وطبقا لاستراتيجية الاستنزاف، تطبق حركة حماس، الأسلوب الروسي داخل قطاع غزة.
في السياق، تحدث متخصصان لموقع “سكاي نيوز عربية”، أحدهما روسي، عن قوة عامل الاستنزاف في حربي أوكرانيا وغزة، وقدرة عامل الإنهاك العسكري على تسريع معدلات نفاد الأسلحة والعتاد الغربي.
سياسة الإنهاك والنفس الطويل
يرى أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أن حركة حماس عملت قبل عملية “طوفان الأقصى” على حشد طاقاتها في إنتاج أسلحة مضادة للدروع وللدبابات والآليات وناقلت الجنود، “لأنه من المعروف أن الجندي الإسرائيلي لا يقاتل إلا من خلف تحصينات أو من وراء سواتر”.
ويقول الرقب، في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن حماس عملت على إنتاج أعمال درامية و”أناشيد” تؤكد أنها مقبلة على عملية كبيرة ضد الجيش الإسرائيلي، كان منها مسلسل تحدث بشكل واضح عن هجوم كبير يستهدف مستوطنات غلاف غزة.
وأضاف الرقب، أن هناك عددا من العوامل تؤكد استطاعة ورجاحة استراتيجية حماس في استنزاف القدرات العسكرية لإسرائيل والدعم الغربي، لا سيما الأميركي:
- حماس وجناحها العسكري والفصائل الفلسطينية الأخرى في غزة عملوا على إنشاء شبكة أنفاق كبيرة في غزة لعلمهم بالفرق الشاسع في الإمكانات العسكرية بين الجانبين.
- لجأت أميركا لإمداد إسرائيل بقذائف مدفعية شديدة الانفجار لتساعدها في تعقب عناصر حماس في الأنفاق.
- تبني الفصائل الفلسطينية استراتيجية “الضربات الخاطفة” ضمن حرب الإنهاك وهي أشد أنواع المعارك على الجيوش النظامية ضراوةً وتتسبب في تفتيت الذخائر وتشتيت الجهد العسكري.
- عدم استطاعة جيش إسرائيل الدخول في معارك تستمر لشهور وقد تستمر لسنوات، خصوصا أن الأنفاق ممتدة لمئات الكيلومترات، ويصل عمقها إلى 80 مترًا، ووصفتها أسيرة أُفرج القسام عنها بأنها “شبكة عنكبوت”.
- مخازن الفصائل الفلسطينية من السلاح والغذاء ومواد الإعاشة تحت الأرض وفي الأنفاق تكفيهم لشهور وحتى سنوات.
- الرشقات الصاروخية المستمرة على مدن إسرائيل والصواريخ والمسيرات القادمة من جنوب البحر الأحمر استنزفت بشكل كبير القبة الحديدية و”مقلاع داود” وأنظمة الدفاع الجوي، وحتى اللحظة حماس ما تزال قادرة على إطلاق الصواريخ، وبالتالي فبنيتها لا تزال متماسكة.
ويؤكد معهد دراسات الحرب “ISW” أن حركة حماس أعدت “تكتيكات جديدة وأكثر تطورًا” لمواجهة الجيش الإسرائيلي منذ انتهاء الهدنة في الأول من ديسمبر الجاري، وهو ما ساهم بقوة في الاستنزاف العسكري.
الدعم الغربي.. والاستفادة الروسية
يرى هوفمان مارتشينكو، الخبير بالمركز الوطني الروسي للدراسات العسكرية، أن روسيا تعد من أكبر المستفيدين من تحول الاهتمام الغربي والدعم العسكري بشكل كبير من أوكرانيا إلى غزة، فهي تم استنزافها بشكل كبير حتى اضطرت لطلب أسلحة وذخيرة وطائرات مسيرة من إيران وغيرها من الدول القريبة من محورها، لكن مع اندلاع حرب غزة تغيرت الموازين واستفادت روسيا ميدانيًا من تحول أكثر الدعم العسكري الأميركي والغربي، الذي كان لأوكرانيا إلى الجيش الإسرائيلي.
ويُضيف هوفمان مارتشينكو في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية”: “منذ اندلاع المعركة في غزة لم يحقق الجيش الأوكراني أي تقدم ملموس في الجبهات، بل يعمل الجيش الروسي على استنزافه، وهو ما أغضب وزير الدفاع الأميركي حتى أن عناصر في الجيش الأوكراني باتوا يشكون من نوعية وكمية الذخيرة التي يتلقاها جيشه.
صحيفة “التايمز” البريطانية نقلت عن رقيب في الجيش الأوكراني قوله: “كانت لدينا ذخيرة أكثر بعشر مرات في الصيف، وذات نوعية أفضل.. أما الآن فهم يجلبون لنا قذائف من جميع أنحاء العالم، ذات نوعيات مختلفة، ونحن نتلقى 15 قطعة فقط لمدة ثلاثة أيام”.
واستعرض مارتشينكو نقاط توضح نجاح استراتيجية روسيا في استنزاف الدعم الغربي في أوكرانيا:
- خسارة أوكرانيا للهجوم المضاد الذي تكلف الإعداد له عشرات المليارات من الدولارات أصاب الغربيين بالصدمة في وقت تشتد أزمات التضخم في أميركا والطاقة في أوروبا.
- تراجع وعود أميركا وعدم قدرة جو بايدن على مواصلة الدعم لا سيما مع رفض الجمهوريين واقتناعهم بأن حرب أوكرانيا باتت لا طائل منها.
- افتقار الجانب الأوكراني لسلاح الجو القوي المناظر للقوات الجوية الروسية المتفوقة، جعل القوات البرية والمدرعة الأوكرانية فريسة سهلة للطيران وصواريخ موسكو.
- فرض روسيا حالة من شبه الجمود الميداني على خطوط المواجهة بعد ضم نحو 20 بالمئة من أراضي أوكرانيا لسيادة موسكو جعل نزيف القوة الغربية في أوكرانيا “أسرع وتيرة”.