أُطلق صاروخ جديد من فلوريدا، الاثنين، حاملا أول مركبة أميركية يفترض أن تهبط على القمر منذ أكثر من خمسين عاما، طورته هذه المرة شركة خاصة.
وأطلق الصاروخ “فولكن سينتور” من مجموعة “يو إل إيه” التي تضم مجموعتَي “بوينغ” و”لوكهيد مارتن” العملاقتين، ليقوم بأول رحلة له من كاب كانافيرال عند الساعة 02:18 بالتوقيت المحلي (07:18 ت غ) الاثنين من مركز كينيدي للفضاء.
وصفّق العاملون في القاعدة، وهتفوا فرحاً، عند انفصال منصة الإطلاق والمركبة الفضائية القمرية بعد نحو 48 دقيقة من دون وقوع أي حادث، وهو ما يُعد محطة رئيسية للرحلة.
وقال الرئيس التنفيذي لمجموعة “يو إل إيه” توني برونو عبر شبكة البث التابعة لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، إنه “متحمس”، لكنه أضاف “إنها نتيجة سنوات من العمل الشاق.. وحتى الآن كانت مهمة العودة إلى القمر رائعة”.
أما مدير التخطيط الاستراتيجي في “يو إل إيه” إريك موندا، فلاحظ أنه إقلاع “لا تشوبه شائبة”، مضيفاً “كان جيداً جداً، خرجت لمشاهدته”.
وطوّرت مركبة الهبوط التي تحمل اسم Peregrine شركة أستروبوتيك Astrobotic الناشئة، بدعم من ناسا، التي كلفت هذه الشركة نقل معدات علمية إلى القمر في عقد بلغت قيمته 108 ملايين دولار.
ويفترض أن يدشن هذا الاطلاق سلسلة مهمات مدعومة من وكالة الفضاء الأميركية التي ترغب في الاعتماد جزئيا على القطاع الخاص لتحقيق طموحاتها بشأن القمر.
وإذا تمكّنت شركة أستروبوتيك من الهبوط على سطح القمر كما هو مخطط في 23 فبراير، قد تصبح أول شركة خاصة تحقق هذا الإنجاز.
وفي السنوات الماضية، حاولت شركات إسرائيلية ويابانية الهبوط على سطح القمر، لكن هذه المهمات انتهت بحوادث.
وقال جون ثورنتون رئيس أستروبوتيك في مؤتمر صحفي الجمعة إن “قيادة عودة أميركا إلى سطح القمر، لأول مرة منذ أبولو، شرف عظيم”. لكنه أكد أنه يدرك صعوبة المهمة ومخاطر الفشل.
وبعد انفصال Peregrine عن الصاروخ يُفترض أن تبدأ Astrobotic تشغيل “فولكن سينتور” ومحاولة إقامة اتصال. إذا سار كل شيء على ما يرام، فستواصل المركبة بعد ذلك طريقها الى القمر.
وفور وصوله الى المدار القمري، سينتظر المسبار حتى تصبح ظروف الإضاءة مناسبة لمحاولة الهبوط.
ويقع موقع الهبوط المستهدف على الجانب المرئي من القمر قرب القباب الغامضة التي شكلتها الحمم البركانية، لكن العلماء يجدون صعوبة في تفسيرها.
وبفضل الأدوات المرسلة، ستدرس ناسا هناك تكوين السطح وكذلك الإشعاعات.
رماد بشري
وأثارت هذه المهمة الجدل أيضا لأنها تحمل رماد عدد من المتوفين، من بينهم مؤلف مسلسل وسلسلة أفلام “ستار تريك” جين رودنبري وزوجته. هي شراكة مع شركة سيليستيس المتخصصة في “الرحلات الفضائية التذكارية”.
لكن إرسال هذا الرماد إلى القمر، أثار غضب قبيلة نافاهو الأميركية الأصلية التي استهجنت “تدنيس مكان مقدس”.
وأكد مارك بيلر، نائب رئيس مجموعة “يو إل إيه” أن فولكان سينتور الذي يجري تطويره منذ حوالى 10 سنوات، يمثل “مستقبل الشركة”.
ويُفترض أن يتيح “فولكان سينتور” الذي يبلغ طوله 60 متراً لشركة “يو إل إيه” الاستعاضة عن صاروخيها “أطلس 5” و”دلتا 4″، ومنافسة “سبايس إكس” في توفير خدمات إطلاق بأسعار معقولة.
وتأمل “يو إل إيه” التي تعتزم تنفيذ ست عمليات إطلاق لصاروخ “فولكن سينتور” هذه السنة، استعادة محركاته بعد كل رحلة لزيادة ربحية نشاطاتها.
اقتصاد قمري
ومع أن ناسا لا تتولى هذه الرحلة بنفسها، فإنها تمثل خطوة كبيرة للوكالة التي تسعى إلى توفير ظروف تتيح قيام اقتصاد قمري.
ووقّعت الوكالة عقداً مع شركات عدة، من بينها “أستروبوتيك”، لإرسال تجهيزات علمية إلى القمر. ويوفر البرنامج نفسه المسمّى “سي إل بي إس” تمويلاً بالغ الأهمية للشركات.
ووقّعت الوكالة في إطار البرنامج نفسه المسمّى “سي إل بي إس” عقداً أيضاً مع شركة أميركية أخرى هي “إنتويتيف ماشينز” أسندت إليها بموجبه خدمات مماثلة.
ويتوقع أن تقلع مركبة الهبوط التابعة لهذه الشركة بواسطة صاروخ “فالكون 9” تابع لشركة “سبايس إكس” منتصف فبراير المقبل.
وأوضح المسؤول الكبير في ناسا، جويل كيرنز، أن هذه الاستراتيجية الجديدة يُفترض أن تتيح لناسا رحلات “بوتيرة وسرعة أكبر وبسعر أرخص”.
ومن المفترض أن تتيح هذه المهمات التي تدرس البيئة القمرية الاستعداد لعودة رواد الفضاء إلى القمر، وهو ما تخطط له ناسا من خلال برنامجها أرتيميس.
ولم تنجح سوى الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق والصين والهند حتى اليوم في إنزال مركبات على سطح القمر.
ومن المقرر أيضاً أن تحاول وكالة الفضاء اليابانية (جاكسا) إنزال مركبة على سطح القمر بعد أسبوعين. أما روسيا فأخفقت في محاولة مماثلة خلال الصيف الماضي.