رفضت المستشفيات في قطاع غزة الخضوع لتهديدات جيش الاحتلال الإسرائيلي المتكررة بالإخلاء، في حين يستمر القصف الإسرائيلي باستهداف المرافق الصحية وسيارات الإسعاف والطواقم الطبية.
وقال مراسل الجزيرة إن الجيش الإسرائيلي وجه اليوم إنذارا بالإخلاء للمستشفى الكويتي وسط مدينة رفح، وإن إدارة المستشفى رفضت الإذعان له.
وأشار مدير المستشفى الكويتي -في مقابلة مع الجزيرة- إلى أن “كل الموجودين في المستشفى مدنيون عزل، لن نخرج من المستشفى إلا إلى الجنة”، وأضاف “العالم كله خذلنا ولن نترك أهلنا وحدهم. الاحتلال الإسرائيلي لا يريد إلا الإبادة الجماعية لأهل غزة”.
وذكر مراسل الجزيرة في وقت سابق أن أحد أقسام المستشفى الأهلي في غزة أصيب بأضرار جسيمة إثر قصف إسرائيلي، وذلك بعد تلقيه هو أيضا تحذيرات إسرائيلية بضرورة الإخلاء الفوري.
وبشأن المستشفى الأردني الميداني في غزة، الذي تلقى أيضا إنذارا بالإخلاء أمس السبت، قال مصدر أردني مسؤول إن “توجيهات ملكية” صدرت ببقائه في القطاع لعلاج الجرحى والمرضى، وقال رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة إن المستشفى باق، وسيواصل تقديم خدماته.
كما أعلنت إدارة مستشفى العودة الحكومي في شمال غزة تلقيها بلاغات رسمية من جيش الاحتلال بضرورة إخلاء كامل للمستشفى، منهم المصابون والمرضى.
وقال مصدر مسؤول في مستشفى “القدس” في مدينة غزة، التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطينية، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنذرهم بإخلاء المستشفى فورا.
وضع كارثي
وأدانت منظمة الصحة العالمية بشدة -في بيان- أوامر إسرائيل بإخلاء المستشفيات، قائلة إن الإجلاء القسري للمرضى والعاملين في القطاع الصحي سوف يفاقم الكارثة الإنسانية والصحية الحالية.
وقالت في بيانها إن حياة كثير من المرضى من أصحاب الحالات الحرجة تواجه وضعا حرجا، مشيرة إلى أن المرضى في وحدات الرعاية المركزة، والذين يعتمدون على أجهزة التنفس الصناعي والنساء اللاتي يعانين من مضاعفات الحمل وآخرين، يواجهون تدهورا وشيكا لحالتهم الصحية أو الوفاة إذا تم إجبارهم على التحرك وحرمانهم من الرعاية الطبية المنقذة للحياة أثناء إجلائهم.
من جهتها، حذرت وزارة الصحة في غزة اليوم الأحد، من انهيار قدرات المستشفيات أمام المجازر الإسرائيلية المستمرة.
ويعاني القطاع الصحي في غزة حاليا نقصا في جميع المعدات واللوازم الطبية، ولا يجد فائضا إلا في جثث الضحايا، حتى إن ثلاجات حفظ الموتى لم تعد قادرة على استيعاب الشهداء.
كما أن أسرّة المستشفيات أيضا لم تعد كافية لاستقبال مئات المصابين الذين يصلون على مدار الساعة مع تواصل القصف، مما يزيد معاناة العاملين في القطاع الصحي.
وقال محمد غنيم، وهو طبيب في مستشفى الشفاء، إن الأدوات اللازمة للتعامل مع هذا الكم من الإصابات ليست موجودة في مخازن وزارة الصحة، فضلا عن التهديد بنفاد الوقود وانقطاع الكهرباء بشكل كامل.
وحذر غنيم، في حديث للجزيرة، من عدم إمكانية إجراء أي عملية جراحية دون وجود تيار كهربائي، في حين تتوعد حكومة الاحتلال بمزيد من الإجراءات العقابية.
كما دعت وزارة الصحة المواطنين إلى التبرع الفوري بالدم في كافة مستشفيات القطاع، في ظل تواصل الغارات الإسرائيلية الشديدة.
من جهتها قالت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة، إن 28 كادرا يعملون في القطاع الصحي استشهدوا، وأصيب عشرات آخرون، خلال العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.
وأضافت الكيلة، في بيان صحفي أمس السبت، أن 15 مركزا طبيا تضرر جراء القصف الإسرائيلي، كما تم إلحاق الضرر بـ23 مركبة إسعاف، تعطلت عن العمل تماما.
مستشفيات خارج الخدمة
وحسب وزارة الصحة، أدت هجمات جيش الاحتلال إلى إخلاء مستشفى الدرة للأطفال شرق غزة، وتم نقل المرضى والطواقم إلى مستشفى النصر للأطفال، وذلك بعد استهدافه بقنابل الفوسفور، مما جعله يخرج عن الخدمة، إضافة إلى مستشفى بيت حانون بسبب الاستهداف الإسرائيلي.
وقد قصف الاحتلال المستشفى الإندونيسي شمالي القطاع، مما أوقع خسائر مادية وبشرية، كما أدت الغارات لتوقف مستشفى بيت حانون عن العمل، وبالمثل خرج مستشفى العيون الدولي عن الخدمة بعد قصفه بشكل مباشر.
مناشدات دولية
وجددت وزارة الصحة الفلسطينية مناشداتها للمجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية والإنسانية والدولية، بتوفير حماية عاجلة للمستشفيات ومراكز العلاج وسيارات الإسعاف والكوادر الصحية والمرضى والجرحى الذين يتعرضون يوميا للقصف الإسرائيلي.
وبدورها، قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في وقت سابق إن مطالبة جيش الاحتلال المستشفيات بالإخلاء جريمة جديدة، وتعكس النوايا الإجرامية المبيتة ضد قطاع غزة بمنع الخدمات الصحية الأساسية والطارئة، ودعت الحركة، الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية ذات العلاقة إلى التدخل العاجل لوقف إسرائيل عن مخططاتها الإجرامية باستهداف المستشفيات والأطقم الطبية وبقية المؤسسات العاملة في الحقل الإنساني.
وطالب الهلال الأحمر الفلسطيني المجتمع الدولي بالتدخل لوقف القرار الإسرائيلي بإخلاء مستشفى القدس في غزة، كما طالب مستشار الأونروا في غزة، إسرائيل بوقف الإخلاء القسري ووقف إنذاراتها للمستشفيات.
ومع دخول الحرب يومها التاسع، أسفر القصف الإسرائيلي على غزة عن استشهاد 2329 فلسطينيا، وإصابة 9024 آخرين.