قالت صحف إسرائيلية صادرة الأحد إن عملية جيش الاحتلال التي استعاد فيها 4 من الأسرى الإسرائيليين في مخيم النصيرات بقطاع غزة تعد نصرا تكتيكيا، وليس إستراتيجيا.
وقد رأى رئيس شعبة الاستخبارات الأسبق في الجيش الإسرائيلي عاموس مالكا -في مقال بصحيفة “إسرائيل اليوم”- أن عملية النصيرات كانت أكثر تعقيدا من عملية عنتيبي عام 1976 التي حرر فيها الجيش الإسرائيلي في أوغندا 101 رهينة احتجزتهم مجموعة فلسطينية.
بيد أن الكاتب بن كسبيت -أبرز محللي صحيفة “معاريف”- كتب مقالا بعنوان “إستراتيجية مشينة” قال فيه “صحيح أن هذه العملية أعادت إلينا شيئا من ثقتنا المفقودة بأنفسنا وإيماننا بقدراتنا، ولكن ينبغي للمرء ألا يرتبك: فحتى في اليوم التالي لهذا السبت السحري، ستشرق الشمس من المكان نفسه، وسيظل الوضع الإستراتيجي لإسرائيل أيضا في المكان نفسه: عالقا. وهناك 120 أسيرا آخرين في أسر حماس، مما يعني أننا بحاجة إلى 30 عملية أخرى من هذا النوع!”.
وأضاف “لا تزال الجبهة الشمالية مشتعلة ولا نهاية لها في الأفق. ولا يزال النازحون من الشمال يقيمون في الفنادق. أولئك الذين عادوا إلى ديارهم في الجنوب لا يشعرون بالأمان على الإطلاق. إن شرعية إسرائيل تنهار، والعالم يقف ضدنا مرة أخرى بشكل كامل، والجبهات ضدنا تتعزز وتتوحد، والمفاوضات بشأن صفقة الرهائن ووقف إطلاق النار عالقة”.
واعتبر الكاتب أن “النجاح في تحرير 4 أسرى لن يغير الوضع الإستراتيجي المخزي”، وشن هجوما لاذعا على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بسبب طريقته في إدارة الحكومة، وقال إن “نتنياهو يحتاج إلى شركاء فقط ليتقاسم معهم الثمن، وليس البضائع. لو كان وطنيا إسرائيليا حقيقيا لكان حدد معهم موعدا متفقا عليه للانتخابات، ودعا لبيد وليبرمان إلى الانضمام إلى الحكومة بحلول ذلك الوقت، وأقال بن غفير وسموتريتش. وهذا ما كان نتنياهو سيفعله قبل أن يصبح دمية في يد اليمين المتطرف”.
الغرق في الحفرة
أما ناحوم برنياع الكاتب والمحلل السياسي الشهير في الصحافة العبرية، فقد كتب في يديعوت أحرنوت أن “الجهد الاستثنائي الذي بذل في إنقاذ هؤلاء الأربعة وكذلك الثلاثة الذين أنقذوا من قبل يذكرنا بقيود القوة. يوجد في هذه اللحظة في غزة قرابة 120 مخطوفا. وحسب تقديرات الجيش الإسرائيلي، فإن نحو نصفهم على قيد الحياة. لا توجد طريقة لإنقاذهم جميعهم -ولا حتى معظمهم- في عمليات عسكرية”.
وأضاف “إذا كان ثمة أحد ما يؤمن بأن عملية أمس تعفي الحكومة من صفقة، فإنه يعيش في وهم. العكس هو الصحيح. الفرح لإنقاذ الأربعة يجسد فقط بالملموس الحاجة إلى الصفقة”.
واعتبر أن “العملية لم تعف أحدا من المشاكل التي تواجهها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لا المشكلة في الشمال، ولا المشكلة في غزة، ولا جملة المشاكل التي تهدد إسرائيل في الساحة الدولية. في كل واحد من هذه المواضيع تواصل الحكومة الغرق في الحفرة التي حفرتها لنفسها. لن تضر العودة -في هذا السياق- إلى المشورة الخالدة لدنيس هيلي، الذي كان وزير الدفاع البريطاني: عندما تكون في حفرة، كُف عن الحفر”.
بعيدون عن النصر المطلق
أما الكاتب المعروف والمحلل العسكري في هآرتس عاموس هرئيل، فقد أكد أن “هذا الإنجاز لا يبشر بتغيير إستراتيجي على صورة الحرب. في الأشهر الثمانية التي مرت منذ اختطاف أكثر من 250 جنديا ومدنيا إسرائيليا، تم إنقاذ 7 مخطوفين في 3 عمليات مختلفة. ومن المرجح أن حماس ستعمل الآن على تعزيز حراسة المخطوفين الأحياء الذين بقوا في الأسر، وستحاول تعلم الدروس من نقاط الضعف التي تم اكتشافها في المنظومة الدفاعية لها”.
وأضاف “من غير المنطقي توقع أنه سيتم تحرير المخطوفين المتبقين، 120 مخطوفا، الذين جزء كبير منهم أموات، بطريقة مشابهة”.
وفي حين اعترف بأن الأسرى المحررين “حصلوا على معاملة معقولة نسبيا”، فقد أشار إلى “أن ظروف المحتجزين في الأنفاق أصعب، وليس لديهم وقت طويل لانتظار تحقق ظروف عملياتية مناسبة”.
وخلص الكاتب إلى القول إن “إسرائيل غير قريبة من النصر المطلق في القطاع، وإعادة عدد كبير من المخطوفين سيحدث فقط كجزء من صفقة ستقتضي تنازلات كبيرة”.