محللون: واشنطن تحاول تفكيك المقاومة بطرق غير عسكرية وتراهن على التنازلات العربية

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

قال محللون سياسيون إن الولايات المتحدة باتت عالقة في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وإنها تحاول إرغام الدول العربية على المشاركة في إصلاح ما دمره الاحتلال بذريعة الحفاظ على أمن المنطقة.

ورغم الدعم الأميركي الثابت لإسرائيل وتوافقها معها على ضرورة إنهاء المقاومة عسكريا، فإن ثمة خلافات بين الطرفين على طريقة التنفيذ، كما يقول الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي.

وخلال مشاركته في برنامج “غزة.. ماذا بعد؟”، قال مكي إن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، حاول خلال جولته الأخيرة بالمنطقة إيجاد مقاربة شرق أوسطية تنهي حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، عسكريا وتبقي عليها كفاعل سياسي.

إنهاء المقاومة بطرق أخرى

وقال مكي إن الولايات المتحدة تعمل حاليا على تحقيق ما عجزت إسرائيل عن تحقيقه عسكريا، بذريعة إنقاذ سكان غزة والحفاظ على أمن المنطقة، مشيرا إلى أن تل أبيب راضية عن هذا التحرك لكنها تواصل الابتزاز السياسي من خلال تصعيد العدوان.

واتفق المحلل السياسي وديع عواودة مع الرأي السابق، بقوله إن واشنطن متطابقة مع إسرائيل من حيث أهداف الحرب، لكنها فعلا مختلفة معها بشأن طريقة تحقيقها.

وقال عواودة إن زيارة بلينكن “البائسة” للمنطقة حملت جملة من الأهداف من بينها دفع إسرائيل إلى مرحلة جديدة من الحرب أقل عنفا وتسمح بعودة السكان إلى شمال القطاع وإدخال مزيد من المساعدات.

في المقابل، تقول المسؤولة السابقة في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ياسمين الجمل إن الشيء الوحيد الجديد الذي خرج به بلينكن خلال جولته الأخيرة هو الاتفاق على إدخال لجنة أممية إلى شمال القطاع لتقييم إمكانية عودة السكان إليه.

لكن الجمل نوهت إلى أن آلية تنفيذ هذا الاتفاق ما تزال غير معروفة، و”بالتالي لا يمكن القول إن هناك تغيرا حقيقيا في الموقف الأميركي”، مشيرة إلى أن واشنطن “تحاول إفهام إسرائيل -في الغرف المغلقة- حقيقة أن توسيع نطاق الحرب ومواصلة عمليات التدمير لا يخدمان المصالح الأميركية، وهي محاولات لم تبد تل أبيب أي انصياع لها حتى الآن”.

ضغط متبادل

وعن عمليات الضغط التي تمارسها الإدارة الأميركية على حكومة بنيامين نتنياهو، قال مكي إنه لا يوجد ضغط بالمعنى الحقيقي، مضيفا أن “الحرب ليست قرارا إسرائيليا صرفا وإنما هي قرار أميركي غربي”، مؤكدا أن الجميع ما يزال يريد المضي في القتال.

وعلى عكس ما يعتقد البعض، فإن مكي يرى أن نتنياهو هو من يضغط على إدارة بايدن بعدما أحكم قبضته عليها، لافتا إلى أن واشنطن حاليا “لا يمكنها الخروج من قبضة إسرائيل، وإن فعلت، فقد لا يتمكن بايدن من مواصلة حملته الانتخابية”.

غير أن الجمل رأت أن واشنطن لم تستخدم أوراق ضغطها القوية لإرغام إسرائيل على وقف طريقتها في الحرب، رغم أنها ليست راضية عن هذه الطريقة.

ومضت تؤكد أن بايدن في موقف حرج لأنه قلق من دعم إسرائيل في الانتخابات المقبلة، وفي نفس الوقت لم يكن يتوقع هذا التراجع الكبير في شعبيته بين المسلمين الأميركيين الذين أعلنوا صراحة أنهم لن يصوتوا له، “رغم أنهم لا يرون ربع ما يحدث على الأرض بسبب تجاهل أميركا ساسة وإعلاما له”.

ومن هذا المنطلق، فإن فريق بايدن “يحاول الضغط على إسرائيل دون خسارة دعم حلفائها الأميركيين في الانتخابات”، كما تقول الجمل.

البحث عن تنازلات عربية

وفيما يتعلق بما يريده بلينكن من الدول العربية، قال مكي إن الوزير الأميركي يتعامل بمنطق أن كل خطوة عادية تتطلب جولة وتنازلات عربية وفلسطينية حتى يقنع إسرائيل باتخاذها.

لكن الأخطر -حسب مكي- هو أن بلينكن يمارس ضغطا على دول المنطقة وخصوصا التي يعتقد أن لها نفوذا عند المقاومة مثل مصر وقطر وتركيا لإجبار حماس على تقديم تنازلات.

وأضاف مكي “أميركا متحمسة كلاميا أكثر من العرب لإدخال الغذاء إلى القطاع، وأخشى أن تمارس بعض الدول العربية ضغوطا حقيقية على حماس للقبول بوقف الحرب وربما لنزع سلاحها”.

وخلص إلى أن المرحلة المقبلة “ستكون مرحلة عض أصابع صعبة في ظل انهيار الدول العربية المركزية والوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه مصر”.

في المقابل، ترى الجمل أن الدول العربية ترفض تحمل نفقات إصلاح ما دمرته إسرائيل، بدليل أن الإمارات رفضت دفع رواتب العمال الفلسطينيين في غزة، مضيفة “ما يحاول بلينكن القيام به هو إقناع دول المنطقة بأنه ليس من مصلحة أحد أن يتسع الصراع وإقناعهم بالمشاركة في بناء غزة ووقف الحرب، ويبقى أن نرى النتائج”.

وخلصت الجمل إلى أن الأزمة الحالية هي أن هناك رغبة شعبية إسرائيلية في مواصلة الحرب بعد صدمة السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

أما عواودة، فيرى أن بايدن ضعيف أمام نتنياهو الذي يمارس “وقاحة” في التعامل، معربا عن اعتقاده بأن المخرج الوحيد أمام واشنطن حاليا هو “أن يقوم بيني غانتس بتشكيل حكومة حرب جديدة أقل تطرفا؛ لأن هناك توافقا على مواصلة الحرب لكن بطرق مختلفة”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *