تعود شائعة الطائرات التي ترش مواد كيميائية قاتلة “كيمتريل” للظهور مجددا على مواقع التواصل الاجتماعي ولا سيما مع إعادة إثارتها في الآونة الأخيرة من قبل سياسيين وأشخاص يقدمون أنفسهم على أنهم خبراء.
لكن هذا الادعاء لا أصل له من الصحة، والأدخنة المنبعثة من الطائرات في الفيديوهات المتداولة ما هي إلا انبعاثات عادية من محركات الطائرات تتخذ أشكالا معينة وفق عوامل فيزيائية، وفقا لخبراء.
ومن هذه الفيديوهات، مقطع جرى تداوله في الآونة الأخيرة على مواقع التواصل باللغة العربية، تظهر فيه طائرة تحلق ودخان أبيض ينبعث منها.
وجاء في التعليقات المرافقة “فيديو من طائرة يوثق قيام طائرة أخرى برش الكيمتريل في السماء”.
وأضافت المنشورات “هذا نوع من القتل العمد الذي يتعرض له البشر على يد قادة النظام العالمي الجديد”.
شائعة قديمة متكررة
وتضاف هذه الفيديوهات إلى منشورات أخرى سبق أن ظهرت في السنوات الماضية، مرفقة بمقاطع مصورة لطائرات في الجو ينبعث منها دخان أبيض، قيل إنه غاز سام اسمه “كيمتريل”. وقد أصدرت خدمة تقصي صحة الأخبار تقريرين بشأنها في العامين 2022 و2023.
وعادت الشائعة للظهور بالتزامن مع الجدل الذي أثاره نائب في البرلمان الكويتي في الآونة الأخيرة، متحدثا عن طائرات ترش “الكيمتريل”.
إزاء ذلك، نشرت وسائل إعلام محلية تقارير علمية عن هذه الانبعاثات، على غرار مقال في “الجريدة الكويتية” بعنوان “الكيمتريل في سماء الكويت: خرافة وتلاعب بعقول البشر”.
وانضم للترويج لهذه الشائعة في الأيام الأخيرة أيضا أشخاص يقدمون أنفسهم على أنهم خبراء ويروجون لنظريات مؤامرة عجيبة، على غرار أن وجود الكون والمجرات خرافة تناقض الإيمان.
فيديو مرفق لتأييد الشائعة
وعلى غرار المرات السابقة، أرفقت المنشورات المتداولة حديثا بفيديو قيل إنه يظهر طائرة ترش هذا الغاز السام المزعوم.
لكن التفتيش عن هذا الفيديو أظهر أنه منشور على حسابين في موقعي إنستغرام وتيك توك لشخص ينشر مشاهد من رحلات جوية، ولم يأت الناشر على ذكر هذه الشائعة.
حقيقة “كيمتريل”
لكن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة، وما يظهر خلف الطائرات هو مجرد أبخرة وانبعاثات عادية، كما أكد خبراء لوكالة فرانس برس.
وأفادت المراقبة في المرصد الفيزيائي لجامعة كليرمون، ناتالي أوري، أن الدخان الأبيض المنبعث من الطائرات هو عبارة عن قطرات مكثفة من بخار المياه.
وأضافت أوري لفرانس برس عام 2021 أن مستويات الرطوبة والضغط الجوي تختلف مع الارتفاع في طبقات الجو، وعند مستويات معينة تتكثف هذه الأبخرة وتظهر بشكل شبيه بالدخان الأبيض.
وبحسب مديرية الطيران المدني في فرنسا تتشكل هذه الخطوط “على ارتفاع يتراوح بين 7000 و8000 متر مع نسبة رطوبة تقارب الـ70% ودرجات حرارة أقل من 35 درجة مئوية”.
وأفادت المديرية لفرانس برس أن “النتيجة الطبيعية لهذه العوامل الفيزيائية هو تشكل البخار المكثف الذي يظهر على شكل خطوط بيضاء”.
وقال نائب مدير وحدة SAFIRE للأبحاث الجوية في فرنسا، جان-كريستوف كانونيسي، لفرانس برس عام 2021 إن الأبخرة الناجمة عن احتراق وقود الطائرة تخلق طبقة من الهواء الساخن فوق طبقة أكثر برودة فتعلق قطرات المياه وتتمدد أفقيا مشكلة خطوطا بيضاء.
كيف يحدث التكثيف؟
تُخرج الطائرة بخار الماء أثناء تحليقها. وهي – كما يشرح جان كريستوف كانونيسي – “قطرات صغيرة من الماء ناتجة عن احتراق الغازات (في المفاعلات)، تختفي بسرعة كبيرة في الكتل الهوائية الأكثر جفافا”.
ويضيف كانونيسي أن الطائرات تخرج أيضا جسيمات ناتجة عن احتراق الوقود تجتذب بخار الماء ليظهر بهذا الشكل الأبيض.
من ناحية أخرى، قد تضطر بعض الطائرات إلى تفريغ وقودها أثناء إجراءات الطوارئ. ويوضح المكتب الفدرالي السويسري للطيران المدني (FOCA) أن ذلك يجري تحديدا مع طائرات المسافات الطويلة التي يجب أن تحترم “ارتفاع طيران كاف” من أجل “منع أي تلوث للأرض والمياه” مؤكدا أن الوقود “يتبخر بمجرد أن يغادر الخزان في شكل قطرات صغيرة”.