لماذا تحولت الفضة إلى خيار المصريين الجديد للحفاظ على مدخراتهم؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 13 دقيقة للقراءة

بعد يوم واحد من تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، بمواصلة الحرب ضد حركة حماس المصنفة إرهابية لدى الولايات المتحدة ودول أخرى، حتى “النصر الكامل” في قطاع غزة، قصفت القوات الإسرائيلية مدينة رفح على الحدود المصرية، ما أثار المخاوف من هجوم بري وشيك.

ويكشف مسؤولون ومختصون تحدث معهم موقع “الحرة” مدى إمكانية توسيع إسرائيل لعمليتها العسكرية البرية لتشمل رفح، ويتحدثون عن تداعيات ذلك على العلاقات المصرية الإسرائيلية.

وخلال الفترة الماضية، ركزت إسرائيل عملياتها على خان يونس، المدينة الرئيسية في جنوب قطاع غزة، لكنها قالت الأسبوع الماضي إنها ستوسعها لتشمل رفح، حيث نزح نحو نصف سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.

والخميس، قصفت القوات الإسرائيلية مناطق في مدينة رفح الحدودية، بعد يوم من رفض نتانياهو، اقتراحا لإنهاء الحرب في القطاع.

والأربعاء، قال نتانياهو إن الشروط التي طرحتها حماس من أجل وقف لإطلاق النار سيشمل أيضا الإفراج عن المحتجزين لدى الحركة “مضللة”.

وتعهد بمواصلة القتال، وقال إن “النصر بات قريبا وعلى بعد أشهر فقط”.

وقال سكان لوكالة “رويترز”، إن طائرات إسرائيلية قصفت مناطق في رفح صباح الخميس، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 11 شخصا بسبب غارات على منزلين، كما قصفت دبابات بعض المناطق شرق رفح، فيما لم يعلن الجيش الإسرائيلي ذلك.

عملية برية مرتقبة؟

في تصريحات لموقع “الحرة”، يقول المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي: “لا نتحدث عن المرحلة المقبلة ولا عن المناطق الأخرى التي سوف نعمل فيها وطريقة العمل”.

وفي سياق متصل، تشير وحدة المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي، إلى أن القوات الإسرائيلية “مستمرة في تفكيك منظمة حماس الإرهابية”.

وحول الاستعدادات لعملية مرتقبة في رفح وكيفية تجنب الأضرار بين المدنيين، تقول وحدة المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي في تصريحات لموقع “الحرة”: “الحرب مستمرة، ونحن غير قادرين على الإجابة على أسئلة عملية محددة في هذا الوقت”.

وقامت حماس بـ”دمج نفسها في البنية التحتية المدنية وتعمل في جميع أنحاء قطاع غزة، والجيش الإسرائيلي عازم على إنهاء هذه الهجمات، وعلى هذا النحو سنضرب حماس حيثما كان ذلك ضروريا”، وفق الوحدة.

وتشير وحدة المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي إلى أن “حماس تواصل مهاجمة إسرائيل من مختلف أنحاء قطاع غزة”.

ويشير الخبير الأمني والاستراتيجي الإسرائيلي، آفي ميلاميد، إلى عدم وجود “معلومات دقيقة حول توسيع العملية العسكرية البرية الإسرائيلية تجاه رفح”.

لكن في حال وجود “عملية عسكرية واسعة النطاق تجاه رفح”، فسيكون هناك ترتيبات إسرائيلية مسبقة للحفاظ قدر الإمكان على حياة المواطنين المدنيين المقيمين بالمنطقة، وفق حديث ميلاميد لموقع “الحرة”.

وعن تبعات ذلك، يصف المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآب شتيرن، العملية العسكرية البرية الإسرائيلية المرتقبة في رفح بـ”الموضوع الحساس الذي يحتاج التصرف بحكمة”.

وفي حديثه لموقع “الحرة”، يعتقد المحلل السياسي الإسرائيلي أن “إسرائيل تنوي التقدم بريا نحو رفح، لكن سيتم ذلك بعلم السلطات المصرية”.

