وأعلنت الجيش المالي بالمقابل، أنه بصدد “استعادة السيطرة على أراضيه”، وأنه في “حرب ضد الجماعات الإرهابية في الشمال”. الخطاب الذي أغضب خصومه الأزواد بعد ربطهم دون تفريق مع جماعتي القاعدة وداعش، رغم الاعتراف الذي تحظى به قضيتهم في الأوساط الدولية.
وعلى مدار هذا الأسبوع، تصاعدت الاشتباكات بين مقاتلي تنسيقية الحركات الأزوادية “سيما” من جانب، والحكومة ومجموعة “فاغنر” الروسية المسلحة الخاصة من جانب، تخللها، الثلاثاء الماضي، إعلان “سيما” سيطرتها على مدينة “بوريم” في منطقة غاو، بعد اتهامها للجيش بقصف مواقعها، وبالتقدم نحو مواقع تسيطر عليها.
وتهدد هذه المواجهات بعودة الصراع المسلح بين الجانبين الذي اندلع عام 2012، نتيجة مساعي حركات أزوادية للانفصال بإقليم أزواد، وانتهت بتوقيع اتفاق الجزائر للسلام عام 2015.
التعبئة ضد الحكومة
- الثلاثاء، أعلن “الإطار الاستراتيجي الدائم للحركات الأزوادية”، المنضوية تحت جناح حركات أزوادية وقعت على اتفاق السلام، التعبئة العامة، داعيا مقاتليه للالتحاق بجبهات القتال.
- في معقلها بمدينة كيدال أطلقت حركة “سيما” حسابا لخلية “الإعلام والاتصالات للشؤون العسكرية”، كما دشنت وكالة أنباء.
أمام هذه التطورات نستعرض الخطوط العريضة لقدرات الجيش المالي والحركات الأزوادية من الناحية البشرية والتسليح.
قدرات جيش مالي
- يحتل الجيش المالي المرتبة 110 عالميا وفق ترتيب موقع “غلوبال فاير باور” لقدرات الجيوش لعام 2023، والمرتبة الـ21 إفريقيا، بحجم إنفاق دفاعي بلغ 591 مليون دولار، فيما تناهز عدد جنوده 20 ألفا.
- يضم العتاد العسكري المعلن لمالي 39 طائرة حربية و50 دبابة، و1294 مركبة عسكرية، و15 مدفعا مقطورا، و45 راجمة صواريخ، ومنذ أغسطس 2022 تسلم 5 طائرات ومروحية من روسيا، وطائرات بدون طيار من تركيا، ومعدات عسكرية من الصين.
قوة “فاغنر”
- تواجدت “فاغنر” في مالي بحجة دعمها ضد الإرهاب، ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن وثائق استخبارات أميركية مسربة، أن هناك 1645 فردًا من “فاغنر” بعتادها العسكري المتنوع، وتحتل “فاغنر” تدريجيا ما كان قواعد للقوات الفرنسية والأمم المتحدة في مدن تمبكتو وغوسي وميناكا وغاو، و13 موقعا آخر، بحسب مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح (ACLED).
عناصر “الموك”
- قوة عسكرية، عبارة عن فرقة للجيش المالي المعاد تشكيله وفقا لاتفاق الجزائر للسلام القاضي بدمج عناصر من جميع الحركات الأزوادية في الجيش، لا يزالون ضمن كتائب الجيش المالي.
طوارق “إمغاد”
- عام 2014 تأسست “حركة الدفاع الذاتي لطوارق إمغاد وحلفائهم (غاتيا)”، بقيادة الجنرال الهجي أغ غامو، وهي تؤيد سيادة الحكومة المالية على جميع أراضي البلاد، وتعارض “الانفصاليين والإرهابيين”.
- بحسب ما نقلته حينها وكالة فرانس برس ومواقع فرنسية أخرى، فإن إمغاد قبيلة تضم أكثر من نصف مليون شخص.
تنسيقية “سيما”
في مقابل ما سبق، تقف مجموعات ترى حقا لها في الحكم الذاتي لإقليم أزواد أو الاستقلال به:
- أبرزها تنسيقية الحركات الأزوادية “سيما”، التي يسيطر عليها الطوارق والعرب، ودخلت في معارك مع الدولة عام 2012، انتهت باتفاق الجزائر.
- قدر عدد مقاتلي الحركات الأزوادية بنحو 26 ألفا، وتتألف من الثوار التابعين للحركة الوطنية لتحرير أزواد (MNLA)، والمجلس الأعلى لوحدة أزواد (HCUA)، والحركة العربية لأزواد (MAA).
- وفقا لوزارة الدفاع المالية، فر 500 من الحرس الوطني على الأقل، جميعهم من الطوارق، عام 2012 للالتحاق بحركة الوطنية لتحرير أزواد.
- أبريل 2012 صرح أمين عام الحركة الوطنية لتحرير أزواد، بلال أغ الشريف، أن 3000 مقاتل على الأقل من الطوارق من ليبيا انضموا لحركات أزواد بعد سقوط الزعيم الليبي معمر القذافي.
- وفق مصادر، فإن تسليح “سيما” خفيف، مع صواريخ مضادة للطائرات، وأغلب السلاح قادم من ليبيا أو من السوق السوداء للسلاح.
- تمتلك الحركات الأزوادية، آلاف سيارات تويوتا “بيك آب” السريعة والمحملة بدفاعات ومضادات جوية، وكمية لا تحصى من الأسلحة الخفيفة والمتفجرات، وأيضا الأفضلية في حرب الصحراء، وسرعة الكر والفر.
نقاط قوة وضعف في الجيش
- تلقى الجيش المالي تدريبات مع القوات الأميركية، وكذلك من قوات تابعة لدول في الاتحاد الأوروبي، وفي بحث له عن التدريب الأميركي للقوات المالية نشرته مؤسسة “راند” الأميركية، خلص الرائد سيمون بويلسون، المشارك في التدريب، إلى أن التدريب لم يحقق المطلوب.
- من أسباب ذلك هو الطبيعة العرقية المتنوعة في صفوف الجيش، ولم يُبذل سوى جهد ضئيل لتعزيز الاندماج العرقي ووحدة الصف، وغلب التضامن العشائري والقبلي على التجانس.
احتمالات الصراع الجديد
- أمام هذا المشهد، تحذر الباحثة الأميركية المتخصصة في الشؤون الدولية، إيرينا تسوكرمان، من أن تنجرف مالي إلى “حرب أهلية شاملة”، وتتوقع الباحثة لو نشبت الحرب، أن تواجه مالي صراعا عرقيا:
- يمكن للطوارق في أنحاء غرب وشمال إفريقيا الانضمام للمعركة بجانب أبناء جنسهم في مالي، ما يهدد باتساع الصراع.
- من ناحيتها، قد تطلب الحكومة المساعدة العسكرية من دول مجاورة.
- الجيش سيكون مهددا أكثر من قبل الإرهابيين، خصوصا جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” التي تسعى لتكرار نموذج حركة طالبان في أفغانستان.
وحسب مراقبون، فإن المنطقة مهددة بحرب طويلة الأمد لن يكون الانتصار فيها سهلا لأي طرف، بقدر ما ستجلبه على المنطقة من ويلات، خاصة مع تواجد وتنامي جماعات إرهابية قوية مثل تنظيم القاعدة في الساحل وخصمه داعش.