مراسلو الجزيرة نت
القدس المحتلة- للمرة الثانية علنا منذ احتلاله في 1967 أضاء مستوطنون شموعا في المسجد الأقصى في القدس المحتلة مرتين خلال عيد الأنوار اليهودي (الحانوكا)، حيث اقتحم المسجد على مدار 5 أيام 1332 مستوطنا تحت حماية مكثفة من شرطة وقوات الاحتلال، مع تقييد غير مسبوق على دخول الفلسطينيين إلى المسجد منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
بدأ عيد الأنوار -وهو آخر موسم الأعياد للعام الجاري- مساء الخميس الماضي 7 ديسمبر/كانون الأول الجاري، واستمر وفق التقاليد اليهودية 8 أيام، لكن الاقتحام امتد في الأقصى 5 أيام فقط؛ بسبب إغلاق باب المغاربة يومي الجمعة والسبت.
قبل أسبوع من بداية العيد حشدت 9 من منظمات الهيكل المزعوم أنصارها للمشاركة في مسيرة حملت اسم “المكابيين” بموافقة وحماية شرطة الاحتلال، تطالب بطرد الأوقاف الإسلامية من الأقصى وفرض السيطرة اليهودية عليه، وتنطلق من ساحة مكتب البريد قرب باب الخليل مرورا ببابي العمود والساهرة شمالي سور القدس، وتمر من داخل البلدة القديمة والحي الإسلامي، وصولا إلى حائط البراق غربي المسجد الأقصى لإضاءة الشمعدان الكبير المنصوب هناك.
تفريغ الأقصى وغياب التغطية
اشترطت شرطة الاحتلال مشاركة 200 مستوطن في المسيرة، لكن 150 فقط شاركوا، كما انطلقت المسيرة بعد موعدها المفترض بنصف ساعة، لكن الشرطة أوقفتها بعد انطلاقها بدقائق، ومنعت تقدمها إلى باب الجديد قرب باب الخليل، وسوّغت ذلك قائلة “عصى عشرات المتظاهرين تعليمات رجال الشرطة وتقدموا دون إذنهم، وبناء على ذلك أُعلن الموكب تجمعا غير قانوني”.
أبرز منظمات الهيكل التي حشدت للاقتحام كانت منظمتا “جبل الهيكل بأيدينا” و”نساء لأجل الهيكل”، حيث أعلنت الأولى عن توفير مرشدين يوميا مجانا لمرافقة المقتحمين، كما أعلنت الأخرى عن برنامج للنساء والأطفال يضم دروسا دينية وجولات في أنحاء المسجد.
“الجبل (الأقصى) هادئ دون بني إسماعيل (العرب)، نحن فقط من نسير ونصلي هنا”.. هكذا عبّرت جماعة “نساء لأجل الهيكل” عن سعادتها بخلو المسجد الأقصى من المصلين المسلمين لأول مرة، بعد أن كانت تواجه بالمرابطين وتكبيراتهم وحلقات العلم وتلاوة القرآن تزامنا مع كل اقتحام.
وبسبب إقصاء حراس المسجد الأقصى منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وإبعادهم عن مجموعات المقتحمين نحو 50 مترا، إلى جانب منع المصلين والصحفيين من دخول المسجد عامة، وخلال ساعات الاقتحام خاصة لم يُعلم عن انتهاكات جماعات الهيكل في المسجد، إلا بقدر ما نشروه على حساباتهم الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعي.
استهداف الأقصى
تعدّ إضاءة الشمعدان (المكوّن من 8 شمعات) أبرز طقوس عيد الأنوار اليهودي، حيث يشعل المستوطنون في كل عيد شمعدانا ضخما في ساحة حائط البراق، كما ينشرون نماذج مصغرة منه على أعتاب بيوتهم في البلدة القديمة، أو الأسطح المطلة على الأقصى.