وهناك اتصالات بين السلطات الإسرائيلية ونظيرتها المصرية وزيارات متبادلة للنقاش حول الموضوع، في ظل موقف القاهرة الرسمي “المعارض لدخول الجيش الإسرائيلي لمسافة قريبة من الحدود المصرية حسب اتفاقية السلام بين البلدين”، وفق شتيرن.

ويتحدث عن “قيود على تحركات إسرائيل على المنطقة الحدودية”، ما يتطلب “التنسيق مع الجانب المصري في حال أي تحركات موسعة”.

ويشدد المحلل السياسي الإسرائيلي على أن “إسرائيل تحترم المصالح القومية المصرية، ولا تهدف لتأزم العلاقات مع مصر، لكنها لن تسمح بوجود مناطق أمنة لحماس فقط لكونها قريبة من الحدود المصرية”، ولذلك “يجب حل هذه المعضلة”.

كيف ترى مصر” العملية البرية المرتقبة”؟

مصر هي أول دولة عربية وقعت معاهدة سلام مع اسرائيل في العام 1979، بعد عام من توقيع معاهدة كامب ديفيد.

وتمكنت القاهرة بموجب معاهدة السلام من استرداد شبه جزيرة سيناء وخاضت مصر حربا لاستعادتها في 1973.

ويشير الخبير العسكري المصري، اللواء السيد الجابري، إلى توقيع مصر وإسرائيل 3 اتفاقات مشتركة وهي “معاهدة كامب ديفيد، معاهدة السلام، معاهدة المعابر”.

وقسمت معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، سيناء لثلاث مناطق هي “أ – ب- ج”، وتضمنت وجود منطقة “د” بعمق 4 كيلو مترا على الجانب الأخر، وفق حديث اللواء السابق بالجيش المصري لموقع “الحرة”.

ويؤكد الجابري أنه “لا يمكن تواجد أكثر من 4 آلاف جندي إسرائيلي بالمنطقة (د) وبتسليح مشاه ميكانيكي فقط، دون وجود مدرعات أو مدفعية أو طيران”.

ولذلك فأن أي دخول لقوات “مدرعة أو مدفعيات أو مجنزرات للمنطقة هو اختراق إسرائيلي واضح لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، ومعاهدة كامب ديفيد، واتفاقية المعابر”، وفق الخبير العسكري.

ويرى أن “وقتها يحق لمصر اتخاذ كافة الإجراءات لحماية الأمن القومي المصري”.

وفي سياق متصل، يؤكد الخبير الاستراتيجي المصري، سعد الزنط، أن “مصر ترفض المساس بحدودها أو إشعال الحرائق وإثارة الأزمات بالقرب منها خاصة إذا تعلق الأمر بواحد من أهم اتجاهاتها الاستراتيجية وأخطر ملفات الأمن القومي العربي”.

ويشير في حديثه لموقع “الحرة” إلى أن “إسرائيل في معضلة بين الثأر من حماس بعد هجوم 7 أكتوبر من جانب، وبين خرق الاتفاقية التي وقعتها للسلام مع مصر  عام 1979 من جانب آخر”.

ويرى أن تصريحات نتانياهو وإصراره على توسيع نطاق العملية العسكرية إلى رفح يعني “إزاحة أهل غزة إلى داخل الأراضي المصرية عنوة”.

ويتحدث عن “اتخاذ الجيش المصري تدابير مبكرة منذ 7 أكتوبر، لحماية الاتجاه الاستراتيجي الشرقي كاملا والاستعداد التام للتعامل مع أي خطر يحيق بالأمن القومي لمصر”.

أزمة دبلوماسية مرتقبة؟

تواصل موقع “الحرة” مع المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية، ليور حياة، لتوضيح سبل التعامل الدبلوماسي الإسرائيلي مع الجانب المصري بخصوص العملية الممكنة برفح، لكنه رفض التعليق.

ومن جانبه، يتحدث ميلاميد عن “نقطة توتر بين مصر وإسرائيل حول العملية العسكرية الممكنة في رفح”، ولكنه يعتقد أن هناك “وساطة أميركية بين الجانبين لتحقيق تفاهمات مسبقة حول الموضوع”.

