في وقت يسود فيه الهدوء النسبي قطاع غزة لليوم الثاني على التوالي، قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، الاثنين، حل مجلس الحرب، حسبما ذكرت تقارير إعلامية محلية، ووكالتا رويترز وفرانس برس.
ويأتي قرار حل مجلس الحرب، المؤلف من 6 أعضاء، بعد أسبوع من استقالة وزير الدفاع السابق، بيني غانتس، وزميله المنتمي لتيار الوسط، غادي أيزينكوت.
ويرى محللون في هذه الخطوة محاولة لقطع الطريق أمام وزيري اليمين المتشدد، إيتمار بن غفير، وبتسلئيل سموتريش، اللذين أرادا المشاركة في حكومة الحرب منذ بداية النزاع.
وطلب بن غفير وسموتريش ضمهما إلى مجلس الحرب، وهي خطوة كان من شأنها مفاقمة التوتر مع شركاء دوليين، من بينهم الولايات المتحدة.
“الانفراد برسم قرار السلم والحرب”
ويقول المحلل السياسي الإسرائيلي، شلومر غانور، إن السبب الرئيسي وراء حل مجلس الحرب في هذا التوقيت يأتي “لمنع المتشددين سموتريتش وبن غفير من الانضمام إلى الإطار (مجلس الحرب) والهيمنة على الموقف السياسي الإسرائيلي، وهو ما يرفضه نتانياهو”.
وفي حديث لموقع “الحرة”، يشير غانور إلى أنه “مع انسحاب غانتس وأيزينكوت رأى نتانياهو أن من المناسب إلغاء مجلس الحرب”.
ويضيف أن رئيس الوزراء “يريد الانفراد برسم قرار السلم والحرب، دون تأثير جهات ائتلافية أخرى”، في إشارة لوزيري اليمين المتشدد، اللذين لطالما لوحا بالاستقالة وإسقاط الحكومة.
الخبير في الشؤون الإسرائيلية، عصمت منصور، يبرز عوامل عدة دفعت نتانياهو لقطع الطريق أمام وزيري اليمين المتشدد لدخول مجلس الحرب.
ويقول منصور لموقع “الحرة” إن وزيري اليمين المتشدد بن غفير وسموتريتش “لا يملكان خبرة سياسية أو أمنية للدخول في إطار ضيق لاتخاذ قرارات سياسية وعسكرية مهمة”.
إسرائيل.. انقسام علني في مجلس الحرب بسبب “اليوم التالي”
تفجّر انقسام جديد بين أعضاء مجلس الحرب الإسرائيلي،بعد أن وجه وزير الدفاع يوآف غالانت تحديا صريحا لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، لوضع خطط لـ “اليوم التالي” للحرب في غزة، متعهدا بمعارضة أي حكم عسكري إسرائيلي طويل الأمد للقطاع الفلسطيني المدمر
كذلك، يرغب نتانياهو في توجيه رسالة للولايات المتحدة بأنه “يدير الأمور بنفسه دون تأثير من اليمين المتطرف”، حسبما يقول منصور، الذي يشير إلى أن رئيس الوزراء لا يريد أن يغرق مجلس الحرب في مزايدات يمينية.
ويضيف أن “دخولهما (بن غفير وسموتريتش) يعني أن الكابنيت (مجلس الحرب) لن يكون فيه أسرار، على اعتبار أنهما معروفين بتسريب الأخبار”.
وشكل نتانياهو مجلس الحرب بعد انضمام غانتس وأعضاء آخرين إلى حكومة طوارئ في أعقاب هجوم حماس في أكتوبر الماضي، الذي أشعل شرارة الحرب.
وبجانب نتانياهو والمستقلين غانتس وأيزينكوت (الذي كان يحمل صفة مراقب)، ضم المجلس أيضا وزير الدفاع، يوآف غالانت، ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، ورئيس حزب “شاس” الديني أرييه درعي، بصفة مراقب أيضا.
ويوضح غانور أن “هذا المجلس ليس له صفة قانونية وتشكل لأسباب ائتلافية محضة مع انضمام غانتس لحكومة الطوارئ فور اندلاع حرب غزة”.
ومع ذلك، لا يعني حل المجلس أن نتانياهو لا يملك طاقما أو إطارا تشاوريا آخر يحل محل مجلس الحرب لرسم التحرك السياسي والعسكري الإسرائيلي، حسبما يقول غانور.
ويتوقع المحلل الإسرائيلي أن تكون المشاورات المتعلقة بالحرب مقتصرة على نتانياهو وديرمر، بالإضافة إلى غالانت ومستشار الأمن القومي، تساحي هنغبي.
ويذهب منصور في الاتجاه ذاته بقوله إن “هناك دائرة ضيقة ستبقى في الجانب الاستشاري” بالنسبة لرئيس الوزراء، يمكن أن تشمل أيضا درعي، وهو سياسي محنك على حد تعبيره.
صفقة الرهائن أم بقاء الحكومة؟.. سؤال حاسم أمام “شخصيتي نتانياهو”
يعتبر بعض منتقدي رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتانياهو، أن هناك نسختان منه، الأولى تتصرف بشكل عملي في حكومة الحرب المصغرة التي شكلها مع بعض منافسيه الوسطيين، والنسخة الثانية “رهينة” لدى أعضاء الحكومة من اليمين المتطرف في الائتلاف الحاكم، وبات أمامه الآن الاختيار بين إحدى النسختين.
وقال مسؤول إسرائيلي، طلب عدم الكشف عن هويته في تصريحات لوكالة فرانس برس، إن الحكومة الأمنية ستتخذ “القرارات المتعلقة بالحرب”.
والحكومة الأمنية المصغرة التي تضم وزير الدفاع غالانت، ووزير الشؤون الاستراتيجية ديرمر، ومستشار الأمن القومي هنغبي، هي الهيئة الرئيسية المسؤولة عن اتخاذ القرارات المتعلقة بالحرب مع حماس.
“لا نهاية تلوح في الأفق”
واندلعت الحرب عقب هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر، أسفر عن مقتل 1194 شخصا، غالبيتهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال، وفقا لتعداد أجرته وكالة فرانس برس بالاستناد إلى بيانات رسمية إسرائيلية.
وخُطف خلال الهجوم 251 شخصا ما زال 116 محتجزين رهائن في غزة، توفي 41 منهم، بحسب الجيش الإسرائيلي.
وردا على ذلك، شن الجيش الإسرائيلي هجوما واسع النطاق في غزة خلف 37347 قتيلا، معظمهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال، وفقا لبيانات وزارة الصحة في حكومة غزة التي تقودها حماس.
وعن مسار الحرب بعد حل المجلس، يرى منصور أن “مسار الحرب لن يتغير” بعد هذه الخطوة، لكنه يتوقع أن “الأمور لن تسوء أكثر” على حد قوله.
وفي هذا الإطار، يعتقد غانور أن “هذا أمر مفتوح لا يعلمه سوى نتانياهو الذي يتملص من اتخاذ أي قرار بشأن الحرب ونهايتها، أو حتى تحديد الخطط لليوم التالي للحرب”.
ويقول إن هذا التوجه ربما تكتيك من نتانياهو، لكنه يعتبر “نقطة ضعف من حيث وضع خطة استراتيجية ثاقبة للخروج من الحرب”، ولذلك وبحلول الشهر التاسع للقتال “لا أرى إمكانية لنهاية تلوح في الأفق”.