كما نصبوا خلال الأيام الماضية شمعدانا فوق “منزل شارون” في طريق الواد وعلى أعتاب منزل عائلة صب لبن في عقبة الخالدية، إضافة إلى إضاءة بلدية الاحتلال سور القدس الغربي بصور الشمعدان، وتثبيته على أعمدة إنارة الشوارع، وبعض المركبات في القدس، كمظهر من مظاهر إثبات السيادة اليهودية على المدينة.
ويحرص المستوطنون على تنفيذ الطقوس الدينية جميعها داخل المسجد الأقصى من أجل التأسيس المعنوي للهيكل المزعوم تمهيدا لبنائه فعليا مكان الأقصى، لذلك أقيمت الشمعدانات خلال السنوات الماضية عند باب المغاربة-أحد أبواب الأقصى- وأضاءها المستوطنون برفقة أعضاء في الكنيست الإسرائيلي، إلى جانب إضاءتها ليلا عند أبواب المسجد، وتحديدا باب الأسباط.
ففي 2021 وتحديدا في 29 نوفمبر/تشرين الثاني، رفع مستوطنون لافتات في الأقصى كُتب عليها “جئنا لنطرد الظلام”، وأشعلوا ولّاعات يدوية في إشارة إلى الشمعدان، كما أشعل مستوطن بعدهم بأيام شمعة صغيرة وضعها بين كفيه قرب باب الرحمة شرقي المسجد.
بعد عامين وفي 10 ديسبمر/كانون الأول الماضي (ثالث أيام العيد) نجح المستوطنون بإضاءة 3 شموع دائرية فوق أحد حجارة المنطقة الشرقية قرب باب الرحمة، ثم تمكن أحدهم في اليوم التالي من التجول بشمعة عمودية بعد إضاءتها في المنطقة نفسها وتلاوة صلوات خاصة.
#خطير| للمرة الثانية منذ بداية عيد الأنوار اليهودي (الحانوكاة).. أضاء مستوطن شمعة وتلا الصلوات داخل المسجد الأقصى، أمس الإثنين، قرب باب الرحمة شرقي المسجد.
يذكر أن مستوطنين أضاؤوا 3 شمعات داخل المسجد الأحد الماضي، في انتهاك غير مسبوق يُنفذ لأول مرة منذ احتلال المسجد الأقصى عام… pic.twitter.com/FTwcFFLHbH
— القدس البوصلة (@alqudsalbawsala) December 12, 2023
صلوات القتال
وبرز خلال هذا العيد اقتحام الأقصى من جنود في جيش الاحتلال بزيّهم الرسمي، قبل انطلاقهم للقتال في قطاع غزة والحدود اللبنانية أو بعد ذلك، كما فعل المتحدث باسم اتحاد منظمات الهيكل (أساف فريد). إلى جانب تنظيم المستوطنين صلوات جماعية داخل الأقصى لتأبين القتلى الإسرائيليين الذين سقطوا خلال معركة طوفان الأقصى.
وخلال اليوم السادس من أيام العيد (13 ديسمبر/كانون الأول) اعتقلت شرطة الاحتلال حراس المسجد الأقصى إيهاب شحادة، ومحمود الصفدي، وزين الماجد ثم أخلت سبيلهم بعد اقتيادهم إلى مركز شرطة (بيت إلياهو) قرب باب السلسلة، وذلك بحجة اعتراضهم لسائح ارتدى داخل الأقصى (الكيباه)، وهو غطاء رأس مستدير يرتديه الرجال اليهود.
يُذكر أن 1795 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى على مدار 7 أيام من عيد الأنوار (الحانوكاة) الماضي نهاية 2022، ليكشف الرقم تقاربا مع أعداد المقتحمين خلال العيد الحالي 2023، رغم تفريغ المسجد من الفلسطينيين ومضاعفة الحماية الأمنية، وانعدام الحواجز أمام المستوطنين القادمين من أنحاء فلسطين المحتلة.