ويؤكد الخبير الاستراتيجي الإسرائيلي، أن الانتشار العسكري لإسرائيل في رفح سيكون حسب الحاجة، لكن ذلك لا يعني “التواجد الدائم” والجانب المصري يفهم ذلك.

وإذا جرت العملية في رفح سيكون هناك “حوار بين إسرائيل ومصر بوساطة أميركية لتشكيل تفاهمات واضحة حول حجم التواجد الإسرائيلي والفترة التي سوف تنتشر خلالها القوات الإسرائيلية في رفح”، وفق ميلاميد.

ويتحدث عن “مسالك للحوار تضمن عدم الانزلاق لأزمة حادة أو قطع العلاقات بين الجانبين”.

ولا يعتقد الخبير الاستراتيجي الإسرائيلي أن العملية الممكنة في رفح ستكون “سبب في نزاع إسرائيلي مصري علني” حتى في ظل “اختلاف الآراء وتناقض المواقف بين الجانبين”.

وليس بالضروري أن تؤدي العملية لـ”قطع العلاقات بين إسرائيل ومصر أو أزمة حادة بين الجانبين”، وفق ميلاميد.

لكن شتيرن يعتقد أن مصر سوف تحتج وتدين وتقوم بخطوات “عملية تجاه إسرائيل”، لكن على المدى البعيد سوف تعود العلاقات لطبيعتها.

وستتمثل الخطوات العملية في خفض التمثيل الدبلوماسي بين الجانبين، وإصدار “إدانات” للتحركات الإسرائيلية، وتصعيد بخطاب السلطات المصرية تجاه نظيرتها الإسرائيلية، وفق تحليل شتيرن.

ويقول المحلل السياسي الإسرائيلي إن مصر تعرف أن “إسرائيل لا تريد الإضرار بالمصالح المصرية أو المس بالأمن القومي للبلاد”.

وهناك مصلحة مصرية لـ”احتواء الأزمة في غزة، والعودة للحياة الطبيعية نظرا للتأثرات السلبية لما يحدث في قطاع غزة على القاهرة”، حسبما يشير شتيرن.

ويؤكد أن ما تقوم به السلطات الإسرائيلية ليس موجهة ضد مصر ويقول “الهدف ليس مصر، وإسرائيل ليست معنية بأي أمر يمس المصالح المصرية”.

وعلى جانب آخر، تواصل موقع “الحرة” مع المتحدث باسم الخارجية المصرية، السفير أحمد أبوزيد، لتوضيح الخطوات الدبلوماسية المصرية في حال توسيع إسرائيل عمليتها تجاه رفح، لكنه قال إنه “منشغل”، ولم يعلق.

ومن جانبه، يشير مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير جمال بيومي، إلى أن العملية الإسرائيلية البرية المرتقبة في رفح، “سوف تؤثر سلبا على اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل”.

ويؤكد لموقع “الحرة”، أن “إسرائيل ومصر ملتزمتان بعدم وجود قوات عسكرية على الحدود بينهما، لكن قوات بوليسية فقط”.

ويتساءل مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق “هل ستغامر إسرائيل بمخالفة اتفاقية السلام؟”.

لكنه يعتقد أن هناك “اتصالات مصرية مع إسرائيل والفصائل الفلسطينية لمنع أي تصعيد محتمل”.

ومن جانبه، يرى الزنط أن العملية الإسرائيلية الممكنة في رفح تعني “الإطاحة بالأعراف والقوانين الدولية وتقويض اتفاقية السلام مع مصر”، ولذلك “ترفض السلطات المصرية تلك الخطوة تماما”.

ويقول:” إذا وسعت إسرائيل العملية العسكرية لتشمل رفح، فستكون مصر في موقف صعب، ولكنها لن تتردد في اتخاذ كافة التدابير التي تؤمن حدود الأمن القومي، ولن تسمح بإذابة جغرافيا الدولة الفلسطينية كما فعلت دائما بالحرص على تاريخها”.

ماذا عن “النازحين”؟

هناك جهود دبلوماسية مكثفة لإنهاء الصراع الدائر منذ أربعة أشهر ونصف الشهر قبل هجوم إسرائيلي محتمل على رفح التي يقيم فيها أكثر من مليون شخص حاليا، ويعيش العديد منهم في خيام مؤقتة ويفتقرون إلى الغذاء والدواء.

