تشكل مجموعة “يقودنا حمير” مصدر إزعاج مستمر لحزب المحافظين الحاكم في بريطانيا منذ إنشائها بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وقد نجحت في جذب جمهور كبير على الإنترنت من خلال لجوئها إلى الفكاهة إلى حد كبير لمساءلة السياسيين.
أسس المجموعة أربعة أصدقاء في العام 2018، وتحظى حملاتها وعروضها ومقاطع الفيديو الساخرة التي تستهدف السياسيين وتسلط الضوء على قضايا تهم الناس، بملايين المشاهدات عبر الإنترنت، وأحيانًا كثيرة بتغطية في وسائل إعلام رئيسية.
وما زالت المجموعة معروفة بمنشوراتها الأولى الساخرة، مثل تسليط الضوء على تغريدات رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون المتفائلة حول مباهج الحياة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لمقارنتها بالواقع.
لكن مقارباتها الأحدث كانت أكثر جدية بعدما لجأت إلى فضح ممارسات السياسيين بلجوئها إلى الخداع وتصوير مقاطع فيديو في الخفاء.
وبعد خمس سنوات ومئات المبادرات، قالت المجموعة إنه ما زال في جعبتها “الكثير من الأفكار” قبل الانتخابات العامة المتوقعة العام المقبل.
وقال أوليفر نولز، أحد مؤسسي المجموعة الأربعة، لوكالة فرانس برس “إنها أكثر من مجرد حملة مناهضة للمحافظين… هناك مهمة أكبر من أجل مساءلة” مختلف مكونات الطيف السياسي مع الترويج “للأفكار التقدمية”.
وقال جيمس سادري، المؤسس المشارك البالغ من العمر 44 عاماً “بالنسبة لي، المهمة الأوسع هي: التصدي للخطاب الشعبوي”.
سبب التسمية
استقت مجموعة “يقودنا حمير” اسمها من عبارة سرت خلال الحرب العالمية الأولى لوصف القادة غير الأكفاء الذين قادوا الجنود البريطانيين إلى حتفهم.
شكل الأصدقاء الأربعة المجموعة أثناء عملهم جميعًا ضمن جمعية “غرينبيس” الناشطة في مجال البيئة والمناخ، نتيجة شعورهم بالإحباط من السياسة البريطانية غير المجدية في أعقاب الاستفتاء الذي أيد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2016.
يتذكر بن ستيوارت عضو المجموعة البالغ من العمر 49 عاماً، “كنا معًا ورحنا نقرأ بعض التغريدات التي نشرها مؤيدو بريكست. انفجرنا بالضحك إزاء الفوضى التي كان عليها الوضع”.
كان ستيوارت يشير إلى المنشور الشهير الذي نشره رئيس الوزراء آنذاك ديفيد كامرون عام 2015 أثناء حملته لإعادة انتخابه ضد زعيم حزب العمال إد ميليباند. كتب في تغريدته “بريطانيا تواجه خيارا بسيطا ولا مفر منه: الاستقرار وحكومة قوية معي، أو الفوضى مع إد ميليباند”.
وبعد أكثر من عام بقليل، خسر كامرون الاستفتاء الذي قرر تنظيمه بشأن عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، لتدخل البلاد فترة من الأزمات السياسية التي استمرت سنوات عدة.
قال ستيوارت “كانت هناك لوحة إعلانية أبعادها ستة أمتار في ثلاثة أمتار خارج النافذة. وقلنا: هذا هو شكل تغريدة، لماذا لا نطبعها وننشرها هناك؟”.
بعدها قاموا بلصق تغريدات على لوحات إعلانية أخرى صوروها ونشروا صورها على الإنترنت. وسرعان ما استقطبت الحملة عددًا كبيرًا من المتابعين.
ثم أطلقوا بعد ذلك عملية تمويل جماعي فاقت التوقعات وسمحت لهم باستئجار مزيد من اللوحات الإعلانية.
قال نولز “كان في الأمر علاجا بالنسبة لنا بعدما أمضينا وقتًا طويلاً ونحن نشكو”.
سلبهم قوََّتهم
استهدفت آخر منشورات المجموعة في سبتمبر الاتفاق المثير للجدل الذي أبرمته الحكومة البريطانية مع رواندا لإبعاد المهاجرين الذين يصلون إلى المملكة المتحدة “بشكل غير قانوني” بدون تصريح مسبق.
وتصر وزيرة الداخلية سويلا برافرمان على أن رواندا “دولة آمنة” لطالبي اللجوء، لكن تعثر المضي في هذه السياسة قدمًا بسبب الطعون القضائية.
باستخدام كاميرا خفية، قامت منظمة “يقودنا حمير” بتصوير سفير رواندا في لندن وهو يدلي بتصريح يقلل من أهمية عمليات قتل لاجئين نُسبت إلى الشرطة في بلاده. قال السفير الرواندي أمام الكاميرا “نعم، ربما حدث ذلك، ولكن ماذا في ذلك؟”.
وقال السفير كذلك إن برافرمان “مخطئة تمامًا” فيما يتعلق بالهجرة. وحظي الفيديو بما يقرب من ستة ملايين مشاهدة على منصة إكس (تويتر سابقًا).
وفي شهر مارس لجأوا إلى خداع أعضاء في البرلمان بينهم وزير المال السابق كواسي كوارتينغ الذين قبلوا عروض عمل ثانية مجزية من شركات وهمية. وحظي ذلك بما يقرب من 30 مليون مشاهدة على “إكس”.
تناولت مجموعة “يقودنا حمير” أيضًا الكثير من الموضوعات الجادة الأخرى، بما في ذلك الاستجابة لجائحة كوفيد”. وقال سادري إن تدخلاتها لا تقتصر على “التعليقات الثقيلة والسياسية والغاضبة”.
وما زال الأصدقاء يضحكون عندما يتذكرون منشوراتهم. وأضاف سادري “إذا ضحكت على الحمير، فإنك تسلبها قوَّتها”.
ويقول نولز إن رسالتهم إلى المحافظين الحاكمين واضحة “عليكم أن تتحملوا المسؤولية عن الفوضى التي أحدثتموها”.
اتُهم الأصدقاء بالانخراط في نشاط مناهض لحزب المحافظين، لكنهم يقولون إنهم استهدفوا كذلك المعارضة العمالية التي يبدو أنها مؤهلة للفوز في الانتخابات المقبلة بعد تقدمها في استطلاعات الرأي.
علقت “يقودنا حمير” ملصقًا على مقر حزب العمال في لندن لتذكير زعيمه كير ستارمر بوعوده بإصلاح النظام الانتخابي.