أعلنت الولايات المتحدة، الجمعة، فرض عقوبات على مجموعة إسرائيلية متطرفة تدعى “تساف 9” اتهمتها بعرقلة القوافل ونهب وحرق الشاحنات التي تحاول إيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين في غزة.
ومنذ اندلاع الحرب، فرضت الحكومة الإسرائيلية قيودا شديدة على إيصال المساعدات الأساسية إلى غزة، ما أدى إلى نقص الغذاء والماء، ويعاني آلاف من الأطفال سوء التغذية الحاد.
و”تساف 9″ هي مجموعة يمينية تسعى إلى منع وصول أي مساعدات إلى غزة ما دام هناك رهائن إسرائيليون في القطاع الفلسطيني.
وقالت الخارجية الأميركية في بيان “سعى أفراد من تساف 9 مرارا وتكرارا إلى عرقلة إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، بما في ذلك من طريق إغلاق الطرق، وأحيانا باستخدام العنف”.
وأضافت أن عناصرها “ألحقوا أضرارا أيضا بشاحنات مساعدات وألقوا مساعدات إنسانية منقذة للحياة على الطريق”.
ولفتت الخارجية الأميركية إلى أنه في 13 مايو، قام أعضاء “تساف 9” بنهب وإشعال النار في شاحنتين في الضفة الغربية المحتلة تحملان مساعدات إنسانية إلى غزة.
وشددت على أن “توفير المساعدات الإنسانية أمر حيوي لمنع تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة ولتخفيف خطر المجاعة”.
وتابعت “لن نتسامح مع أعمال التخريب والعنف التي تستهدف هذه المساعدات الإنسانية الأساسية”.
ما هي حركة “تساف-9″؟
منذ يناير، تمركز متظاهرو “تساف-9” على طول حدود غزة لمنع شاحنات المساعدات من دخول القطاع، بحسب صحيفة “جيروزاليم بوست”.
وحركة “تساف-9” مستوحاة من “تساف-8″، وهو أمر أصدره الجيش الإسرائيلي لتعبئة جنود الاحتياط أثناء حالات الطوارئ، مثلما حدث بعد هجوم حماس في السابع من أكتوبر، وفقا لصحيفة “جيورزاليم بوست”.
وبدأت “تساف-9” عملها عندما تم نشر نداء على فيسبوك من قبل مواطنين إسرائيليين غاضبين من شحن المساعدات الإنسانية إلى غزة، حيث لا يزال الرهائن الإسرائيليون محتجزين لدى إسرائيل، بحسب مجلة “نيوزويك”.
وتتحدث العضوة بـ”تساف-9″، راشيل تويتو، لموقع “أول إسرائيل نيوز”، عن الهدف وراء إنشاء المجموعة، قائلة إن توحيد المجموعات من اليمين السياسي واليسار في إسرائيل، الدينية والعلمانية على حد سواء، تمثل في حركة شعبية تسمى “تساف-9″، أو (“الأمر 9” بالعبرية)، والتي يتعرض أعضاؤها لخطر الاعتقال بسبب عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وتشرح تويتو عن سبب احتجاج الإسرائيليين على المساعدات الإنسانية لغزة، قائلة إن المجموعة تعتقد أن ما لا يقل عن 70% من المساعدات الإنسانية إلى غزة يتم تحويلها إلى حماس، التي كانت تسيطر على القطاع قبل الحرب.
وذكرت صحيفة “تايمز أو إسرائيل” أن العديد من عائلات الرهائن الذين يدعمون ويحضرون احتجاجات “تساف-9” ينتمون إلى مجموعة من عائلات الرهائن متأثرة باليمين المتطرف تسمى منتدى تكفا.
وأوضحت أنه تم تأسيس منتدى تكفا على يد تسيفكا مور، الذي يُحتجز ابنه إيتان كرهينة في غزة. وخلافا لمعظم عائلات الرهائن، يعارض منتدى تكفا المفاوضات وصفقات الرهائن مع حماس. وفي الواقع، فإنهم يعارضون الصفقات التي قد تؤدي إلى إطلاق سراح أحبائهم، أو كما قال مور: “الأمر لا يتعلق فقط بمعاناتي الشخصية كأب لإيتان، بل يتعلق بالأمة ككل”.
وتصدرت تكتيكات “تساف-9″ التخريبية عناوين الأخبار الإسرائيلية، وعلى الأخص خلال معسكر دام ثلاثة أيام عند معبر كرم أبو سالم الحدودي، في وقت سابق من العام الجاري، وفقا لـ”جيروزاليم بوست”.
وفي فبراير، ألقي القبض على 30 متظاهرًا بتهمة التسبب في أعمال شغب وإهانة قوات الشرطة بالقرب من المعبر نفسه، حيث كان من المتوقع وصول وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن.
وذكرت أنه رغم ردود الفعل العنيفة من العديد من المواطنين الإسرائيليين الذين يدينون الجماعة لتفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، لا تزال “تساف-9” تتلقى الدعم من الجماعات اليمينية المتطرفة الأخرى والناشطين في إسرائيل، بما في ذلك عائلات الإسرائيليين الذين قُتلوا أو اختطفوا على يد مسلحي حماس.
ومع استمرار الحرب في غزة، أصدرت وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية تحذيرات شديدة من مجاعة وشيكة، وخاصة في المناطق الشمالية، بسبب عدم وصول المساعدات الإنسانية إلى من يحتاجون إليها.
وذكرت “نيوزويك” أن حملة جمع التبرعات JGive التابعة لمجموعة جمع “تساف-9” أكثر من 87000 دولار من أكثر من 1480 مانحًا، حتى، الخميس 16 يناير. وأعلنت صفحة الحملة نية الجماعة “منع قوافل الإمدادات من الوصول إلى حماس”، إلى جانب شعار “تساف-9”: “النصر يعتمد عليكم!”
ووفقا للمجلة، تعهدت المجموعة بمنع كافة المساعدات حتى يتم إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين الذين تم أسرهم خلال هجوم حماس في 7 أكتوبر.
وقالت صفحة جمع التبرعات الخاصة بالجماعة “يجب حجب الإمدادات والمساعدات الإنسانية عن المدنيين في غزة حتى يحصل رهائننا على الأدوية والغذاء وزيارة الصليب الأحمر”.
وأوضحت المجلة أنه حتى صباح الخميس 16 يناير، كانت صفحة JGive الخاصة بالمجموعة لا تزال حية وتقبل التبرعات، ومعظمها تم تقديمه بالشيكل الإسرائيلي ومُوقع بالعبرية، رغم أن بعضها تم بالدولار الأميركي ومُوقع بالخط اللاتيني.
وأشارت إلى أن الصفحة ظلت نشطة لعدة أشهر، من خلال التصعيد المستمر لنشاط المجموعة ورغم من اعتقال العديد من أعضائها. وتؤكد شروط استخدام الموقع أنه لا يجوز للمستخدمين نشر أي محتوى “يشجع على ارتكاب جريمة جنائية أو مدنية” أو “يشكل خرقًا لأي قانون”.
وبعد طلب من مجلة “نيوزويك” للحصول على معلومات حول حملة جمع التبرعات، قال ممثل JGive إن المجموعة قد تم إخلاؤها من المنصة بحلول وقت متأخر من مساء الخميس.
وقال المتحدث باسم JGive في بيان أرسل عبر البريد الإلكتروني إن ” JGive عبارة عن منصة تستخدمها المنظمات غير الحكومية المعترف بها والتي تتوافق مع لوائحنا وقوانين دولة إسرائيل”.
وأضاف “لقد تابعنا عن كثب الأحداث الأخيرة المتعلقة بالمنظمة المذكورة وقررنا إزالة الحملة من منصتنا في انتظار إجراء تحقيق رسمي في الحادث”.