والأربعاء، دعا وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إسرائيل إلى “إعطاء الأولوية للمدنيين في مدينة رفح”.

وقال بلينكن للصحفيين إن أي “عملية عسكرية تقوم بها إسرائيل يجب أن تأخذ المدنيين في الاعتبار، أولا وقبل كل شيء”.

وحذرت وكالات إغاثة من وقوع كارثة إنسانية إذا نفّذت إسرائيل تهديدها باقتحام إحدى آخر المناطق المتبقية التي لم تدخلها قواتها خلال هجومها البري على قطاع غزة.

والأربعاء، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إنه يشعر بقلق شديد إزاء التقارير التي تفيد بأن الجيش الإسرائيلي يعتزم التركيز على رفح في جنوب غزة في المرحلة التالية من هجومه على القطاع الفلسطيني.

وفي حديثه لموقع “الحرة”، يؤكد وزير شؤون الأسرى الفلسطينيين السابق، أشرف العجرمي، أن دخول الجيش الإسرائيلي لرفح سوف يتسبب في “مجزرة بين المدنيين”.

ومن الواضح أن إسرائيل تريد الوصول لكل مكان بقطاع غزة، وسط أحاديث عن وجود 4 كتائب تابعة للقسام برفح، ويريد الجيش الإسرائيلي القضاء عليها، حسبما يشير العجرمي.

ويقول:” إذا دخل الجيش الإسرائيلي رفح في ظل وجود مليون و400 ألف مواطن فهناك احتمالية كبيرة لوقوع (مجزة كبيرة ودامية)”.

ويشير وزير شؤون الأسرى الفلسطينيين السابق، إلى أن الضغوط الأميركية بعدم المساس بالمواطنين الفلسطينيين سوف تدفع إسرائيل لـ”إخلاء مدينة رفح وإجلاء السكان نحو شمال القطاع”.

وقد تلجأ إسرائيل لنقل المواطنين الفلسطينيين من رفح إلى شمال غزة، لتخفيف حدة التوتر والمواجهات بالمنطقة، وفق العجرمي.

ويرى أن الجيش الإسرائيلي قد يضع بوابات إلكترونية تفحص كل شخص يمر من الجنوب نحو الشمال للتأكد من “عدم اندماج مقاتلي حماس مع المدنيين”، ثم القيام بعملية عسكرية برية في رفح.

ومن جانبه، يتوقع ميلاميد “إخلاء الجيش الإسرائيلي لسكان رفح ونقلهم لمناطق آمنة”.

ويقول:” إذا كان هناك عملية عسكرية واسعة النطاق فقد يتم تجهيز أماكن آمنة لاستيعاب المدنيين الذين سيتم نقلهم من رفح لمناطق أخرى”.

وسيتم نقل المدنيين لمناطق آمنة محتملة في شمال أو وسط أو شرق غزة، وكذلك كل الساحل وخاصة المواصي بجنوب غرب القطاع، وفق الخبير الاستراتيجي الإسرائيلي.

وقد يكون هناك “ممرات آمنة” لمصلحة المدنيين كما حدث سابقا في المراحل السابقة من الحرب.

ويتفق معه شتيرن الذي يتوقع نقل المواطنين الفلسطينيين إلى “نقاط أخرى”، في ظل مخاوف مصر من تواجدهم ما بعد الحدود المصرية إلى سيناء.

ويؤكد أن “هناك إمكانية لنقل المواطنين الفلسطينيين من رفح إلى الغرب أو الشمال بعيدا عن الحدود المصرية”، واصفا ذلك بـ” تحدي كبير أمام إسرائيل”.

واندلعت الحرب في قطاع غزة إثر هجوم حركة حماس غير المسبوق في إسرائيل في السابع من أكتوبر الذي أسفر عن مقتل 1200 شخصا، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.

وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل “القضاء على الحركة”، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 27840 فلسطينيا، وإصابة 67317، وفق ما ذكرته وزارة الصحة التابعة لحماس، الخميس.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *