادث تحطم طائرات الهليكوبتر المميتة.
وجاء في ملخص التحليل آنذاك أن “الرياح كانت سببا في معظم الحوادث، ولكنها نادرا ما تسببت في الوفيات، وإنما كانت ظروف الرؤية السيئة بسبب الإضاءة المنخفضة والسحب مسؤولة عن معظم الحوادث القاتلة المرتبطة بالطقس”.
ويشير التحليل إلى أن المروحيات تعمل عادة على ارتفاعات أقل من الطائرات ذات الأجنحة الثابتة، ويمكنها الإقلاع والهبوط بعيدا عن المطارات.
وساهم ذلك في تقليل وصول طياري طائرات الهليكوبتر إلى معلومات الطقس لأسباب عدة، بما في ذلك مشكلات الاتصال أو شح التغطية الجوية لتلك المناطق وعلى تلك الارتفاعات، وفقا للتحليل.
في حين أن المقارنة المباشرة لسجلات السلامة لوسائل النقل المختلفة مسألة تبقى صعبة، يشير تحليل أجراه موقع السفر “ذا بوينتس غاي” عام 2019، إلى أن رحلات الطيران أكثر أمانا إلى حد كبير من “رحلات طائرات الهليكوبتر غير المجدولة”.
المشكلة بالعمر أم “مستوى الصيانة”.. ماذا نعرف عن مروحية الرئيس الإيراني؟
ذكرت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية أن المروحية التي تحطمت وعلى متنها رئيس البلاد، إبراهيم رئيسي، هي من طراز “بيل 212″، بحسب ما نقلت صحيفة “واشنطن بوست”.
وقال العضو السابق في المجلس الوطني الأميركية لسلامة النقل، جون غوغليا، خلال وقت سابق من هذا العام، في حديثه إلى شبكة “بي بي إس نيوز”، إنه بسبب الأتمتة (التشغيل الآلي)، فإن معظم الطائرات تتسامح مع سهو الطيار اللحظي، لكن “المروحيات تتطلب الكثير من التركيز”.
وأضاف: “يفقد الناس تركيزهم في بعض الأحيان، وتكون العواقب وخيمة”.
والطائرة التي أقلت الرئيس الإيراني والوفد المرافق له تعود لحقبة السبعينيات عندما كان نظام الشاه، محمد رضا بهلوي، الموالي للغرب يشتري المروحيات العسكرية من الولايات المتحدة.
وبعد الإطاحة بالشاه بهلوي من خلال ثورة إسلامية جلبت رجال الدين الشيعة للحكم عام 1979، واصلت إيران استخدام العديد من الطائرات الأميركية الصنع، لكنها واجهت صعوبة في الحصول على قطع الغيار بسبب العقوبات الدولية المفروضة عليها.
“سنوات من الإهمال”
ونقلت وكالة أنباء “مهر” شبه الرسمية الإيرانية في مارس الماضي عن نائب القسم العلمي لتنمية الاقتصاد القائم على المعرفة، جواد مشايخ، قوله إن البلاد أصبحت أخيرا مكتفية ذاتيا بنسبة 100 بالمئة في توريد قطع غيار الطائرات.
ولم يذكر مشايخ أي شيء على وجه التحديد بشأن أجزاء طائرات الهليكوبتر، لكنه قال إن البلاد في السابق كانت “تعتمد بشكل كبير” على مصادر أجنبية لمثل هذه الأجزاء وأن العقوبات الأميركية المفروضة على برنامج إيران النووي “فرضت تحديا بهذا الصدد”.
وفي تقرير نشره منتدى الخليج الدولي مارس الماضي أيضا، كتب الصحفي الإيراني، كوروش زياباري، أن “صناعة الطيران الإيرانية عانت من سنوات من الإهمال ونقص الاستثمار والعقوبات القاسية” وأن “الحوادث متكررة ومعايير سلامة النقل الجوي تنخفض بشكل مطرد”.
ويقدّر خبير الطيران المقيم في لندن، أليكس ماشيراس، أن ما يقرب من 2000 إيراني فقدوا أرواحهم في حوادث طائرات منذ عام 1979، في حين قدرت شبكة “سلامة الطيران” أن الحوادث التي شملت شركات الطيران الإيرانية أدت إلى 1755 ضحية في السنوات الـ44 الماضية.